الترا تونس - فريق التحرير
حوادث صادمة مرتبطة بالتحرش الجنسي تطالعنا من مؤسسات تربوية في تونس، منذ بداية السنة الدراسية الحالية التي انطلقت أساسًا منذ شهر ونصف فقط، تطرح عديد نقاط الاستفهام حول الوضع الذي آلت إليه المنظومة التربوية اليوم في ظلّ تردّي منظومة القيم.
حوادث صادمة مرتبطة بالتحرش الجنسي تطالعنا من مؤسسات تربوية في تونس، منذ بداية السنة الدراسية الحالية التي انطلقت أساسًا منذ شهر ونصف فقط، تطرح عديد نقاط الاستفهام حول الوضع الذي آلت إليه المنظومة التربوية
يتعلّق الأمر بحوادث التحرش الجنسي المسجلة والمعلن عنها بعدد من المؤسسات التربوية، سواءً من أساتذة أو مديري مؤسسات، منذ بداية السنة، تذكّرنا بدورها بحوادث سابقة تم تسجيلها في السنة الفارطة أو السنوات التي تسبقها.
-
محادثات استدراج "جنسي" من مدير معهد لتلميذة
آخر حوادث التحرش الجنسي المسجلة من قبل إطار تربوي تجاه إحدى التلميذات، ما جدّ في القصرين من إيقاف مدير معهد ثانوي على خلفية رواج صور لمحادثات على فيسبوك تُظهر أنه يستدرج تلميذة "جنسيًا".
آخر حوادث التحرش الجنسي المسجلة من قبل إطار تربوي تجاه إحدى التلميذات، ما جدّ في القصرين من إيقاف مدير معهد ثانوي على خلفية رواج صور لمحادثات على فيسبوك تُظهر أنه يستدرج تلميذة "جنسيًا"
وفي هذا الصدد، أكد المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين والناطق الرسمي باسم محاكم القصرين عماد العمري، في تصريح لإذاعة "موزاييك" (محلية)، أنه تم إيداع مدير معهد ثانوي بإحدى معتمديات القصرين بالسجن، إثر مثوله أمام النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024، من أجل شبهات تحرش جنسي بتلميذة.
وذكر أنّ النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين كانت قد أذنت، الاثنين المنقضي، بالاحتفاظ بالمدير المشتبه به، بعد رواج محادثات تجمعه بتلميذة بالمعهد الذي يشرف عليه.
وفي هذا الصدد، دعا الناطق باسم محكمة القصرين ضحايا جرائم التحرش الجنسي إلى كسر حاجز الخوف وتتبع الإجراءات العدلية في حق المخالفين.
-
تلميذة حامل من أستاذها
وقبل ذلك بشهر، هزّت حادثة صادمة الرأي العام في تونس، إثر سجن أستاذ بتهمة اغتصاب تلميذة والاعتداء عليها جنسيًا من قبل أستاذها طيلة 3 سنوات، منذ كان سنّها لا يتجاوز الـ13 سنة، انتهى بحملها في سنّ الـ16 عامًا.
وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد جوهر القابسي أطوار الحادثة آنذاك، بتوضيح أنّ والد التلميذة الضحية تقدم بشكاية في حق الأستاذ ذكر فيها أنّ ابنته حامل في الشهر السادس.
الناطق باسم محكمة سيدي بوزيد: والد تلميذة تبلغ من العمر 16 سنة تقدم بشكاية ذكر فيها أنّ ابنته حامل في الشهر السادس من طرف أستاذها الذي اغتصبها ودأب على الاعتداء عليها جنسيًا طيلة 3 سنوات
وقال القابسي، في مداخلة له على الإذاعة ذاتها بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إنّ الأب اكتشف ذلك صدفة باعتبار أن ابنته كانت خائفة وتحاول إخفاء الأمر خاصة وأنّ الأستاذ المتهم كان يمدها بمواد لتناولها في محاولة لإسقاط الحمل، منها مواد كيميائية تُستعمل في مخابر المعهد.
ولفت الناطق باسم المحكمة إلى أنّ "الفتاة قالت إنها تعرضت إلى اعتداء منذ 3 سنوات وتواصلت الاعتداءات الجنسية من نفس الأستاذ، سواءً في المعهد أو خارج المعهد وحتى في محلّ زوجية الأستاذ".
وأضاف أنّ "قاضي التحقيق المتعهد بالبحث أصدر بطاقة إيداع ضد الأستاذ ذي الشبهة، مشيرًا إلى أنه وُجهت إليه "شبهة جريمة اغتصاب أنثى لم تبلغ بعد 16 سنة كاملةً والتي تصل عقوبتها للسجن المؤبد خاصة إذا استغلّ المعتدي نفوذه أو وظيفته أو ما له من سلطة على الضحية"، وكذلك شبهة "محاولة إسقاط الحمل الظاهر أو الخفي بواسطة مشروبات أو أدوية، وهي جريمة تستوجب العقاب لمدة 5 سنوات"، حسب قوله.
أثارت الحادثة ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي وعبّر نشطاء عن استنكارهم لهذه الجريمة البشعة خاصة وأنّ الضحية تعرضت للاعتداءات الجنسية وهي قاصر طيلة 3 سنوات كاملة
وقد أثارت الحادثة ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وعبّر نشطاء عن استنكارهم لهذه الجريمة البشعة، خاصة وأنّ الضحية تعرضت للاعتداءات الجنسية وهي قاصر، طيلة 3 سنوات كاملة.
واستغرب آخرون عدم تفطن عائلة التلميذة بالحمل على الرغم من تقدمه 6 أشهر كاملة، أو عدم انتباهها لحالتها النفسية طيلة الـ3 سنوات التي تعرضت خلالها لاعتداءات جنسية، وفق تعبيرهم.
-
بسبب شبهة تحرش بتلميذة.. إيداع أستاذ ومدير السجن
في حادثة تحرش أخرى، تم بتاريخ 27 جوان/يونيو 2024، إيداع مدير معهد ثانوي بمنوبة وأستاذ من نفس المعهد السجن، على خلفية شبهة تحرش وعدم إنصاف إدارة المعهد لتلميذة قاصر كانت عائلتها أشعرت مندوب حماية الطفل بالواقعة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.
في حادثة سابقة تم إيداع مدير معهد ثانوي بمنوبة وأستاذ من نفس المعهد السجن، على خلفية شبهة تحرش وعدم إنصاف إدارة المعهد لتلميذة قاصر
وقالت الناطقة الرسمية للمحكمة الابتدائية بمنوبة، سندس النويوي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية آنذاك، إنّ الأستاذ أحيل على أنظار المجلس من أجل شبهة التحرش بتلميذة قاصر واستغلال خصائص الوظيف، فيما أحيل المدير بشبهة ارتكاب تمييز بغاية حرمان الضحية من حقوقها، وذلك بعد إحالتها بعد إثارتها للموضوع على مجلس التأديب وطردها نهائيًا من المعهد بسبب سوء السلوك.
وكانت قد أعلمت، منذ ديسمبر/كانون الأول المنقضي، مندوب حماية الطفولة بمنوبة بحيثيات شبهة التحرش مقدمة كافة الأدلة حول مماطلة الإدارة في اتخاذ الإجراءات الضرورية، لتقوم بدورها بإشعار النيابة العمومية التي عهدت بالملف للفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل.
-
أهمية الإحاطة النفسية والإشعار
وفي تصريح سابق لـ"الترا تونس"، أكدت الأخصائية النفسية شيماء بن علية أنّ واجب الإشعار محمول على كلّ مواطن عند اكتشاف تعرض طفل إلى تحرش جنسي، مشيرة إلى أنّ "على الوليّ التواصل مع مندوب حماية الطفولة أو قاضي الأسرة والكشف على كلّ المعطيات التي يتحصّل عليها من طفله بالإضافة إلى تقديم الإثبات"، وفقها.
أخصائية نفسية لـ"الترا تونس": واجب الإشعار محمول على كلّ مواطن عند اكتشاف تعرض طفل إلى تحرش جنسي وعلى الوليّ التواصل مع مندوب حماية الطفولة أو قاضي الأسرة والكشف على كلّ المعطيات التي يتحصّل عليها من طفله
وعن العلامات التي تظهر على الطفل الذي تعرّض للتحرّش، تؤكّد شيماء بن عليّة أنه "من المهمّ رصد أيّ تغيّر في الحالة النفسيّة كالانعزال والحزن وانقطاع التواصل، بالإضافة إلى التغيّرات التي تطرأ على النوم أو النظام الغذائي"، مضيفة أنّ "هذه الحالة تحتاج إلى حبّ لا مشروط كي يستطيع الطفل البوح بمشاعره وما تعرّض له"، وفق تصريحها لـ"الترا تونس".
وأرجعت الأخصائية النفسية الإفلات من العقاب عند حالات التحرش الجنسي بالأطفال إلى نقص الثقافة الجنسية عند الأطفال وخوف الأولياء من الخوض في هذه المواضيع رغم أنّ الطفل يحتاج للتوعية بالثقافة الجنسية منذ أن يبلغ الثانية من عمره، حسب تقديرها.
-
عقوبات التحرش الجنسي
ينص الفصل 226 من القانون عدد 73 لسنة 2004 المتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الجنائية بخصوص زجر الاعتداءات على الأخلاق الحميدة وزجر التحرش الجنسي على أنه "يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار مرتكب التحرّش الجنسي".
يعد تحرشًا جنسيًا كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات
ويوضح القانون ذاته أنه "يعد تحرشًا جنسيًا كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات".
و"يضاعف العقاب إذا ارتكبت الجريمة ضد طفل أو غيره من الأشخاص المستهدفين بصفة خاصة بسبب قصور ذهني أو بدني يعوق تصديهم للجاني"، وفق القانون ذاته.