مقال رأي
مع كلّ دورة بكالوريا في تونس، ينقسم التلاميذ إلى 3 أصناف: الناجحون، والراسبون والمؤجّلون. ولئن كان طريق كلّ من الفئة الأولى والثانية واضحًا تمام الوضوح، فإنّ الفئة الثالثة لا تتبيّن بعد معالم طريقها، إذ لم يُحسم بشأنها أيّ أمر.. وقد عُلّقت فرحتها أو حزنها إلى أجل مسمّى. نتحدّث اليوم عن أبطال دورة المراقبة، أو "دورة الأبطال" كما يحلو للكثيرين تسميتها.
ينقسم التلاميذ إلى 3 أصناف مع كلّ دورة بكالوريا في تونس: الناجحون، والراسبون والمؤجّلون.. الفئة الثالثة لا تتبيّن بعد معالم طريقها، إذ لم يُحسم بشأنها أيّ أمر، وقد عُلّقت فرحتها أو حزنها إلى أجل مسمّى
وتنطلق دورة المراقبة عمومًا، بعد أسبوع واحد من إعلان نتائج الدورة الرئيسية لمناظرة البكالوريا، وتمتدّ على أربعة أيام، وفيها يتدارك التلميذ ما لم يتمكّن من تحقيقه في الدورة الأولى.
وفيما يلي، نعدّد بعض الأسباب التي تجعل من دورة المراقبة في البكالوريا "دورة الأبطال" فعلًا، لمواجهتهم جملة من الصعوبات:
- ضغط مضاعف
يعيش التلميذ -المؤجّلة فرحته بالنجاح- ضغطًا مضاعفًا عمّا كان يشعر به وهو يجتاز الدورة الرئيسية. إذ الكلّ يترقّب المصير الحاسم هذه المرة. فإما النجاح المؤكد، أو الرسوب بغير إمكانية أخرى للتدارك للأسف سوى إعادة السنة من جديد.
- رصاصة أخيرة
تنفد الخيارات بالتالي، للتلميذ الذي يجتاز دورة الأبطال، فهو يملك رصاصة واحدة متبقية في جيبه، إمّا أن يصيب بها الهدف، أو يخفق في ذلك فيضطرّ إلى العوْد على بدء.
- مراجعة.. من جديد!
من المجحف القول إنّ كلّ التلاميذ ينسون ما حفظوه مباشرة بعد اجتيازهم الاختبارات، لكنّ أغلبهم كذلك للأسف، على الأقلّ ممّن أعرف. وحتى إن بقيت الأفكار العامة محفورة هناك في الذاكرة، فإنه لا مفرّ من فتح الكرّاسات من جديد، وإعادة قراءة الملخّصات وربما حضور بعض الدروس الخصوصية أيضًا للاستعداد الجيّد لهذه الدورة.
المؤجّل في دورة البكالوريا ليس "نصف راسب"، والناجح في دورة المراقبة ليس بـ"نصف ناجح"
- التفكير في الفرص الضائعة
لعلّ العدوّ الأوّل لمجتاز دورة الأبطال، هو "التفكير الزائد"، أو "over thinking"، الذي يقيّد فكرهم ويشلّ الانسيابية المطلوبة في هكذا اختبارات. فالتفكير في أنّ الناجحين في الدورة الرئيسية قد فازوا بأهم المقاعد الجامعية، وأنّ حتى النجاح في دورة المراقبة لن يكون إنجازًا ذا شأن، يسيطر بلا شكّ على هواجس هؤلاء التلاميذ.
- إعادة الدورة أم إعادة السنة؟
ولعلّ التمزّق الأشهر الذي يتصارع داخل كلّ "مؤجّل" هو سؤال: "أيهما أفضل؟ هل أجتاز دورة المراقبة أم أعيد السنة من جديد بعزيمة جديدة؟". يبدو الخيار صعبًا فعلًا مع أنّنا نؤيّد خيار اجتياز دورة المراقبة بالتأكيد.. فلا يوجد أيّ ضمان للنجاح في السنة المقبلة أيضًا من الدورة الرئيسية.
إنّما جُعلت "دورة المراقبة" فرصةً ثانية لكلّ من خانته الظروف في الدورة الرئيسية لأيّ سبب كان
على أنّ هذه الأسباب الخمسة التي تجعل من أبطال دورة المراقبة أبطالًا، إن هم قرّروا تحدّيها، ليست سوى غيض من فيض. وإنّ الأسباب النفسية والعائلية والاجتماعية لدى كلّ تلميذ تجعل من الإلمام بها كلّها شبه مستحيل، ورسالتنا من وراء ما تقدّم ذكره، هو أنّ المؤجّل في دورة البكالوريا ليس "نصف راسب"، وأنّ الناجح فيها ليس بـ"نصف ناجح".
إنّما جُعلت "دورة المراقبة" فرصةً ثانية لكلّ من خانته الظروف، لأيّ سبب كان: صعوبة الامتحان، قلّة التركيز، نقص المراجعة، إصلاح غير منصف.. وغيرها. ومادامت المنظومة نفسها هي التي أدرجتها وسهرت على حسن تسييرها في ظروف مشابهة تمامًا لظروف الدورة الرئيسية.. فإن هي اعترفت بأهمية "دورة الأبطال"، من هو هذا المثبّط الذي لا يعترف بها؟
وإن أنتَ تهيّبتَ اجتيازها والنجاح فيها وتلحّ على نفسك بالتساؤل: من أنا لأنجح في هذا الدورة؟ من أنا لأكون متميّزًا؟ فإنّ السؤال في الواقع هو: من أنتَ حتى لا تكون؟".
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"