02-مارس-2023
الرئيس الغيني

غينيا ترحّل حوالي 50 مهاجرًا من تونس وتفتح جسرًا جويًا لمواصلة الترحيل (الرئاسة الغينية)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تتواصل تداعيات الحملة التي وُصفت بـ"العنصرية" تجاه المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بتونس، لتصل حدّ انطلاق عدد من حكومات الدول الإفريقية في إجراءات ترحيل أفراد جالياتها بتونس لتأمين عودتهم إلى بلدانهم.

  • غينيا تفتح جسرًا جويًا مباشرًا مع تونس لترحيل جاليتها

وقامت غينيا، الأربعاء 2 مارس/آذار 2023، بترحيل حوالي 50 مهاجرًا من تونس، في رحلة أشرف عليها وزير خارجيتها موريساندا كوياتي، وفق ما جاء في بلاغ لرئاسة الجمهورية الغينية التي أكدت أن "هذه القافلة الأولى من غينيا في انتظار قافلات أخرى، بعد أن تم فتح جسر جوي مباشر بين غينيا وتونس لجميع الغينيين الراغبين في العودة إلى البلاد".

غينيا تعلن فتح جسر جوي مباشر مع تونس لجميع الغينيين الراغبين في العودة إلى بلادهم وترحّل حوالي 50 منهم في قافلة أولى

وجاء في بيان الرئاسة الغينية أنه "كان في استقبال المهاجرين الغانيين الذين خيّروا العودة إلى وطنهم، الرئيس الغاني مامادي دومبويا"، مشيرة إلى أنه "حرص على استقبالهم بنفسه ليؤكد لهم شخصيًا أن السلطات الغينية تراقب أوضاعهم عن كثب منذ التصريحات التي صدرت عن أعلى هرم في السلطة في الدولة التونسية".

وعبّر رئيس غينيا، في السياق ذاته، عن تمسكه بالمثل العليا للوحدة الإفريقية والمساعدة المتبادلة بين جميع الشعوب الإفريقية، سواء السود أو البيض"، معربًا عن أمله في أن يفهم جميع قادة القارة هذه الروح من أجل جعل إفريقيا كيانًا واحدًا لا يتجزأ"، معقبًا القول: "هذا الوضع الذي حدث في تونس ليس طبيعيًا ولا مقبولًا في عام 2023"، وفق ذات البيان.

 

 

 

وكانت الرئاسة الغينية قد أعلنت، ليل الثلاثاء 28 فيفري/شباط 2023، أن وزير خارجيتها موريساندا كوياتي حلّ بتونس، رفقة عدد من المسؤولين الغينيين، لـ"إجلاء الغينيين الراغبين في العودة إلى أرض وطنهم"، وفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية الغينية.

كانت الرئاسة الغينية قد أدانت "الانتهاكات التي تتعرض لها جاليتها بتونس إثر تصريحات صادرة عن أعلى سلطاتها"

وجاء في نص البيان أن "مواطني إفريقيا جنوب الصحراء  بما في ذلك مواطنو غينيا، تعرضوا في تونس خلال الأيام القليلة الماضية لجميع أنواع الانتهاكات، في أعقاب التصريحات التي أدلت بها أعلى السلطات في هذه الدولة المغاربية".

جدير بالإشارة إلى أن وزارة الخارجية التونسية أصدرت بلاغًا ذكرت فيه أن وزير الخارجية الغيني قال، في اتصال جمعه بوزير خارجية تونس نبيل عمار صباح الأربعاء، إن "سلطات بلاده طلبت من مواطنيها المقيمين بتونس الهدوء وعدم الانسياق وراء المزايدات والتأويلات السلبيّة مُثمّنًا التعاطي الرصين للسّلطات التّونسيّة مع هذا الموضوع"، على حد رواية الخارجية التونسية.

 

 

  • كوت ديفوار: 500 إيفواريًا يسجل للعودة من أصل 725 بتونس

ولم يقتصر الأمر على الدولة الغينية، فإن كوت ديفوار بدورها أعلنت أن 500 إيفواريًا سجلوا للعودة الطوعية إلى بلادهم من أصل 725 إيفواريًا معلن عنه لدى سفارة بلاده بتونس.

وجاء في بلاغ صادر عن الحكومة الإيفوارية، أن المتحدث باسم الحكومة، أمادو كوليبالي، قال في ختام اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الأربعاء 1 مارس/آذار 2023 في أبيدجان أنه "تم اتخاذ ترتيبات لتنظيم عمليات الإعادة إلى الوطن منذ الأسبوع الماضي، مستدركًا أن "بعض الإيفواريين يريدون مراقبة تطور الأوضاع".

الحكومة الإيفوارية: تم اتخاذ ترتيبات لتنظيم عمليات الإعادة إلى الوطن منذ الأسبوع الماضي وتم تسجيل 500 إيفواريًا للعودة الطوعية إلى بلادهم من أصل 725 إيفواريًا معلن عنه لدى سفارة كوت ديفوار بتونس

وأشار المتحدث باسم الحكومة الإيفوارية إلى أن مواطنيهم بتونس "يمرون بأوقات عصيبة"، أنه تم بالتنسيق مع سفارة بلاده بتونس اتخاذ الترتيبات لتحديد وإيواء المواطنين في ظروف "مقبولة" بفضل المنظمات الخيرية غير الحكومية.

وذكر أنه " تم تكليف شركة طيران كوت ديفوار بمهمة تنظيم عودة الإيفواريين بموافقتهم، وبالإضافة إلى ذلك، قدم الرئيس الحسن واتارا دعمًا ماليًا بأكثر من مليار فرنك إفريقي (حوالي مليون و600 ألف دولار) لدعم مواطنيه وتسهيل إعادة اندماج العائدين إلى كوت ديفوار".

 

 

  • مالي تفتح باب التسجيل للراغبين في العودة

بدورها، أعلنت مالي فتح باب التسجيل لجاليتها المتواجدة بتونس للعودة الطوعية إلى بلادهم، داعية كلّ من له رغبة في ذلك أن يتواصل مع سفارتها بتونس للتسجيل من أجل العودة.

كما ذكرت الحكومة المالية، في بيان نشرته الثلاثاء 28 فيفري/شباط 2023، أن أمين عام وزارة الخارجية المالية، سيدو كوليبالي، استقبل القائم بالأعمال بالنيابة في سفارة تونس لدى مالي محمد أمين بن عون، وعبّر له عن "قلق حكومة مالي الشديد فيما يتعلق بالوضع الحالي للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بشكل عام ومواطني مالي في تونس بشكل خاص". 

الحكومة المالية: مشاهد العنف الجسدي والإخلاء من المساكن ومصادرة الممتلكات التي يعاني منها المهاجرون الماليون، بمن فيهم الطلاب الذين يتابعون دراستهم في تونس، غير مقبولة

وأكد كوليبيالي أن "مشاهد العنف الجسدي والإخلاء من المساكن ومصادرة الممتلكات التي يعاني منها المهاجرون الماليون، بمن فيهم الطلاب الذين يتابعون دراستهم في تونس، غير مقبولة"، وفق ما جاء في نص البيان.

وفي هذا الصدد، أشار إلى أن حماية وأمن المهاجرين الماليين المقيمين في تونس هي مسؤولية السلطات التونسية، داعيًا الحكومة التونسية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان السلامة الجسدية وحماية ممتلكات الماليين وفق المواثيق القانونية المعمول بها في هذا الشأن.

 

 

 

  • انتهاكات تطال عددًا من مهاجري جنوب الصحراء

يشار إلى أن عدد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المتواجدين بتونس يناهز 21466 مهاجرًا، من بينهم ما يقارب 8 آلاف طالب، ألفان منهم يزاولون دراستهم في التعليم العالي العمومي وحوالي 6 آلاف في التعليم الخاص، وفق ما أكده رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي، أنيس الجزيري.

وحذّر الجزيري، الثلاثاء 28 فيفري/شباط 2023 في تصريح لإذاعة "جوهرة" (محلية)، من تداعيات الحملة "العنصرية" ضد المهاجرين وما عكسته من "انتهاكات واعتداءات عليهم في تونس"، مؤكدًا أن "هناك الكثير من الطلبة اليوم أمام الرعب الذي يعيشونه أصبحوا يريدون مغادرة تونس والعودة إلى بلدانهم، وهو أمر مؤسف جدًا".

رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي: هناك الكثير من الطلبة اليوم أمام الرعب الذي يعيشونه أصبحوا يريدون مغادرة تونس والعودة إلى بلدانهم، وهو أمر مؤسف جدًا

ودعا السلطات التونسية إلى التدخل بقوة لتأمين الطلبة من إفريقيا جنوب الصحراء لأن صورة تونس اليوم أصبحت على المحك، معتبرًا أن " أن تاريخ تونس الذي بنته منذ الستينات ضُرب في العمق جراء هذه الحملة العنصرية التي لا تشرف تونس"، وفق توصيفه.

واعتبر، في هذا الصدد، أن "ما يحصل اليوم في حق المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء غير معقول، وهناك ترهيب كبير للطلبة الذين باتوا يعيشون حالة صدمة، خاصة مع تداول مقاطع فيديو وصور توثق الاعتداءات".

وأكد أن هناك منهم من باتوا ينامون في الشوارع أو في سفارات بلدانهم بعد طردهم من المنازل التي كانوا يقيمون فيها على وجه الكراء، على الرغم من أن عددًا كبيرًا منهم طلبة ولديهم بطاقات إقامة ومع ذلك تم طردهم، متابعًا: كما أن هناك من يعانون الجوع وليس بإمكانهم اقتناء الطعام لأن أصحاب المحلات يشترطون عليهم الاستظهار ببطاقات الإقامة مقابل السماح لهم بشراء مقتنيات"، على حد قوله.

 

 

وبدوره، كان  المحامي حمادي الهنشيري، وهو لسان الدفاع لعدد من الموقوفين من مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء بتونس قد أكد، الخميس 23 فيفري/شباط 2023، أن هناك عديد الانتهاكات التي تُمارس في حقّ هؤلاء المهاجرين لدى إيقافهم وعدم احترام الإجراءات القانونية في ذلك، وفقه. 

محامٍ: انتهاكات واعتداءات وإيقافات عشوائية يتعرض لها مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء بتونس

وقال المحامي، في مداخلة على إذاعة "ديوان" (محلية)، إنه يتم الاعتماد على مقاربة زجرية بها الكثير من التنكيل وتم تسجيل حالات يندى لها الجبين ولا تليق لا ببلادنا ولا بقضائنا ولا بأمننا، مؤكدًا أن هناك مسائل موجعة جدًا إنسانيًا.

وذكر أنه تمت مداهمات مساكن دون أذون قضائية وإيقافات عشوائية على أساس اللون فقط، حتى أنه تم إيقاف تونسيين أو مهاجرين وضعيتهم قانونية فقط على أساس لونهم، مؤكدًا أن "الوضع في المدة الأخيرة تجاوز جميع الحدود المعقولة وأصبح تحريضًا على التنكيل وعلى ارتكاب جرائم في حقّ هؤلاء المهاجرين"، مضيفًا: "سجلنا نداءات استغاثة على خلفية اعتداءات بالعنف وطرد من المساكن حيث يقيمون ليجدوا أنفسهم بالشارع، كما أن هناك أمهات فقدن أطفالهن بعد إيقافهن إذ عند خروجهن من الاحتجاز لم يجدن أبناءهن"، على حد قوله.

وتأتي هذه التطورات إثر خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد بخصوص المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، ليلة الثلاثاء 21 فيفري/شباط 2023، الذي جاء في سياقٍ تصاعد فيه الخطاب العنصري في صفحات على منصات التواصل الاجتماعي تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء في تونس.

وكان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد قد أدان، الجمعة 24 فيفري/شباط 2023، بشدة ما وصفها بـ"التصريحات الصادمة" للسلطات التونسية ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرًا أنها "تتعارض مع روح ورسالة الاتحاد ومبادئه التأسيسية".

وذكّر رئيس الاتحاد الإفريقي، في بيان، جميع البلدان، ولا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، بأنه "يجب عليهم الإيفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي ومواثيق الاتحاد الإفريقي ذات الصلة، تحديدًا فيما يتعلق بمعاملة جميع المهاجرين بكرامة، مهما كان المكان الذي جاؤوا منه"، داعيًا إلى "الامتناع عن أي خطاب كراهية ذي طبيعة عنصرية من شأنه إلحاق الأذى بالأشخاص، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الأساسية".