27-يوليو-2023
ليبيا

سلط الضوء على عثور السلطات الليبية على 5 جثث لمهاجرين في نطاق القاطع الأمني الحدودي (صورة على الحدود التوننسية الليبية/ محمود تركية/ أ.ف,ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء 26 جويلية/يوليو 2023، منظمة الاتحاد الإفريقي لـ"التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات التونسية ضد المهاجرين والتي أسفرت عن وفاة عدد غير محدد منهم خلال الأيام الماضية"، وفقه.

وأعرب المرصد الأورومتوسطي، في بيان له، عن صدمته إزاء "استمرار السلطات التونسية في طرد وإبعاد مئات المهاجرين نحو الحدود الليبية، وإجبارهم على السير مسافات طويلة في الصحراء دون ماء أو طعام، ووسط درجات حرارة تلامس 50 درجة مئوية".

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يدعو منظمة الاتحاد الإفريقي لـ"التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات التونسية ضد المهاجرين والتي أسفرت عن وفاة عدد غير محدد منهم مؤخرًا"

ووثّق المرصد إفادات لمهاجرين طردتهم السلطات التونسية واستطاعوا الوصول إلى ليبيا بعد رحلة مميتة في الصحراء، ونقل عن بعضهم قولهم إنّ "قوات الأمن التونسية أوقفتهم وصادرت جوازات سفرهم ووثائقهم الرسمية وأجبرتهم على إحراقها ثم نقلتهم إلى نقطة قريبة من الحدود الليبية قضوا فيها ليلة كاملة في ظروف إنسانية غاية في السوء قبل أن تجبرهم على التوجه إلى الأراضي الليبية".

وأبلغ المهاجرون، في الإفادات التي قدموها للمرصد الأورومتوسطي، عن "تعرّضهم لاعتداءات عنيفة على يد قوات حرس الحدود التونسي، شملت تكديس أعداد كبيرة منهم في مساحات صغيرة لساعات طويلة، وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم، والضرب بالأيدي والقضبان الحديدية، وإطلاق النار على مسافات قريبة جدًا منهم لترهيبهم، إلى جانب الإهانات اللفظية والنفسية، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بكسور وجروح مختلفة"، وفق ما ورد في نص البيان.

المرصد الأورومتوسطي يعبّر عن صدمته إزاء "استمرار السلطات التونسية في طرد مئات المهاجرين نحو الحدود الليبية وإجبارهم على السير مسافات طويلة في الصحراء دون ماء أو طعام ووسط درجات حرارة تناهز 50 درجة

كما أشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه اطلع على مقاطع فيديو منفصلة التقطها عناصر في حرس الحدود الليبي لعشرات المهاجرين على الحدود الليبية التونسية "في حالة إنسانية مزرية"، مضيفًا أنّ المقاطع "أظهرت جثث عدد من المهاجرين، بينهم نساء وأطفال، قضوا على الحدود إثر الجفاف، ونقلتهم سيارات إسعاف ليبية إلى المستشفيات القريبة".

وأعلنت وزارة الداخلية الليبية الاثنين العثور على 5 جثث لمهاجرين في نطاق القاطع الأمني الحدودي بمنطقة العسة، وقالت إنّها اتخذت الإجراءات القانونية وأخطرت الجهات ذات العلاقة، وفق المرصد.

 

 

وأشار إلى أن "الغالبية العظمى من المهاجرين المبعدين من تونس ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إذ تصاعدت حملات طردهم إثر أعمال العنف التي اندلعت مطلع شهر جويلية/يوليو الجاري بين تونسيين ومهاجرين في مدينة صفاقس، وشهدت مقتل شاب تونسي، وجرح عشرات المهاجرين، إلى جانب أعمال انتقامية ضدهم مثل الاحتجاز والتعذيب والإهانة، وصولًا إلى الطرد القسري".

باحثة في شؤون اللاجئين بالمرصد: السلطات التونسية لم تكتف بتنفيذ حملات طرد جماعي للمهاجرين على أساس عنصري، بل دفعتهم نحو الحدود الليبية في مخالفة فجّة لالتزاماتها القانونية والأخلاقية

وقالت "إيما جيمبرا"، الباحثة في شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة لدى المرصد الأورومتوسطي إنّ "الطرد القسري للمهاجرين على يد السلطات التونسية في ظروف مميتة قد يرقى إلى القتل العمد، وينبغي التعامل معه على هذا الأساس".

وأضافت أنّ "السلطات التونسية لم تكتف بتنفيذ حملات طرد جماعي للمهاجرين على أساس عنصري، بل دفعتهم نحو الحدود الليبية في مخالفة فجّة لالتزاماتها القانونية والأخلاقية ذات العلاقة، والتي تفرض عليها توفير الحماية للمهاجرين، وضمان عدم تعريضهم للمعاملة السيئة".

 

 

وأكّدت جيمبرا ضرورة تحريك دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الإفريقية ضد السلطات التونسية للنظر في انتهاكاتها الخطيرة ضد المهاجرين، إذ تعد تونس إحدى ثماني دول إفريقية تعترف باختصاص المحكمة بتلقي قضايا مباشرة من المنظمات غير الحكومية والأفراد.

باحثة في شؤون اللاجئين بالمرصد: الطرد القسري للمهاجرين في ظروف مميتة قد يرقى للقتل العمد لذلك لا بدّ من  تحريك دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الإفريقية ضد السلطات التونسية للنظر في انتهاكاتها الخطيرة ضد المهاجرين

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أهمية التزام السلطات الليبية بمعايير حقوق الإنسان في استقبال وحماية المهاجرين الواصلين من تونس، إلى جانب ضرورة تحرّك المنظمات الإنسانية والإغاثية المعنية في ليبيا للاستجابة للاحتياجات الإنسانية للمهاجرين، بما في ذلك دعم جهود توفير الطعام والماء والمأوى والرعاية الطبية لمحتاجيها.

وحثّ المرصد اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب- إحدى أجهزة منظمة الاتحاد الإفريقي- على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه سياسات السلطات التونسية غير القانونية تجاه المهاجرين، والعمل مع السلطات لإنهاء الانتهاكات الواقعة على المهاجرين.

كما طالب مجلسَ حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء لجنة تقصي حقائق خاصة للتحقيق في ممارسات السلطات التونسية ضد المهاجرين، بما في ذلك تحديد المسؤولين عن حملات الطرد الجماعي القسرية، والتي تسببت بوفاة عدد منهم بعد إرغامهم على عبور الصحراء نحو الحدود الليبية في درجات حرارة قياسية ودون طعام أو ماء، وفق ما جاء في نص البيان.

 

 

يذكر أنّ السلطات التونسية كانت قد نقلت، وفق ما أعلنته منظمات حقوقية، العديد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، إلى "منطقة نائية" على الحدود التونسية الليبية، بعد المناوشات التي عاشتها صفاقس بين عدد من متساكنيها وعدد من المهاجرين، الأمر الذي اعتبرته عدة منظمات محلية ودولية "طردًا جماعيًا تعسفيًا".

وكانت هذه المنظمات قد طالبت بعدم إبقاء هؤلاء المهاجرين على الحدود لما يمثّله ذلك من خطر عليهم خاصة في ظل الظروف المناخية التي تعرفها البلاد حاليًا، قبل أن تتجه السلطات لاحقًا بالتنسيق مع الهلال الأحمر التونسي إلى تحويل عدد منهم إلى عدد من الولايات التونسية.