الترا تونس - فريق التحرير
صادق النواب بالبرلمان التونسي يوم الأربعاء 5 جوان/يونيو 2024 على مشروع القانون المتعلّق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية في صيغته المعدلة بـ 108 أصوات، فيما احتفظ 3 نواب بأصواتهم وعبّر 5 نواب عن رفضهم لمشروع القانون.
نواب البرلمان التونسي يصادقون على مشروع قانون المسؤولية الطبية بـ 108 أصوات بعد إدخال تعديلات على 18 فصلاً من إجمالي 50 فصلاً في القانون
وتضمن مشروع القانون، المقترح من طرف 9 نواب بالبرلمان التونسي، 6 أبواب و55 فصلاً، تمت المصادقة على 50 فصلاً منها، 32 فصلاً من ضمنها في صيغتها الأصلية و18 فصلاً في صيغتها المعدلة.
-
المسؤولية الطبية المدنية وحق المطالبة بالتعويض عن الضرر
ويضبط قانون المسؤولية الطبية حقوق المرضى المنتفعين من الهياكل والمؤسسات الصحية، وآليات الجودة والسلامة والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية ونظام المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة والهياكل والمؤسسات الصحية، حسب ما ورد في فصله الأول.
وتم إدخال بعض التعديلات على الباب الأول من مشروع القانون وذلك بإضافة مصطلح "هياكل التجارب السريرية التي تسدي خدمات صحية بالقطاعين العام والخاص" إلى قائمة الهياكل والمؤسسات الصحية والمراكز المعنية بأحكام هذا القانون والواردة في الفصل الثاني منه.
قانون المسؤولية الطبية: يعدّ الخطأ الطبي أساسًا للمسؤولية الطبية لمهنيي الصحة، وتعدّ الهياكل والمؤسّسات الصحية العمومية والخاصة مسؤولة موضوعيًا عن الأضرار الناجمة عن أنشطتها طبقًا لأحكام هذا القانون
كما صوت النواب على مقترح تعديل الفصل الثالث الذي يعرّف جملة من المصطلحات في علاقة بالمسؤولية الطبية وحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية، على غرار الخطأ الطبي والحادث الطبي والإهمال الجسيم وغيرها من العبارات.
وأدخلت لجنة الصحة تعديلات على هذا الفصل من خلال تعويض عبارات الأصول والقواعد العلمية المتعارف عليها بـ "القواعد العلمية" القائمة وتوحيدها في كامل الباب الأول، كما تم إلغاء عبارة "العملة وإداريو ومهندسو الصحة" من تعريف مهني الصحة باعتبارهم لا يخضعون إلى أحكام المسؤولية الطبية وتنطبق عليهم أحكام أخرى في علاقة بمسؤوليتهم الإدارية بالإضافة إلى حذف عبارة "غير قصدي" من تعريف الخطأ الطبي نظرًا لكون لجنة الخبراء هي الطرف المخوّل لتحديد ما إن كان الخطأ قصديًا أم غير قصدي.
وصادق نواب البرلمان التونسي على الفصل عدد 28 و29 و30 و33 و35 و38 و41 و42 و44 و45 و48 و49 و50 في صيغتها الأصلية مثلما وردت بمقترح مشروع القانون.
ومن أبرز ما نصت عليه هذه الفصول هو أن "يعدّ الخطأ الطبي أساسًا للمسؤولية الطبية لمهنيي الصحة. وتعدّ الهياكل والمؤسّسات الصحية العمومية والخاصة مسؤولة موضوعيًا عن الأضرار الناجمة عن أنشطتها طبقًا لأحكام الفصل 30 من هذا القانون"، وفق ما ورد بالفصل عدد 28.
قانون المسؤولية الطبية: للمتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدّم عليه أو ورثته حقّ المطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل له، في أجل أقصاه 10 سنوات من تاريخ حصول الفعل المنشئ للضرر
وأكد الفصل عدد 30 على أن "تكون الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة مسؤولة عن الأخطاء الطبية المرتكبة سواء من مهنيي الصحة الراجعين لها بالنّظر وكذلك الأجانب الذين تستقبلهم في إطار التعاون أو الشراكة مع مؤسسات أخرى أثناء أو بمناسبة تقديمهم للخدمات الصحية. وللهياكل والمؤسّسات الصحية العمومية والخاصة حق الرجوع على منظوريها في صورة الإهمال الجسيم".
وبدوره نص الفصل عدد 29 على "حق المتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدّم عليه أو ورثته المطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل له، في أجل أقصاه عشر سنوات من تاريخ حصول الفعل المنشئ للضرر"، وذلك مع مراعاة مقتضيات الفصل 392 من مجلة الالتزامات والعقود.
-
الجهات المتكفلة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية
وتطرّق الفصل عدد 33 من قانون المسؤولية الطبية إلى التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، ونص على أن "تتكفل شركات التأمين بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية والناتجة عن:
- ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة المزاولين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص ومسؤوليّة الأعوان الراجعين لهم بالنظر
- ثبوت مسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية الخاصة على معنى أحكام الفصلين 30 و31 من هذا القانون
- الحوادث الطبية في القطاع الخاص".
تطرّق الفصل عدد 33 من قانون المسؤولية الطبية إلى التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، ونص على أن تتكفل شركات التأمين بالتعويض عن بعض الأضرار كما تتكفل الدولة بالتعويض عن أضرار أخرى
كما نصّ القانون على أن "تتكفل الدولة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية والناتجة عن:
- ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة العاملين في القطاع العام ومسؤوليّة الأعوان الراجعين لهم بالنظر
- ثبوت مسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية على معنى أحكام الفصلين 30 و31 من هذا القانون
- الحوادث الطبية في القطاع العام".
وتولّى النواب خلال الجلسة العامة المنعقدة في البرلمان التونسي، تعديل الفصل عدد 31 من خلال تقديم مقترح يضبط وجوبًا انخراط المؤسسات الصحية الخاصة في التأمين وذلك لضمان حق المريض الذي حدث له ضرر ناتج عن خدمات طبية يندرج ضمن المسؤولية الطبية، كما لا يلزم الهياكل الاستشفائية العمومية وجوبًا الانخراط في شركات التأمين الخاصة وصادق النواب على الصيغة المعدلة للفصل.
قانون المسؤولية الطبية يؤكد ضرورة انخراط المؤسسات الصحية الخاصة في التأمين وذلك لضمان حق المريض الذي حدث له ضرر ناتج عن خدمات طبية ويندرج ضمن المسؤولية الطبية
-
حالات لا يمكن فيها التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية
نصّ القانون المتعلّق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية في فصله عدد 35، على بعض الحالات التي لا يمكن فيها التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، وأكد القانون أنه "لا يتمّ التعويض، على معنى أحكام هذا القانون، في الحالات الّتي يثبت فيها تقرير الاختبار ما يلي:
- أن الضرر كان ناتجًا مباشرة وكليًّا عن خطأ المريض أو رفضه أو عدم متابعته للعلاج طبقًا لتعليمات طبيبه المباشر المدونة بملفه الطبي
- أن الضرر كان ناتجًا مباشرة وكليًّا عن مضاعفات أو تعكّرات متعارف عليها ناتجة عن التطور الطبيعي للمرض
- أنّ الضرر كان ناتجًا مباشرة وكليًا عن فشل علاجي
قانون المسؤولية الطبية: لا يتمّ التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية في الحالات الّتي يثبت فيها تقرير الاختبار أنّ الضرر كان ناتجًا مباشرة وكليًا عن فشل علاجي أو عن مضاعفات أو تعكّرات متعارف عليها
وصادق النواب على الفصل 32 و34 في صيغة معدلة، وكذلك الشأن بالنسبة للفصل عدد 36 الذي ينص على ضرورة دفع كافة مهنيي الصحة المزاولين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص، مساهماتهم السنوية لشركات التأمين بعنوان تغطية مسؤوليتهم المدنية الطبية ومسؤولية الأعوان الراجعين لهم بالنظر وذلك في أجل أقصاه موفّى شهر مارس/آذار من كل سنة، كما أشار إلى تسليط خطية على المخالفين بعد التنبيه عليهم وإمهالهم 30 يومًا، وفي صورة عدم الدفع يتم تسليط عقوبة التحجير المؤقّت لممارسة المهنة.
ونال الفصل 37 بعد تصويت النواب عليه الموافقة على صيغته التعديلية بإضافة "عبارة من تاريخ إمضائه" إلى جانب الفصل 40 الذي طرأ عليه تعديل شكلي وهو إضافة عبارة "القيام بإجراءات التسوية بدل قيامه بإجراءات التسوية".
قانون المسؤولية الطبية: كافة مهنيي الصحة المزاولين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص ملزمون بدفع مساهماتهم السنوية لشركات التأمين
-
التسوية الرضائية والتعويض.. شروطها وآجالها
وتضمن الباب الرابع من مشروع القانون الذي ضمّ في قسمه الأول الفصول من 38 إلى 47، كل الإجراءات المرتبطة بالتسوية الرضائية وشروطها، حيث نصّ على أنه "يتعين على كل مريض أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو ورثته ممن يتمسك بوقوع ضرر له بمناسبة تقديم الخدمة الصحية أن يتقدّم بمطلب في التسوية الرّضائية والتعويض وفقًا لأنموذج يضبط بقرار من الوزير المكلّف بالصحة. ويوجّه مطلب التسوية الرضائيّة والتعويض إلى اللجنة المختصة المنصوص عليها بالفصل 40 من هذا القانون مقابل تسلّم وصل في الغرض.".
كما نص القانون على أنه "يتم استيفاء إجراءات التسوية الرضائيّة بإبرام كتب الصلح وإكسائه الصبغة التنفيذية في أجل أقصاه ستّة أشهر ابتداءً من تاريخ تقديم المطلب وبانقضاء هذا الأجل دون إبرام كتب الصلح يمكن للمعني بالأمر التوجّه إلى القضاء"، ويمكن عند الاقتضاء تمديد أجل استيفاء التسوية بـ 3 أشهر، وفق ما ورد في القانون.
قانون المسؤولية الطبية: يعدّ الخطأ الجسيم أساسًا المسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة وتعلّق إجراءات التسوية الرضائية آجال التقاضي ولا يتوقف مسار التسوية الرضائية عن مأل الدعوى الجزائية
وفيما يتعلق بالفصل 47، فقد تمت المصادقة على الصيغة التعديلية له بإضافة "يعدّ الخطأ الجسيم أساسًا المسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة"، ونص الفصل على أن "تعلّق إجراءات التسوية الرضائية آجال التقاضي"، في حين "لا يتوقف مسار التسوية الرضائية عن مال الدعوى الجزائية".
-
اختبار طبي لتحديد المسؤولية الطبية
وصادق النواب بالبرلمان التونسي على الفصول 48 و49 و50 في صيغتها الأصلية، دون تعديل، وهي الفصول التي جاءت ضمن القسم الثاني من الباب الرابع للقانون وحددّت نواميس الاختبار الطبي والجهات المخولة بإجرائه بهدف تحديد المسؤولية الطبية.
ونص الفصل عدد 48 على أنه "يتعيّن إجراء اختبار طبي بواسطة لجنة خبراء لتحديد المسؤولية الطبية على معنى أحكام هذا القانون".
قانون المسؤولية الطبية: يتعيّن إجراء اختبار طبي بواسطة لجنة خبراء لتحديد المسؤولية الطبية وتضم لجنة الخبراء وجوبًا طبيبًا شرعيًا وخبيرين في الاختصاص موضوع الاختبار يكون أحدهما استشفائيًا جامعيًا
فيما حدد الفصل عدد 49 تركيبة لجنة الخبراء، التي تضم "ثلاثة أعضاء يتمّ تعيينهم من ضمن قائمة الخبراء العدليين المعتمدين بدائرة المحكمة الابتدائية المختصة ترابيًا وذلك بمقتضى قرار من رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائية والتعويض"، أما "في صورة عدم وجود خبراء في الاختصاص المطلوب بدائرة المحكمة الابتدائية المختصة ترابيًا، يمكن تعيين خبراء من خارج الدائرة المعنيّة".
ووفقًا للقانون فإنه "لا يعيّن بلجنة الخبراء إلاّ من كان مباشرًا فعليًا للاختصاص المعني في تاريخ إجراء الاختيار. وتضم لجنة الخبراء وجوبًا طبيبًا شرعيًا وخبيرين في الاختصاص موضوع الاختبار يكون أحدهما استشفائيًا جامعيًا. ويمكن بقرار من رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائية والتعويض إضافة خبراء آخرين عند الاقتضاء إلى تركيبة اللجنة، كما يمكن للجنة أن تستعين برأي كل من تراه من ذوي الكفاءة في موضوع الاختبار"، فيما تطرّف الفصل عدد 50 والأخير من القانون إلى وضعيات تضارب المصالح وكيفية تفاديها.
-
كيف علقت عمادة الأطباء التونسيين على قانون المسؤولية الطبية؟
ومن جهتها عبّرت عمادة الأطباء التونسيين عن رضاها على القانون المتعلّق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية عمومًا في النسخة المعدلة التي تمت المصادقة عليها.
كاتب عام عمادة الأطباء التونسيين: راضون على قانون المسؤولية الطبية بصفة إجمالية ولكن بعض الفصول يمكن أن يصعب تطبيقها على أرض الواقع، وسيتبيّن ذلك فور دخول القانون حيّز التطبيق
وقال نزار العذاري كاتب عام مجلس عمادة الأطباء التونسيين، في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم" يوم الجمعة 7 جوان/يونيو 2024، إن "بعض الفصول يمكن أن يصعب تطبيقها على أرض الواقع، وسيتبيّن ذلك فور دخول القانون حيّز التطبيق".
وأفاد بأن القانون تطرّق إلى الضرر عوضًا عن الخطأ الطبي، إذا أن القانون شمل أيضًا الحادث الطبي، وحدّد التعويضات الممكنة، والجهات المتكفلة بالتعويض.
وبيّن أنه في صورة حصول الضرّر المرتبط بالخدمات الطبية في مستشفى عمومي فإن الدولة هي الطرف المتكفل بالتعويض للمتضرر، وفي صورة حصوله في مصحة أو عيادة خاصة فإن المصحة أو الطبيب هي الجهات المتكفلة بالتعويض وذلك عبر شركات التأمين.
كاتب عام عمادة الأطباء التونسيين: تحديد قيمة التعويضات للأضرار المرتبطة بخدمات صحية يتم عبر تقييم الأضرار أولاً، من طرف لجنة خبراء ومختصين يتم تعيينهم من قبل القضاء مثلما نص على ذلك القانون
وأكد نزار العذاري، أن تحديد قيمة التعويضات يتم عبر تقييم الأضرار أولاً وتحديدها، وذلك من طرف لجنة من الخبراء والمختصين يتم تعيينهم من طرف القضاء مثلما نص على ذلك القانون.
وأشار إلى أن ما جاء في هذا القانون يشمل خاصة الأخطاء غير القصدية، في حين أن الإهمال الجسيم يستوجب أساسًا التتبع الجزائي.
واعتبر أن "هذا القانون من شأنه حماية حقوق المرضى وضمان حق التعويض لهم، كما سيساهم في تجاوز كل الإشكاليات التي نتج عنها إيقاف أطباء أو مقدمي خدمات صحية بسبب حادث طبي أو فشل علاجي لا يمكن تحميلهم مسؤوليته، ولكن الإشكال المطروح يتعلّق بتحديد الضرّر المعنوي والجمالي وغيره من الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية"، وفقه.
ويذكر أنه مرت 8 سنوات على إحالة أول مبادرة تشريعية على البرلمان التونسي في هذا الصدد، وكان البرلمان قد صوّت على مشروع قانون المسؤولية الطبية بعد 6 سنوات منذ إحالته أول مرة على أنظار البرلمان من طرف وزارة الصحة التونسية خلال سنة 2017 وتم الاستماع آنذاك لممثلي الوزارة في حكومات سابقة، ولم يحرز المشروع تقدمًا، إلى حين التقديم بهذه المبادرة الأخيرة من طرف 9 نواب في البرلمان التونسي.