23-سبتمبر-2022
جمهور كرة القدم في تونس

يحظى ملعب المنزه بمكانة مميّزة لدى الجماهير الكروية في تونس (صورة توضيحية/كريم جعفر/أ.ف.ب)

 

"من زار ملعب المنزه سابقًا و حضر مباراة داخله سيخبرك أنه من أفضل الملاعب على الإطلاق إذ يمكن مقارنته بملعب مدريد بإسبانيا، له نكهة خاصة في الماضي وأتمنى أن يعود رونقه مثلما كان"، كانت هذه كلمات محرز الجبالي في حديثه لـ"الترا تونس" عن الملعب الأولمبي بالمنزه، الذي يحظى بمكانة مميّزة لدى الجماهير الكروية في تونس.

محرز الجبالي لـ"الترا تونس": "من زار ملعب المنزه سابقًا وحضر مباراة داخله سيخبرك أنه من أفضل الملاعب على الإطلاق، له نكهة خاصة في الماضي وأتمنى أن يعود رونقه مثلما كان"

فمنذ إنجازه سنة 1967 كان شاهدًا على عديد الأحداث الرياضيّة والفنيّة التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة مرتاديه، وكما قال شاعر الحب محمود درويش: "بدون الذاكرة لا توجد علاقة حقيقية مع المكان" وذاكرة المكان لا تخون.

 

 

"ألترا تونس" نبش في ذاكرة بعض "ساكني مدارج المنزه"، وتجدون تفاصيل قصصهم في هذا التقرير.


  • "ملعب المنزه كان مخصّصًا لسباق الدراجات الهوائية سابقًا"

كان العم صالح بن محمد (65 سنة، متقاعد) من المتساكنين الذين يحاذون الملعب وقد واكب جلّ الاحداث المرتبطة به وحضر جلّ المباريات التي أقيمت فيه مع مشجعي فرق مختلفة.

العم صالح بن محمد مسترجعًا تفاصيل طفولته: "عشت تطورات عدّة مع ملعب المنزه، كان مخصصًا لسباق الدراجات الهوائيّة وتم على أنقاضه إنشاء الملعب الحالي وكان يحمل اسم ملاكم تونسي يهودي"

يقول لـ"الترا تونس" مسترجعًا تفاصيل طفولته: "عشت تطورات عدّة مع ملعب المنزه وكنت أستمتع بقصص والدي الذي يسرد لي تاريخه، وممّا أذكره أنّ الملعب كان مخصصًا لسباق الدراجات الهوائيّة (vélodrôme وقد تم على أنقاضه إنشاء ملعب المنزه بمناسبة ألعاب البحر الأبيض المتوسط. وكان يحمل اسم فيكتور بيريز أو كما يعرف بيونغ بيريز، وهو ملاكم تونسي يهودي محترف وهو أصغر بطل عالم في تاريخ الملاكمة و إلى يومنا هذا لم يحطم أحد رقمه القياسي".

ويضيف العم صالح أنه "بين سنتي 1930 و 1940 كان ملعب المنزه هو الملعب الرسمي للفريق القومي بطاقة استيعاب 5000 متفرج وغالبًا ما يستغلّ من قبل فريق الاتحاد الرياضي التونسي.وقد وقع ترميم الملعب سنة 1994 بمناسبة كأس الأمم الإفريقية وكان يحتضن المقابلات الرسمية إلى سنة 2001، تاريخ تدشين الملعب الأولمبي برادس".

وعن أهمّ الأحداث التي عايشها، يؤكد العم صالح بن محمّد  لـ"الترا تونس" أنّ الملعب ضمّ مقابلة ترشح تونس لكأس العالم في الأرجنتين، كما احتضن مباريات مهمة، مضيفًا أنّ من أهم الشخصيات الفنية التي زارت الملعب هو الفنان العالمي مايكل جاكسون سنة 1996".

العم صالح بن محمد لـ"الترا تونس": "لقد كانت الأجواء في السابق أكثر حماسية والأوضاع آمنة وأفتقد كثيرًا العلاقات الحميمية التي كانت تجمع المشجعين"

وفي ختام حديثه، يقول محدّثنا: "لقد كانت الأجواء في السابق أكثر حماسية والأوضاع آمنة، وحتى إن وجدت أعمال شغب فهي ليست بالبشاعة التي نجدها اليوم، وأفتقد كثيرًا العلاقات الحميمية التي كانت تجمع المشجعين".

 

 

  • "الخيّالة كانوا يلاحقون الجماهير الرياضية في المناسبات الكبرى"

هشام الحاجي، هو أحد مشجّعي النادي الإفريقي ومنذ سنة 1983 لم يفوّت أي مباراة لناديه المفضّل. عاش في ملعب المنزه لحظات نشوة ولحظات انكسار عند الهزائم وعاصر فترة تتم فيها مشاهدة ثلاث مباريات في يوم واحد. إذ يقول في حديثه لـ"ألترا تونس": "بدأت علاقتي مع ملعب المنزه منذ 1975 وعندي الكثير من الذكريات منها تعسّف أعوان الأمن خاصة في المناسبات الكبرى ولا تغيب عن ذهني صورة الخيّالة الذين يلاحقون الجماهير بشدة و أيضًا اللقاءات الجانبية في المقاهي القريبة من الملعب بين أحباء كل الفرق والعودة على الأقدام إلى العاصمة لمن لا يملك سيارة ".

هشام الحاجي، من مشجّعي الإفريقي لـ"الترا تونس": "بدأت علاقتي مع ملعب المنزه منذ 1975 ومن ذكرياتي اللقاءات الجانبية في المقاهي القريبة من الملعب والعودة على الأقدام إلى العاصمة"

يتمسّك هشام بالجلوس في الأماكن المكشوفة داخل الملعب، اعتقادًا منه أنّ في ذلك تفاؤلاً بفوز ناديه، ومن أكثر المقابلات التي لم تمح من ذاكرته تصفيات كأس العالم سنة 1978 ضد المغرب والجزائر ومصر ودربي  1976 ومقابلة 5 ماي 1985 الشهيرة إلى جانب نهائي بطولة إفريقيا سنة 1991، على حدّ تعبيره.

  • "كنت أتغيّب عند الدراسة لحضور المباريات"

لم ينس حمدي النحلي أولى المباريات التي حضرها بملعب المنزه سنة 1994 وكانت بين فريق الترجي الرياضي التونسي والزمالك المصري  وتفاصيل ذلك اليوم مازالت محفورة في ذهنه إلى اليوم، يقول لـ"الترا تونس" "في تلك المباراة اقتنيت تذكرة دخول بـ 15د وتعتبر باهضة الثمن في ذلك الزمن. تغيبت يومها عن المعهد أنا وأصدقائي وأخفيت عن أمي تلك الحقيقة خوفًا من أن ترفض ذهابي للملعب".

استقل حمدي قطار الضاحية الجنوبية، من حمام الأنف إلى محطة برشلونة بالعاصمة وكان مليئاً بالمشجعين. على امتداد ساعتين، كان طفل الرابعة عشرة مذهولاً بالمشاهد الحماسيّة للمشجّعين إلى أن داهم رجال الأمن القطار  ليقوموا بعملية تفقد وقاموا بمنع من يملكون موادًا حادّة ومشروبات كحولية من مواصلة الرحلة وحضور المباراة، حسب ما رواه محدّثنا لألترا تونس.

حمدي النحلي، من مشجعي الترجي لـ"الترا تونس": تغيبت عن الدراسة لحضور أول مباراة تابعتها في ملعب المنزه سنة 1994، عندما سجل الترجي هدفه الأول، سحرت بمشهد لم أره من قبل في حياتي

ويضيف النحلي:  "عندما وصلنا للمحطة لم نجد وسائل نقل للذهاب إلى ملعب المنزه فاضطررنا للسير على الأقدام وفور وصولنا لم أجد مكاناً اجلس فيه فطلبت من أحد المشجعين أن يمكّنني من الاستراحة قليلاً فغضب مني وقال لي إنه وقت التشجيع لا الراحة".

عندما سجل الترجي هدفه الأول، سحر حمدي النحلي بمشهد لم يره من قبل في حياته، تشجيع وغناء وتصفيق، أجواء حماسية جعلته يدمن الذهاب للملعب باستمرار. ورغم تسجيل الترجي لـ 3 أهداف، إلّا أنّه عاد حزينًا للمنزل لأنّه بسبب حجمه الصغير لم يستطع أن يفتكّ مكانه وسط بقيّة الجمهور، يقول "عدت متعبًا جدًا.. وبعد أربع سنوات من تلك المباراة، أجريت مباراتي الأولى مع فريق حمام الأنف في ملعب المنزه".

 

حمدي النحلي

حمدي النحلي

 

 

  • "ملعب المنزه يشابه ملعب مدريد باسبانيا"

"دخلت ملعب المنزه لأول مرة سنة 1990، وقتها ذهبت مع أقاربي وكان عمري 6 سنوات، ودخلته وحدي لأول مرة في سنّ 13 سنة ومن لحظتها بدأت قصتي مع الفيراج"، هكذا تحدّث محرز الجبالي لـ"ألترا تونس" عن ملعب المنزه الذي يعتبر أنّ "له فرجة نوعيّة وخاصّة تختلف عن بقيّة الملاعب".

محرز الجبالي لـ"ألترا تونس": لملعب المنزه فرجة نوعيّة وخاصّة تختلف عن بقيّة الملاعب"

سنة 1999 كانت سنة فارقة في رحلة محرز داخل أروقة الملعب، وقتها أجريت مباراة بين النادي الإفريقي والترجي الرياضي التونسي وفي نهاية المقابلة، حدثت مشاكل ونزاعات بين الفريقين وتدخّل رجال الأمن وتمّ إيقاف مجموعة كبيرة من الشباب ونجح محدّثنا في النجاة بأعجوبة من هذه الإيقافات.

ويضيف محدّث "الترا تونس" قائلًا: "مواعيد حضورنا في ملعب المنزه كانت قارّة وأتذكر أني أستقلّ الميترو للوصول، ولكن بعد نهاية المباراة تتوقف حركة السير فنضطرّ للمشي سيرًا على الأقدام للوصول إلى منازلنا، لكنّ حبنا لفريقنا يجعلنا لا نهتم لمثل هذه الظروف".

 

محرز الجبالي

محرز الجبالي