16-أكتوبر-2020

رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

مقال رأي

 

عرفت الجامعة التونسية لكرة القدم منذ تاريخ تأسيسها سنة 1957 تعاقب العديد من الأسماء البارزة في تاريخ بلادنا على كرسي رئاستها ما بين وزراء ومسؤولين في الدولة ورجال أعمال ولاعبين سابقين نجح البعض منهم في مهمته كأحسن ما يكون وتركوا إنجازات تحسب لهم، بينما مر آخرون مرور الكرام. لكن حين يصل الحديث للرئيس الحالي وديع الجريء لا يخلو الأمر من الجدل بين معسكر الإنجازات ومعارضة شرسة تسعى لسحب البساط من تحت أقدامه في أقرب فرصة.

الجريء يعتبر من أكثر المسؤولين الرياضيين أصحاب الرأي العنيد الرافضين للنصيحة قبل اتخاذ القرارات

الدكتور وديع الجريء، الذي وصل لرئاسة الجامعة سنة 2012 وحافظ على منصبه لعهدة ثانية في 2016، يعتبر من أكثر المسؤولين الرياضيين أصحاب الرأي العنيد الرافضين للنصيحة قبل اتخاذ القرارات، مما جعل جميع اختياراته في التعيينات من الشخصيات التي لطالما دافعت عنه في المنابر الإعلامية أو على أقل تقدير لم يسبق لها توجيه سهام النقد نحوه. وبالتالي أصبحت الجامعة التونسية لكرة القدم تلقّب بـ"جامعة الجريء" بما أن الظاهر هو مكتب جامعي منتخب بمنتهى الديمقراطية وفي الكواليس تمارس دكتاتورية الفرد صاحب القرار.

وفي الحقيقة، لا يمكن أن يلوم رئيس الجامعة سوى نفسه عن الاتهامات بالانفراد بالسلطة وسوء التسيير، فتصرفاته هي التي تعطي الانطباع بذلك بداية بصراعه مع وزير الشباب والرياضة الأسبق طارق ذياب الذي كان رافضًا لسياسته وحاول بسلطته تضييق الخناق عليه، فما كان من الجريء إلا الاستعانة برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في تلك الرسالة الشهيرة آنذاك التي لاتزال محل تندر إلى يومنا هذا من معارضيه نظرًا لاعتبارها من ممارسات ما قبل ثورة 2011.

أصبحت الجامعة التونسية لكرة القدم تلقّب بـ"جامعة الجريء" بما أن الظاهر هو مكتب جامعي منتخب بمنتهى الديمقراطية وفي الكواليس تمارس دكتاتورية الفرد صاحب القرار

النقطة الثانية المهمة، التي تؤكد المسار السيّئ نحو الدكتاتورية في الجامعة التونسية لكرة القدم، هي ما يحدث مع فريق هلال الشابة الذي دفع ثمن معارضته الواضحة لوديع الجريء في تصريحات مسيريه وعلى الصفحة الرسمية للفريق على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مما كلف الفريق الصاعد خلال الموسم الفارط للرابطة المحترفة الأولى، الذي قدم لنا مردودًا محترمًا على الملعب أبهر المتابعين، جملةً من الخطايا والعقوبات القاسية كان آخرها قرارات اللجنة الوطنية للتأديب والروح الرياضية بإيقاف رئيس النادي توفيق المكشر والكاتب العام محمد بن براهم عن التسيير لمدة سنتين مع خصم 6 نقاط من رصيد الهلال في النسخة القادمة من البطولة ومبلغ 40 ألف دينار خطية. كان الجريء يوجّه، من خلال ذلك، رسالة واضحة لجميع الفرق مفادها أن مصير هلال الشابة ينتظر كل من يحاول الوقوف ضده.

وجب على الجريء مراجعة أفكاره واتخاذ القرار الصحيح الذي يليق بسمعة تونس وبالمنصب الذي يتولاه من جهة، وليفنّد الروايات التي تقول إنه يعرقل وصول بوشماوي لغاية شخصية تتعلق بطموحه في رئاسة الكاف خلال قادم السنوات من جهة أخرى

ورغم أن كل النقاط السابقة تستوجب التوقف عندها بالنقاش وتبادل الآراء، تبقى مسألة ضبابية موقف الجامعة التونسية لكرة القدم من ترشح طارق بوشماوي لرئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في الانتخابات القادمة التي ستجرى بالمغرب يوم 12 مارس/آذار 2021 جديرة بالملاحظة.

فرغم تقدم هذا الأخير بطلب رسمي كتابي يطلب الدعم من الجامعة كتونسي، وهو أمر بديهي، إلا أنه لم يصدر إلى حد اللحظة أي موقف رسمي من وديع الجريء بالمساندة أو بالرفض، وهو ما يشير بطريقة أو بأخرى، إلى صحة الأخبار المتداولة منذ فترة عن عدم مرور التيار بين بوشماوي والجريء ووجود خلافات بينهما في الأفكار والتوجهات.

 وبالتالي قد نشاهد الجامعة التونسية تصوت لمصلحة مرشّح مصري أو مغربي أو لأحمد أحمد الرئيس الحالي الذي سيترشح لفترة ثانية في لقطة ستكون بمثابة المضحكات المبكيات إن تمت فعلًا، وذلك لأن اليوم المسألة أكبر من الأسماء، بل الأمر يتعلق بسمعة البلد، فتونس لم يسبق لها الفوز برئاسة الكاف وسواء تعلق الأمر بطارق بوشماوي أو غيره، سيسجل في تاريخ كرة القدم الإفريقية أن شخصًا من تونس تولى ذات يوم هذا المنصب.

 لذلك وجب على رئيس الجامعة مراجعة أفكاره واتخاذ القرار الصحيح الذي يليق بسمعة تونس وبالمنصب الذي يتولاه من جهة، وحتى لا يؤكد روايات معارضيه التي تقول إنه يعرقل وصول بوشماوي لغاية شخصية تتعلق بطموحه في رئاسة الكاف خلال قادم السنوات من جهة أخرى.

 

  • المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أنا يقظ" تقاضي رئيس جامعة كرة القدم وديع الجريء

جامعة كرة القدم تساهم في تهيئة وإصلاح بعض المدارس والمعاهد