03-أغسطس-2024
بسام معطر جمعية عتيد

بسام معطر: المناخ السياسي في تونس غير مناسب حاليًا لإجراء انتخابات رئاسية

 

أكد رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، بسام معطر، أنّ توجه هيئة الانتخابات في تونس إلى نشر قائمة المزكّين بالنسبة للمترشحين للانتخابات الرئاسية فيه خرق لقانون المعطيات الشخصية.

ودعا بسام معطر هيئة الانتخابات في تونس إلى ضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين للانتخابات الرئاسية 2024 والتراجع عن تقليص التمويلات المرصودة للحملات الانتخابية.

هذه المواضيع وغيرها تقرؤونها في حوار خاص لرئيس جمعية "عتيد" مع "الترا تونس".

رئيس جمعية عتيد بسام معطر لـ الترا تونس": كان من المفترض الإعلان عن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية مبكرًا، وذلك لإتاحة الفرصة لكل من يفكر في الترشح لهذه الانتخابات لإعداد ملف ترشحه وجمع التزكيات

  • أولاً، ماهي ملاحظات جمعية "عتيد" بشأن انطلاق المسار الانتخابي لرئاسيات 2024؟

لاحظنا أنّ الإعلان عن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية لسنة 2024 جاء متأخرًا على الرغم من أنه تمّ في الآجال القانونية، فقد تمّ تحديد موعد الانتخابات عقب صدور أمر دعوة الناخبين بالرائد الرسمي.

ونحن نرى أنه كان من المفترض أن يتمّ الإعلان عن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية مبكرًا، وذلك لإتاحة الفرصة لكل من يفكر في الترشح لهذه الانتخابات لإعداد ملف ترشحه وجمع التزكيات في مدة زمنية هامة.

كما لا حظنا أنّ هيئة الانتخابات في تونس قامت بتنقيح القرار عدد 18 لسنة 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية وإضافة شروط وقواعد جديدة للترشح غير موجودة في القانون الانتخابي.

وكنا قد دعونا إلى ضرورة أن يتلاءم القانون الانتخابي مع الدستور خصوصًا فيما يتعلّق بشروط الترشح للرئاسية، واقترحنا حينها تنقيح القانون الانتخابي إما بمبادرة من رئيس الدولة أو الحكومة أو مجموعة من نواب البرلمان، وهو ما لم يحدث. وبعد ذلك تدخلت هيئة الانتخابات وقامت بتنقيح القرار عدد 18 لسنة 2024 عن طريق قرار ترتيبي وهذا غير ممكن.

بسام معطر لـ"الترا تونس": هيئة الانتخابات قامت ببعض الاجتهادات عند تنقيح القرار المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح، وأضافت إجراءات جديدة مثل البطاقة عدد 3، وشروطًا أخرى ستجعل عملية الترشح أصعب 

وطبعًا هذه الإشكالية قد يترتب عنها في الفترات القادمة تقديم طعون تتعلق بشروط الترشح ومدى قانونيتها من عدمه، لذلك نحن نرى أنّه كان الأجدر الابتعاد عن مثل هذه الإشكاليات التي لا تخدم المسار الانتخابي.

مع العلم أنّ القانون الانتخابي يفرض أن يكون المسار الانتخابي سليمًا لضمان ثقة المترشحين والناخبين على حدٍّ سواء.

كما أنّ هيئة الانتخابات عند قيامها بتنقيح القرار عدد 18 لسنة 2024، قامت ببعض الاجتهادات وأضافت إجراءات جديدة مثل البطاقة عدد 3، إضافة إلى شروط أخرى ستجعل عملية الترشح أصعب مما كانت عليه في السابق.

فضلًا عن أنه لم تتم مراجعة بعض الإجراءات والشروط المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية والترشح وجمع التزكيات.

  • هل يمكن أن تؤثر هذه الإشكاليات سلبًا على المسار الانتخابي وعلى حظوظ المترشحين؟

نعم بالتأكيد سيكون لها تأثير لافت، خصوصًا فيما يتعلق بعملية إعداد ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية جراء صعوبة جمع التزكيات وأيضًا مواجهة صعوبات أثناء تجميع الوثائق المطلوبة لتدعيم ملف الترشح.

بسام معطر لـ"الترا تونس": بعض الوثائق المطلوبة يرتبط الحصول عليها بالإدارة وهو ما قد يتسبب في تعطلها دون أن ننسى تعرض المكلفين بجمع التزكيات لبعض المترشحين لتضييقات وهذا يضُر بالمسار الانتخابي

إضافة إلى ذلك فإنّ بعض الوثائق المطلوبة مثل بطاقة السوابق العدلية المعروفة بالبطاقة عدد 3، يرتبط الحصول عليها بالإدارة وهو ما قد يتسبب في تعطلها خصوصًا وأنّ الإعلان عن موعد الانتخابات جاء متأخرًا كما قلت لك سابقًا.

دون أن ننسى أيضًا تعرض المكلفين بجمع التزكيات لبعض المترشحين المحتملين لتضييقات، وهذا يضُر بالمسار الانتخابي ويُفقد الناخب الثقة اللازمة فيه، ويجعل منه مسارًا تحوم حوله عديد الإشكاليات والتساؤلات التي لا تخدم مدى مشروعيته وقد تؤثر على نسب المشاركة.

  • كيف تقيمون المناخ السياسي في تونس، وهل هو مناسب لإجراء انتخابات رئاسية؟

أعتقد أنّ المناخ السياسي في تونس في الوقت الحالي غير مناسب لإجراء انتخابات رئاسية، وكان من الأجدر أن تتم تنقية هذا المناخ لإجراء عملية انتخابية سليمة لا يغلُب فيها طابع التشنج وخطاب التحريض والكراهية.

وبالتركيز على الإشكاليات التي تشوب العملية الانتخابية الحالية، فإنّ الأجواء ليست مناسبة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.

بسام معطر لـ"الترا تونس": المناخ السياسي في تونس غير مناسب حاليًا لإجراء انتخابات رئاسية، وكان من الأجدر أن تتم تنقيته لإجراء عملية انتخابية سليمة لا يغلُب فيها طابع التشنج وخطاب التحريض والكراهية

  • أكد بعض المترشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية حرمانهم من حقهم في الحصول على بطاقة السوابق العدلية المعروفة بالبطاقة عدد 3، فهل يمسّ ذلك من مصداقية العملية الانتخابية؟

نعم هذا يمسّ من مصداقية العملية الانتخابية، لأنّ توجه أيّ مواطن تونسي إلى السلط المعنية للحصول على البطاقة عدد 3 هو حق مدنيّ ودستوريّ، وحرمان أي مواطن من الحصول على البطاقة دون وجود مانع هو مسّ من تلك الحقوق.

فمن حق أي مواطن تونسي الحصول على الخدمات الإدارية والوثائق اللازمة دون أي تضييقات أو إقصاء.

  • تتوجه هيئة الانتخابات إلى نشر قائمة المزكّين بالنسبة للمترشحين للانتخابات الرئاسية، هل يخرق هذا التوجه قانون حماية المعطيات الشخصية؟

عندما يكون المناخ السياسي متشنجًا، فإنّ توجه هيئة الانتخابات نحو نشر أسماء ومعطيات بشأن المزكين فيه مسّ من معطياتهم الشخصية ويكشف عن أفكارهم السياسية وتوجهاتهم للعموم.

بسام معطر لـ"الترا تونس": توجه هيئة الانتخابات نحو نشر أسماء ومعطيات بشأن المزكين فيه مسّ من معطياتهم الشخصية ويكشف عن أفكارهم السياسية وتوجهاتهم للعموم ما قد يدفع المزكّي إلى التراجع عن التزكية

هذا التوجه سيسلط نوعًا من الضغوطات على المُزكي ما قد يدفعه إلى التراجع عن تزكية الشخصية السياسية التي يدعمها خوفًا من التضييقات أو التتبعات التي قد يتعرض إليها، كما ستكون سببًا في حرمان بعض المرشحين المحتملين من جمع أعداد التزكيات المطلوبة.

ويمكن لهيئة الانتخابات أن تتثبت من صحة التزكيات عن طريق الآليات والطرق التي تم اعتمادها في وقت سابق، دون أن يتمّ خرق قانون حماية المعطيات الشخصية للأفراد المزكين.

  • كيف تقيم المناخ الانتخابي الحالي مقارنة بالتجارب الانتخابية السابقة؟

بالطبع حدثت عديد التغييرات في الساحة السياسية في تونس، فقد تغير المناخ السياسي والقانون الانتخابي مع تقلص الحياة السياسية في تونس بشكل لافت، يبرز من خلال غياب الأحزاب السياسية عن المحطات الانتخابية التي شهدتها تونس مؤخرًا.

في الانتخابات الرئاسية التي عرفتها تونس سابقًا كانت هناك توجهات سياسية معلومة وهذا غاب عن انتخابات 2024، كذلك اليوم هناك استقطاب إما مع السلطة وإما ضدها ولا يوجد تعددية إلى جانب الغموض الذي يلف العملية الانتخابية برمتها وهو ما قد يجعل من الناخبين غير قادرين على معرفة المترشحين بشكل جيد والتعرف على برامجهم الانتخابية.

بسام معطر لـ"الترا تونس": هناك استقطاب إما مع السلطة وإما ضدها ولا يوجد تعددية إلى جانب الغموض الذي يلف العملية الانتخابية برمتها وهو ما قد يجعل من الناخبين غير قادرين على معرفة المترشحين بشكل جيد

إذًا المناخ السياسي في تونس تغير مع تغير نظام الحكم، والمناخ الانتخابي سابقًا كان يتميز بوجود حوار وتداول وتعددية، إلى جانب الحضور اللافت والبارز لوسائل الإعلام في تغطية الانتخابات وتقديم المترشحين للجمهور.

وهذا غير متوفر اليوم أمام تعرض وسائل الإعلام إلى ضغوطات وتهديدات ومحاكمة إعلاميين بارزين في تونس.  

  • في العمليات الانتخابية التي عرفتها تونس بعد 25 جويلية 2021، لاحظنا تراجعًا لافتًا في عدد الملاحظين، بماذا تفسر هذا التراجع؟

في الحقيقة هناك سببان لهذا التراجع، أولهما المناخ العام الذي تراجعت فيه قيمة التطوع في العمل الميداني وتأثرت على امتداد السنوات التي تلت الثورة بطبيعة الأنظمة التي حكمت تونس.

وعمل منظمات المجتمع المدني المختصة في الشأن الانتخابي شهد طفرة في السنوات الأولى التي تلت الثورة التونسية، ثم بدأ في التراجع تدريجيًا بتراجع الموارد المالية والبشرية.

وتكوين ملاحظين لمراقبة العملية الانتخابية يحتاج إلى تمويلات كبرى، غير أنّ هذه التمويلات تراجعت بشكل لافت خصوصًا وأن تونس لا تعطي تمويلات للمجتمع المدني لمراقبة الانتخابات مقابل تراجع التمويلات الدولية.  

بسام معطر لـ"الترا تونس": منظمات المجتمع المدني كانت حاضرة بقوة في الفترات الانتخابية السابقة من خلال توفير أكثر من 4 آلاف ملاحظ خصوصًا في انتخابات 2014، وفي ظل التمويلات اللازمة موجودة

وفي الفترات الانتخابية السابقة كانت منظمات المجتمع المدني حاضرة بقوة من خلال توفير أكثر من 4 آلاف ملاحظ خصوصًا في انتخابات 2014، وفي ظل التمويلات اللازمة موجودة.

  • إذًا، هل ستواصل جمعية "عتيد" دورها الرقابي من خلال مراقبة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024؟

نعم انطلقنا رسميًا في عملية تكوين الملاحظين، وبدأنا من خلال تجهيز ملاحظين للنواة الأولى في العملية الانتخابية وهي مراقبة تقديم الترشحات والطعون.

كذلك سنسعى لتوفير أكبر عدد ممكن من الموارد البشرية لملاحظة الانتخابات الرئاسية، وفي حال تم المرور إلى دورة ثانية من الرئاسية فسيكون علينا توفير أعداد أكبر من الملاحظين.

  • حسب التقريب، كم هو عدد الملاحظين التي ستوفره جمعية عتيد لمراقبة الانتخابات المقبلة؟

نسعى لتكوين ما بين 600 إلى 700 ملاحظ لمراقبة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي حال تم توفير تمويلات إضافية لنا سنعمل على أن يكون العدد أكبر من ذلك.

بسام معطر لـ"الترا تونس": يجب أن تحرص هيئة الانتخابات على ضمان مبدأ تكافؤ الفرص للمترشحين لهذا الاستحقاق الانتخابي كما يجب أن تتراجع عن التوجه نحو التقليص في سقف تمويلات الحملات الانتخابية

  •  أخيرًا، ماهي توصياتكم لتحسين العملية الانتخابية وتنقية المسار الانتخابي؟

طبعًا يجب أن تحرص هيئة الانتخابات على ضمان مبدأ تكافؤ الفرص للمترشحين لهذا الاستحقاق الانتخابي وضمان والمساواة فيما بينهم طبقًا للقانون، إضافة إلى توفير المناخ الملائم لكافة المترشحين للقيام بحملاتهم الانتخابية بجميع الوسائل الممكنة لإيصال برامجهم والتواصل مع الناخبين.

أيضًا يجب على هيئة الانتخابات أن تتراجع عن توجهها نحو التقليص في سقف التمويلات الموجهة للحملات الانتخابية، واحتساب هذه التمويلات بطريقة علمية لأنه بالنظر إلى التضخم وارتفاع الأسعار فإنه يجب الترفيع في التمويل عوض التقليص فيه.

كما يجب على هيئة الانتخابات أن تتعامل مع وسائل الإعلام بسلاسة حتى تكون وسيلة أمام المترشحين للتفاعل مع المواطنين والتعريف ببرامجهم الانتخابية.

 

واتساب