لا خلاف في كون السلطة أوسع من الدولة، فكلّ دولة سلطة وليست كلّ سلطة دولة. فالمجتمعات التي تسمّٰى بدائية أو ما قبل الدولة أو مضادّة للدولة لم تخْلُ من سلطة. فالسلطة علاقة قوة تتسرّب إلى كل أشكال الانتظام، أدناها علاقةٌ بين شخصين وأعلاها الدولة. ولعلّ ألطفَ المواطن التي تتسرّب إليها السلطة وأخطرها هي العلامة اللغوية (الكلمة)، فيكون فعلُ التسمية مشدودًا إليها حاملًا لآثارها.
وكما تترك السلطة آثارها في الأفراد والجماعات فتُميزُّهم تترُك آثارها في المكان والزمان فتُكسِبُهما رمزية خاصّٰة. وكأنّ الوسم من أهمّ وظائف السلطة، فتُفرّق بين المناضل والخامل، وبين الضحيّة والجلاد، وبين وزارة الداخلية وشارع الثورة وبين عهود الاستبداد وزمن الحرية.
من هذا المنظور، يرصد المقال أثَرَ التحولات التي عرفتها البلاد مع حدث الثورة وما عرفته السلطة بمعناها السياسي المباشر من توسّع وتذرّر بعد تمركز، وأثرُه في بنية الدولة وأساسها والأمكنة الدالة عليها (قرطاج، القصبة، باردو)، وفي هوية الفاعلين أحزابًا ومنّظماتٍ وشخصياتٍ.
اقرأ/ي أيضًا: الثورة التونسية.. الأسئلة الدائمة لثورة الألفية الثالثة
السلطة والمكان قبل الثورة
قبل الثورة، كانت "قرطاج" تُكثّف كلّ السلطة تقريبًا، وتشير إلى مصدرها وإلى طبيعتها المركزية في ظلّ الجمهورية ونظامها الرئاسوي. فكان بن علي ساكنُ قرطاج يُمسك بكل السلطات بيديه. ورغم وجود "باردو" موطن ممثلي الشعب أي البرلمان و"القصبة" موطن الحكومة والسلطة التنفيذية، فإنّ حضورَهما في الخطاب السياسي والإعلامي ومن ثم في أذهان الناس لا يكاد يذكر.
تترك السلطة آثارها في الأفراد والجماعات فتُميزُّهم وتترُك آثارها في المكان والزمان فتُكسِبُهما رمزية خاصّٰة، وكأنّ الوسم من أهمّ وظائف السلطة
ففي باردو لم يكن يُنظرإلى "مجلس الأمّة" ثمّ "مجلس النواب" إلاّ على أنّه صورة شكلية لمؤسسة لا يتعدّى دورها تزكية قرارات الحاكم بأمره في قرطاج، وقبل ذلك هو نتيجة لعملية تنصيب لموالين بواسطة عملية انتخابيّة كشف عنها الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد في سطرين شعريّيْن بديعيْن: "ذهبْناَ جميعًا إلى الانْتِخَابِ ولم يَنْتَخِب أحَدٌ من نَجْحْ". وكانت "ديمقراطية الواجهات" وأحزاب الديكور" ومايتفضّل به عليها بن علي من مقاعد في البرلمان وجها آخر يفضح الملهاة/المأساة التي يعيشها البلد في ظل الاستبداد المتخلّف.
وفي القصبة، كان يقبع الوزير الأوّل لا يتجاوز الحدود المرسومة له، ورغم ما تمتّع به بعض وزراء بن علي من كفاءة فإنّ صرامة التعليمات وأثر العائلة المتعاظم في توظيف مقدّرات الدولة، واستعداد الوزراء أنفسهم للخضوع لا تترك مجالًا يُذكر لوجهة النظر الخاصة. وكان تشكيل الحكومة أو إحداث تحوير عليها لا يمثّل أكثر من جملة في قناة السلطة وإذاعتها لا تقدر على أن تكون "خبرًا"، و"حدثاً" لا يخرج عن نطاق "حزب التجمّع " وشُعٓبه ومحيطه من المستفيدين أو المنتظرين لمغنم قد لا يتحقّق.
نظام بن علي الذي نعُدّه "بورقيبية منحطّة" كان امتدادًا لـ"بورقيبية مؤَسِّسَة" بانية الدولة الوطنية، ولكنها أضاعت فرصًا عديدة، في منعطفات سياسية معلومة، للانفتاح على التعدّد الخصيب في المجتمع التونسي، وتدشين جديد ديمقراطي، فمهّدت لانحطاط بن علي واستبداده بالدولة وجنوحه إلى مَفْيَزَةِ الإدارة ومجال المال والأعمال بديلًا عن زبونية أتقنها النظام السابق. لذلك لم تختلف بصمة العهديْن على المكان كثيرًا، فبقيت السلطة والدولة مكثّفتيْن في "قرطاج".
توارت مع نظام بورقيبة أمكنة مثل "جامع الزيتونة" و"الصادقية " و"مونفليري" و"حمّام الأنف" التي كانت علامات بارزة في تاريخ الدولة والنضال الوطني، وانزوت حواضر مثل "المرسى" التي كانت "حاضرة الحكم" و"قاعدة البلْدية" منذ عهد البايات، وانطوى تدريجيًا "قصر السعادة " الذي كان علامتها البارزة، بعد أن غادره بورقيبة إلى قرطاج. لتنهض مدينة المنستير مسقط رأس "المجاهد الأكبر" شاهدة على تحوّل عميق في "نصيب العصبية" المؤسِّس للدولة وفي قاعدتها الجديدة، من الحاضرة إلى الساحل. وهو عمل فذّ يشهد للروح الخلدونية في بورقيبة السياسي والزعيم. وغُيّبت أسماء لزعامات وطنية مثل عبد العزيز الثعالبي ومحي الدين القليبي ومحمود الماطري.
توارت مع نظام بورقيبة أمكنة مثل "جامع الزيتونة" و"الصادقية " و"مونفليري" و"حمّام الأنف" التي كانت علامات بارزة في تاريخ الدولة والنضال الوطني
ولم يبق للأمكنة والشخصيات من حضور في أذهان أجيال الاستقلال إلّا باعتبارها ملحقاتٍ في "سرديّة رسمية" واحدة وحيدة مدارُها على فذاذة المجاهد الأكبر "باني الدولة" و"محرِّر المرأة". ولم يكن تواصل حضور فرحات حشّاد وصالح بن يوسف، بعد الاستقلال، ليَخرُج عن سطوة هذه "سرديّة الزعيم". فحضور حشّاد تواصل علامةً بارزة على اندماج الاتحاد العام التونسي للشغل في النظام السياسي الجديد وتحوّله إلى رافد مهم من روافده. في حين بقي حضور بن يوسف واليوسفية في حدود "مظلومية غامضة" لا يُعترف لها حتّى بكونها شرخًا داخل حزب الدستور الذي قاد الحركة الوطنية.
ولئن حافظ بن علي على قرطاج مركزًا وحيدا للسلطة وشاهدًا على حكم فردي عائلي مستبدّ، فقد سُحبت إلى الظلّ أماكن كانت رموزًا للعهد البورقيبي منها قصره بـ"صقانس" الذي انتهى هذه الأيّام بناية مهجورة ومأوى للمنحرفين ومتعاطي المخدّرات، و"روضة آل بورقيبة" التي لم تُتعهّد إلاّ في رئاسة محمد المنصف المرزوقي.
ويبدو لنا المكان أصدق الشهادات على حقيقة الانقلاب الذي قاده بن علي وما كان منه من عجرفة وسوء معاملة لبورقيبة العجوز لم يخْفِها معها إلحاح إعلامه البائس على أنّ الذي تمّ كان "تحوّلًا حضاريًا في كنف تواصل الدولة والجمهوريّة".
حدث الثورة وتوزّع السلطة ودلالة المكان عليه
في سنوات الثورة القليلة، تغيّرت أمورٌ عديدة في حضور الدولة والسلطة والفاعلين السياسيين وأثره البالغ على المكان ودلالاته السياسية. وهذا مبحث يُغني عن سؤال لم يعُد له معنى (هل الذي حدث ثورة؟)، ويفتح سبُلاً سالكة إلى تصاريف ثورة الحرية والكرامة وبصماتها العميقة على المجالات التي تصل إليها.
نعتبر أنّ مرحلة التأثير الفعلية بدأت مع انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، وكان اعتصام القصبة مقدّمة له. ومثّل "الدستور الصغير"، وهو الوثيقة التي على ضوئها تمّ تسيير المرحلة قبل صياغة الدستور، بدايةً لتوزيع جديد للسلطة بـ"نظام مجلسي" يقوم على ثلاث رئاسات: رئاسة المجلس ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، وهو ما سيتواصل إلى حد ما مع اعتماد نظام شبه برلماني مع دستور الثورة المصادق عليه في 27 جانفي/كانون الثاني 2014.
ظهر أثر توزيع السلطة مع النظام شبه البرلماني على مواقع السلطة التاريخية ليُحيي دورَ "القصبة" و"باردو"، ويعيد ضبط العلاقة بينهما وبين "قرطاج" على ضوء ما ضبطه الدستور الجديد
ظهر أثر توزيع السلطة مع النظام شبه البرلماني على مواقع السلطة التاريخية ليُحيي دورَ "القصبة" و"باردو"، ويعيد ضبط العلاقة بينهما وبين "قرطاج" على ضوء ما ضبطه الدستور من صلاحيات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فدخلت هذه الأماكن المعجم السياسي والصحفي. وصارت عناوين من قبيل "التجاذب بين قرطاج وباردو" أو "موقف القصبة بين باردو وقرطاج" مداخل إلى تقاطعات المشهد السياسي والثوابت التي من خلالها تُقرأ المواقف وتُبنى التقديرات.
وكانت المرحلة الانتقاليّة تُدار بين مواقع السلطة الثلاثة هذه والتجاذبات التي تعرفها في علاقة بالمشهد السياسي وتقلّباته. فبمقارنة سريعة بين مرحلة الترويكا ومرحلة ما بعد انتخابات 2014 وعودة المنظومة، نلاحظ عودة "قرطاج" إلى الواجهة من خلال شخصية الرئيس الباجي قايد السبسي ورغبته في "تحوير الدستور" باتجاه النظام الرئاسوي، وهو يعلم أنّه ليس بإمكانه فعل ذلك. ولكنه من خلال ثقافة النظام الرئاسوي الموروثة عن تجربته الطويلة مع الرئيس بورقيبة وشخصيته الجامعة ودوره في لمّ شتات القديم حَوّل النظام شبه البرلماني برئاساته الثلاث إلى نظام رئاسوي.
فكان السيّد الحبيب الصيد وزيرًا أول عنده وهو رئيسٌ للحكومة بصريح الدستور، وعندما طُلب منه الاستقالة المهينة فضّل أن تكون مغادرته بالتصويت على الثقة أمام البرلمان، ومثّل مشهد التصويت ثلمة أخلاقيّة في مؤسسة سياديّة مؤتمنة على التشريع. ولا يمكن أن يفهم تمرّد يوسف الشاهد عليه إلاّ برغبة في الخروج من صورة الوزير الأول إلى صورة رئيس الحكومة بكل ما يضبطه له الدستور من صلاحيات واسعة. وكان الباجي قايد السبسي الذي لا يكفّ عن نقد النظام السياسي الجديد وعن ضرورة تنقيح الدستور قد حوّل النظامَ السياسي عمليًا، ممّا أضعف حضور القصبة وحصر السجال بين قرطاج وباردو.
السلطة التي كانت ممركزة في العهدين السابقين في قرطاج انسابت إلى باردو والقصبة. فصارت هذه الأماكن الثلاثة دالاًّ على مدلول واحد هو أنّ بنية السلطة تعرف تحوّلًا مطّردًا. ولا يخفى أنّ النظام شبه البرلماني كان التوجه الغالب على الطبقة السياسيّة وأحد الضمانات الأساسيّة لمنع عودة الاستبداد بسلطته الممركزة.
الانتقال الديمقراطي وعمليّة الدمج السياسي
نعني بالدمج أنّ سقف الحريّة العالي مكّن من مشاركة واسعة لفئات اجتماعيّة وقوى سياسيّة وجهات كانت مبعدة، وكأنّ الاتجاه العام للمشهد موجّهٌ برغبة في رأب الانقسام الاجتماعي الذي كان نتيجة منطقيّة لدولة مركزيّة لم تغطّ كلّ المساحة الاجتماعيّة. وحتّى القوى التي كانت تحت تغطيتها وجزءًا من النظام السياسي خرجت تبحث لها عن موقع في الوضع الجديد وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل، فصارت "ساحة محمّد علي" رمزًا لسلطة اجتماعيّة لها كلمتها في الانتقال الديمقراطي واتجاهاته.
اقرأ/ي أيضًا: جدل "التمثيل" و"الإجماع" في التجربة الديمقراطيّة التونسية
في حين لم يرتبط حضور "اتحاد الصناعة والتجارة" بمقرّه، ولم يكن دالًا عليه في الخطاب الإعلامي. فالحركة النقابيّة واضحة بمطالبها ومواقفها أيّا كان اتجاهها في حين تميل "البورجوازيّة التونسيّة" مثل كلّ بورجوازيّة إلى التورية والمواربة وكان لها مسيرتها المميّزة. ومكّنتها مرونتها عبر التاريخ من أن تنحني لكلّ العواصف، وأن يكون لها نصيبها في كلّ المراحل بدايةً من المرحلة الاستعماريّة ونهايةً بثورة الحريّة والكرامة. فهي لا تحتاج إلى مكان يدلّ عليها، مثلما أنّه لم يكن لها حزبها، مثل أخواتها الأوروبيّات في مرحلة من تاريخها، لكونها موجودة تقريبًا في جلّ الأحزاب.
ولا يمنع هذا من رصد مسيرتها، بشيء من الانتباه، في توسّع المدينة وعمرانها، ولا سيّما في الضاحية الشماليّة من العاصمة، فكانت "ميتيال فيل" و"المنازه" و"المنارات" و"النصر" ثمّ "البحيرة" بمثابة آثار تشهد بالمسافة التي قطعتها "بورجوازيّتنا" والدروب التي سلكتها. هذا في علاقتها بالمكان، وأمّا طبيعتها ودورها وعلاقتها بسطح الدولة وعمقها فذلك مبحث يضيق عنه المقال.
ومن مظاهر الدمج نشوء أحزاب فاق عددها المائتين. وهي ظاهرة مطّردة في كلّ عمليّات الخروج من الدكتاتوريّة إلى المشاركة السياسيّة الحرّة. وغالبًا ما تصبح مقرّات الأحزاب وأماكنها دالّة على الأحزاب المشاركة في عمليّة الانتقال. وما يلفت الانتباه أنّه رغم ذيوع أسماء الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي، فإنّ حزبًا واحدًا يدلّ عليه مقرّه هو حزب النهضة. فعندما تقول"مونبليزير" فإنّك تعنيه دون غيره. وارتبط بهذا المكان معجم إعلامي سياسي من قبيل "شيخ مونبليزير" أو "موقف مونبليزير" أو "ذباب مونبليزير الإلكتروني". ويمكن إرجاع الأمر إلى حجم الحزب وقدراته الماليّة، مثلما يمكن إرجاعه إلى كونه من الشروط الأساسيّة في تأسيس الديمقراطيّة. وصار المكان يرمز إلى قدر من السلطة والنفوذ. وفي كلّ الأحوال للفعل السياسي أثره في المكان والزمان.
قرطاج، والقصبة، وباردو، وساحة محمد علي، ومونبليزير، وحيّ الخضراء (اتحاد الأعراف) هي أماكن ترمز إلى مواطن للسلطة، وليست كلّ السلطة
وهذا لا ينفي فعاليات الأحزاب الأخرى، فالأحزاب تدلّ عليها "علاماتها المميّزة" (لوغو)، غير أنّ المخيال العام لا يحتفظ إلاّ بالقليل منها. وأهمّها "الدراجة الهوائيّة" للتيّار الديمقراطي، و"النخلة" للنداء و"الحمامة" للنهضة، أمّا رمز "الأسد" الذي اتخذه حزب قلب تونس فإنّه لم يؤخذ بعد على محمل الجدّ، شأنه شأن الحزب الذي لم تستقرّ منزلته بعد.
كانت عبارة "حمامة النهضة تحطّ على نخلة النداء" أبلغ الاستعارات السياسيّة للتعبير عن سياسة التوافق بين النهضة والنداء في سنته الأولى. ولكن علامة النخلة طواها النسيان ولم تبق إلاّ دراجة التيار وحمامة النهضة، كأنّ العلامتين تشيران إلى الحاجة إلى حزبين كبيرين ديمقراطي ومحافظ يحطّ الانتقال الديمقراطي عندهما رحاله.
قرطاج، والقصبة، وباردو، وساحة محمد علي، ومونبليزير، وحيّ الخضراء (اتحاد الأعراف): أماكن ترمز إلى مواطن للسلطة، وليست كلّ السلطة. فللسلطة مثلما للدولة سطحها وعمقها. ولئن كانت هذه الأمكان صورة عن توزّع السلطة، فإنّ علامات تذرّرها أكثر من أن تحصى. علامات تشهد عليها الحكومات المتعاقبة منذ 2011، وقد كانت جميعها حكومات تصريف أعمال بسبب غياب نصيب السلطة الكافي للحكم وتنفيذ السياسات. كما تشهد عليها أصول رؤساء الجمهوريّة ورؤساء الحكومات والوزراء وجهاتهم، حتّى لا تكاد توجد معتمديّة لم يكن منها وزير. فالدولة تبحث جادّة عن قاعدة لها صلبة تحقّق بها صفة الوطنيّة لأوّل مرّة، في ظلّ حريّة معمّدة.
وفي هذا السياق، لا يمكن أن يُحمل كلام الرئيس قيس سعيّد عن الدولة والدستور إلا على أنّه إشارة إلى انتباه جماعي إلى ضرورة توفير نصيب السلطة الضروري للحكم وتدشين الإصلاحات المطلوبة في مواجهة تذرّر لا يتوقّف، وليس عودة لمركزة مستحيلة في قرطاج.
اقرأ/ي أيضًا:
قيس سعيّد رئيسًا: "هبّة الصّندوق" وأسئلة السّلطة الثلاثة.. سؤال الدّاخل (1)
قيس سعيد رئيسًا: "هبة الصندوق" وأسئلة السلطة الثلاثة..سؤال الجوار المغاربي (2)
قيس سعيد رئيسًا: "هبة الصندوق" وأسئلة السلطة الثلاثة.. سؤال العالم والتاريخ(3)