03-سبتمبر-2024
أنس الحمادي جمعية القضاة إضراب

جمعية القضاة: هيئة الانتخابات دأبت على اعتماد شهادات في منطوق القرارات الصادرة عن الجلسة العامة (صورة أرشيفية/ getty)

الترا تونس - فريق التحرير

(نشر بتاريخ 2024/9/03 على الساعة 20.30)

 

دعت جمعية القضاة التونسيين، وفق بيان أصدره الثلاثاء 3 سبتمبر/أيلول 2024، هيئة الانتخابات إلى "التراجع عن موقفها المعلن عنه وتطبيق أحكام المحكمة الإدارية النافذة والباتة دون أي اجتهاد أو تلكؤ احترامًا لدولة القانون وسيادته ولقيم الديمقراطية ولموجبات الاختصاص الموكولة إليها في الإشراف على المسار الانتخابي بكل نزاهة وأمانة وحياد".

جمعية القضاة التونسيين: ندعو هيئة الانتخابات إلى التراجع عن موقفها المعلن عنه وتطبيق أحكام المحكمة الإدارية النافذة والباتة دون أي اجتهاد أو تلكؤ

وجدّد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، تأكيده على أن ولاية الهيئة على المسار الانتخابي "لا يضعها فوق سلطة القضاء ورقابة المحاكم وخاصة رقابة المحكمة الإدارية طبق القانون الانتخابي الذي لا يحتاج شرحًا ولا تأويلًا في هذا الخصوص وأن قولها بخلاف ذلك يقوض مقومات دولة القانون ويفتح بابًا للتعسف ولتجاوز السلطة غير مسبوقين كما يقوض موقع القضاء في فض النزاعات بالطرق السلمية وتوفير مقتضيات الأمان القانوني كشرط أساسي للاستقرار المجتمعي".

وقد نبّهت جمعية القضاة، إلى "خطورة القرار الذي اتخذته الهيئة بعدم الإذعان لقرارات المحكمة الإدارية لما يمثله من نسف لجوهر دولة القانون ولما يعنيه من إلغاء غير مسبوق لدور القضاء في النزاع الانتخابي"، ولاحظت أنه وطبق القواعد القانونية المعمول بها فإن شرح الأحكام وتفسيرها، إن اقتضت الضرورة ذلك، لا يقوم به أطرافها أو أي جهة أخرى وإنما هو اختصاص حصري موكول للمحكمة مصدرة ذلك الحكم دون غيرها، وفقها.

جمعية القضاة التونسيين: ولاية هيئة الانتخابات على المسار الانتخابي لا يضعها فوق سلطة القضاء ورقابة المحاكم وخاصة رقابة المحكمة الإدارية

ويأتي بيان جمعية القضاة، على إثر إعلان رئيس هيئة الانتخابات قائمة المترشحين نهائيًا للانتخابات الرئاسية "دون الأخذ بما جاء بأحكام المحكمة الإدارية ودون تنفيذها وهي الأحكام التي ألغت قرارات الهيئة برفض ترشحات ثلاثة من المترشحين الذين تقدموا بطعون للمحكمة بما يعني إرجاعهم لسباق الانتخابات الرئاسية وإدراج أسمائهم بالضرورة ضمن القائمة النهائية للمترشحين بمعية باقي المترشحين المقبولين".

وسجّلت الجمعية أنّ "المحكمة الإدارية تولت تباعًا وبمجرد التصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النزاع تطبيقًا للفصل 24 من قرار هيئة الانتخابات المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية التي تقتضي أن (تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه)".

جمعية القضاة التونسيين: رفض هيئة الانتخابات تطبيق أحكام المحكمة الإدارية، يقوّض مقومات دولة القانون ويفتح بابًا للتعسف ولتجاوز السلطة غير مسبوقين

وشدّدت جمعية القضاة التونسيين، على أنّ "أحكام الفصل 47 من القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء قد اقتضت أن (تتولى الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية إثر المرافعة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في أجل خمسة أيام من تاريخ جلسة المرافعة. وتأذن المحكمة بالتنفيذ على المسودة، وتكون قراراتها باتّة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب)".

ولفتت الجمعية إلى أنّ النزاع الانتخابي بما هو نزاع ذو خصوصية تتسم إجراءاته بالقصر والاستعجال في ارتباطها بالرزنامة الانتخابية وأن الإذن بالتنفيذ على المسودة فيه يجعل الإعلام بالحكم المقتصر على منطوقه إعلامًا قانونيًا كما أن عدم قابلية تلك الأحكام للطعن بأي وسيلة ولو بالتعقيب لنفس الخصوصية الاستعجالية يقتضي تنفيذها فوريًا وترتيب الآثار القانونية عليها دون التعلل بالمطالبة بالاطلاع على مستنداتها ودون أي إمكانية لمناقشتها وتأويلها، وفق بيانها.

جمعية القضاة التونسيين: القرار الذي اتخذته هيئة الانتخابات بعدم الإذعان لقرارات المحكمة الإدارية، قرار خطير باعتباره ينسف جوهر دولة القانون وما يعنيه من إلغاء غير مسبوق لدور القضاء في النزاع الانتخابي

وأشارت جمعية القضاة إلى أنّ "هذه القراءة السليمة للنص ولإرادة المشرع الذي وضعه هي التي أخذت بها هيئة الانتخابات نفسها وطبقتها في الاستحقاقات الانتخابية السابقة طبق الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت/أغسطس 2014 المشار إليه آنفًا".

كما ذكّرت الجمعية بأنّ هيئة الانتخابات دأبت على اعتماد شهادات في منطوق القرارات الصادرة عن الجلسة العامة وعدم انتظار التوصل بنسخ القرارات من ذلك ما ورد في اطلاعات قرارها عدد 27 لسنة 2019 المؤرخ في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، وقرارها عدد 30 لسنة 2019 المؤرخ في 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية لسنة 2019، وكذلك قرارها عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 16 أوت/أغسطس 2022 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للاستفتاء على مشروع دستور جديد للجمهورية التونسية يوم الاثنين 25 جويلية/يوليو 2022.

جمعية القضاة التونسيين: شرح الأحكام وتفسيرها، إن اقتضت الضرورة ذلك، لا يقوم به أطرافها أو أي جهة أخرى وإنما هو اختصاص حصري موكول للمحكمة مصدّرة ذلك الحكم دون غيرها

وقد اعتبرت الجمعية أنّ "تجاهل الهيئة في نقطتها الإعلامية أو البلاغات الصادرة عنها توصلها بشهادات في منطوق الأحكام التي بلغت لها من المحكمة الإدارية بخصوص البت في نزاعات الترشح الأخيرة للانتخابات الرئاسية وعدم جوابها على ذلك أو الإشارة إليه يمثلان مغالطة كبيرة للرأي العام وسعيًا من الهيئة في نقض ما تمّ من جانبها في تحديد شروط تصريحها بالنتائج وما درج العمل عليه".

كما وأنه وعملًا بالقاعدة القانونية فإنه "من سعى في نقض ما تم من جانبه فسعيه مردود عليه"، فضلًا على أن تجاهل الهيئة لاستمرار العمل بالإعلام بمنطوق الأحكام فيه مساس خطير بمبدأ استقرار القانون الانتخابي وقواعد تطبيقه، وفق بيان الجمعية.

جمعية القضاة التونسيين: عدم قابلية تلك الأحكام للطعن بأي وسيلة ولو بالتعقيب لنفس الخصوصية الاستعجالية يقتضي تنفيذها فوريًا دون أي إمكانية لمناقشتها وتأويلها

كما دعت أيضًا، في هذه "المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس"، كما وصفتها، جميع الأطراف المعنية بالاستحقاق الانتخابي للانتخابات الرئاسية المقبلة إلى "الالتزام بأعلى درجات الحكمة والتعقل.."، مهيبة بقضاة المحكمة الإدارية مواصلة القيام بدورهم "بروح معنوية عالية دون الالتفات لحملات التشويه الجائرة التي تمارس ضد المحكمة وقضاتها بمرأى من الجميع ودون أي رادع".

ووفق البيان الممضى من رئيس جمعية القضاة، أنس الحمادي، فقد جددت الجمعية أيضًا دعوتها لعموم القضاة الإداريين والعدليين والماليين إلى "التمسك بالحياد والاستقلالية والنزاهة.. وبعدم الخضوع إلى أي ضغوطات قد تسلط عليهم مهما كان نوعها ومصدرها".

 

 

وكانت هيئة الانتخابات في تونس، قد أعلنت وفق بيان أصدرته ظهر الثلاثاء 3 سبتمبر/أيلول 2024، أنه "ثبت قطعًا أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية، لم تقضِ بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين" وفقها.

وأضافت في بلاغها أنه هذه الأحكام "كانت أحكامًا موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة، وعليه فإن ذلك يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى ولو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية" وفقها.

وكان رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر قد قال، خلال النقطة الإعلامية للإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية، إنه "تعذّر الاطلاع عن نسخ الأحكام الصادرة مؤخرًا عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بسبب عدم إعلام هيئة الانتخابات بها طبق القانون، في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية وذلك تطبيقًا لصريح منطوق الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من القانون الانتخابي ورغم مراسلة المحكمة رسميًا وطلب موافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية"، وفقه.

هيئة الانتخابات: الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية، لم تقضِ بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين

وبناء على ذلك، ذكر أن مجلس هيئة الانتخابات قرر "بعد معاينة استحالة تنفيذ القرارات المعلن عنها مؤخرًا من طرف المحكمة الإدارية، اعتبار قائمة المترشحين المقبولين المصادق عليها بمجلسه المنعقد بتاريخ 10 أوت/أغسطس 2024 قائمة نهائية وغير قابلة للطعن والإذن بنشرها بالرائد الرسمي بالجمهورية التونسية، والتي تضم كلًا من المترشحين المقبولين نهائيًا: العياشي زمال، وزهير المغزاوي وقيس سعيّد.

فيما أكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية فيصل بوقرة، أنّ المحكمة الإدارية أرسلت نسخة من منطوق الحكم الجلسة العامة القضائية للهيئة في الآجال القانونية قبل حتى الإعلام عنها للعموم، مشددًا على أنّ "عدم تنفيذ أحكام هذه الجلسة يعدّ سابقة"، وفق قوله.

وشدد بوقرة، في تصريح لإذاعة "ديوان" (محلية)، على أنّ الفصل 24 يسمح بتنفيذ قرارات المحكمة الإدارية على المنطوق، ومنذ 2011 يقع اعتماد ذلك، وهو منصوص عليه بالرائد الرسمي.

وقد أثار قرار هيئة الانتخابات بشأن الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تفاعلاً واسعًا في تونس. وعلّق محامون وقضاة وسياسيون، على القرار الصادر عن مجلس هيئة الانتخابات واعتبروه "مخالفًا للقانون" ووصفوه بالـ "فضيحة" وفقهم.


صورة