"عندما كان وسام مراهقًا أحب كرة القدم وتم قبوله للّعب في أصاغر النادي الإفريقي وحاولت عائلة جده إقناعي بأن يبقى في العاصمة ليتدرب لكني رفضت، خفت عليه من العاصمة وطلبت أن يعود إلى ولاية قبلّي ويكمل دراسته" يقول بلوعة كمال عبد اللطيف والد وسام عبد اللطيف الذي توفي يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2021 في إيطاليا في ظروف غامضة.
"حاولت أن أربي وأرعى ابني وأعلمه وأحافظ عليه، فهو وأخته وحيداي، لكن هاهو وسام يموت في إيطاليا وإلى حد الساعة لم يصلني جثمانه".
وسام البالغ من العمر 26 سنة غادر إلى إيطاليا بحرًا في هجرة غير نظامية خلال شهر أكتوبر/تشرين الثاني الماضي بعد أن ضاقت به السبل، كما يؤكد والده.
اقرأ/ي أيضًا: وفاة مهاجر تونسي في مركز ترحيل بإيطاليا.. تحركات من أجل كشف الحقيقة
"ظل وسام لسنوات ينتقل بين قبلّي وتونس العاصمة بحثًا عن فرصة عمل إلى أن دخل للعمل كحارس في مغازة بالعاصمة لكن بعد أزمة جائحة كورونا تم التخلي عنه وعن عدد من العاملين بسبب الوضع الاقتصادي، ليقرر الشاب التونسي أن يغادر بحثًا عن باب رزق يبني به مستقبله الذي أوصدت كل أبوابه في تونس"، يقول والده.
والد الشاب وسام عبد اللطيف لـ"الترا تونس": ابني كان ينشر فيديوهات يكشف فيها الوضعية اللاإنسانية لمركز الإيقاف.. وهناك شهود أكدوا أن الأمنيين ضربوه على رأسه وأنهم كانوا يحقنونه بأدوية أعصاب مخدرة
ويواصل في حديثه لـ"الترا تونس": "ولاية قبلّي تغيب فيها المشاريع وترتفع بها نسب البطالة.. وحتى لما وجد فرصة عمل في العاصمة قلبت الجائحة الموازين وعاد مجددًا عاطلًا عن العمل، فاختار أن يركب البحر".
"نجا من الأمواج ودخل إيطاليا وهاهو يقتل على أراضيها في مركز بانتي غاليريا بروما"، حسب رواية والده.
كمال عبد اللطيف والد وسام كشف لـ"الترا تونس" أن "ابنه الهالك كان يتصل بهم أحيانًا، فقد كانوا يخيرونهم بين الحصول على علبة سجائر أو بطاقة شحن للهاتف"، على حد قوله.
اقرأ/ي أيضًا: قصة "حارق" تونسي إلى فردوس لامبيدوزا الإيطالية (صور)
وأضاف أن ابنه طلب منهم تكليف محامية في إيطاليا لتقديم مطلب لجوء وهو ما قاموا به ودفعوا 300 يورو لها كدفعة أولى وكانت تطمئنهم وتؤكد أنها فعلًا قامت برفع القضية.
"وعندما غابت أخبار وسام اتصلنا بها فأخبرتنا أنه بخير وأنه يفضل علبة السجائر على مهاتفتهم وهو ما أثار استغراب الأب ليكتشف فيما بعد أن ابنه فارق الحياة في ظروف غامضة".
الأب الملتاع يصر على أن "ابنه بصحة جيدة وهو رياضي وأنه كان يكلمهم وكان ينشر فيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يكشف فيها الوضعية اللاإنسانية لمركز الإيقاف وأن شهودًا أكدوا أن الأمن ضربه على رأسه وأنهم كانوا يحقنونه بأدوية أعصاب مخدرة وهو ما يفعلونه مع كثيرين من أجل إتلاف أعصابهم وتخديرهم وكأنهم حيوانات".
والد الشاب وسام عبد اللطيف لـ"الترا تونس": يؤلمني جدًا غياب الدولة التونسية ولا مبالاتها بما حدث، فبعض البلدان تحرك أساطيلها لتدافع عن مواطنيها فيما تصمت تونس ولا يعنيها
ويتابع: "كلفنا محاميًا، كما أن هناك جمعيات إيطالية والنائب التونسي عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي يتابعون القضية في إيطاليا وقد تم تشريح الجثة وننتظر تقرير الطب الشرعي الذي سيعرض على المحكمة".
عائلة وسام عبد اللطيف لم تخفِ حيرتها واستغرابها من غياب السلطات التونسية وعدم اهتمامهم في وقت يؤكد الوالد أن السفير الإيطالي في تونس اتصل به وقدم له العزاء واعتذر عما حدث لابنه، مؤكدًا له أن القضاء سيأخذ مجراه وأن إيطاليا لا تسمح بأن يعامل أو يقتل إنسان على أراضيها بهذه الطريقة، على حد قوله.
يقول الأب إن السفير الإيطالي أكد له أن "أبوابه مفتوحة وأن بإمكانه الاتصال به متى شاء وأنه يتابع الموضوع، كما زارت العائلة ممثلين عن جمعيات حقوقية إيطالية لتعبر عن تضامنها ومتابعتها للموضوع".
كما أشار إلى أن "القنصل التونسي في إيطاليا اتصل بالعائلة وقدم العزاء وطلب منه أن يتصل به لمتابعة الموضوع ومجريات التحقيقات في روما"، مستدركًا أنه "اتصل بالرقم بعد أيام فوجده غير مبرمج بالشبكة".
ويضيف والعبرات تخنقه: "يؤلمني جدًا غياب الدولة التونسية ولا مبالاتها بما حدث، فبعض البلدان تحرك أساطيلها لتدافع عن مواطنيها فيما تصمت تونس ولا يعنيها".
عماد السلطاني (رئيس جمعية "الأرض للجميع") لـ"الترا تونس": تعنت السلطات الإيطالية وارتكابها لممارسات اللاإنسانية مع المهاجرين غير النظاميين التونسيين سببه علمها بصمت ولا مبالاة تونس
صمت رسمي تونسي تقابله تحركات للمجتمع المدني فقد أكد رئيس جمعية الأرض للجميع عماد السلطاني لـ"الترا تونس" أن "الجمعية تتابع القضية، وأن ما حدث لا يخرج عن اتفاقية العار التي تم توقيعها بين تونس وإيطاليا وهي مخفية لكن الجمعية تحصلت عليها وهي تنص على ترحيل عدد كبير من التونسيين والحصول على أموال مقابل ذلك إلى جانب معدات حتى تصبح تونس الحارس الأمين للاتحاد الأوروبي".
وبيّن عماد السلطاني أن "ما حدث لوسام حدث لعدد آخر قبله فهناك شباب توفوا من سفينة الحجر الصحي بعد أن ألقوا بأنفسهم، كما أن هناك امرأة توفيت في مركز الترحيل السنة المنقضية، إلى جانب الاختفاء القسري لعدد آخر".
اقرأ/ي أيضًا: "حمودة".. حكاية أب تحطّمت كلّ سفنه
ويعتبر محدثنا أن "تعنت السلطات الإيطالية وارتكابها لممارسات اللاإنسانية مع التونسيين سببه علمها بصمت ولا مبالاة تونس"، مشيرًا إلى أن 5 قنصليات موجودة في إيطاليا لا تتابع ولا تزور مراكز الاحتجاز ووضعيات التونسيين ومشاكلهم".
ويحمل رئيس جمعية الأرض للجميع مسؤولية ما حدث لوسام عبد اللطيف للديبلوماسية التونسية، مؤكدًا أن وسام توفي وهو مقيد وتدعي السلطات الإيطالية أنه يعاني من مرض نفسي وهو ما كذبته عائلته.
وأضاف: "كما أن شاهدين تونسيين أكدا أن الأمن ضرب الضحية على رأسه وهو ما أدى للوفاة"، مشيرًا إلى أنهم نجحوا في إبقاء الشاهدين وعدم ترحيلهما كما كانت السلطات الإيطالية قد قررت.
وشدد عماد السلطاني على أن الجمعية تواصل تحركاتها بالتعاون مع المجتمع المدني الإيطالي لكشف الحقيقة ومعاقبة المذنبين.
رمضان بن عمر (منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية) لـ"الترا تونس": المهاجرون غير النظاميين تُرتكب في حقهم أبشع الجرائم وأغلبهم أكدوا أنه يتم تجويعهم لفترة طويلة ثم يقدم لهم الأكل مدسوسة فيه أدوية أعصاب لتخديرهم
حقيقة يبحث فيها أيضًا المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، فقد أفادنا الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أن بيانًا صدر يطالب السلطات الإيطالية بالكشف عن ملابسات القضية والدولة التونسية بمتابعة الموضوع.
وتابع أن "عملية التقييد في الأسرّة موجودة وموثقة وأن الأمن الإيطالي يستعملهما بتعلة السيطرة على بعض العنيفين، وهو ما يتنافى مع كل المواثيق وكل الأخلاقيات الإنسانية والقانونية"، وفقه.
"حتى وإن كانوا مهاجرين غير نظاميين فإن القانون الدولي لا يسمح بالانتهاكات اللاإنسانية بل لا بد أن تتوفر الظروف التي تحفظ كرامة الإنسان من صحة وغذاء" يقول رمضان بن عمر.
وكشف لـ"الترا تونس" أن "المهاجرين غير النظاميين تُرتكب في حقهم أبشع الجرائم وأن أغلبهم أكدوا أنه يتم تجويعهم لفترة طويلة ثم يقدم لهم الأكل مدسوسة فيه أدوية أعصاب يتم تخديرهم بها"، على حد قوله.
اقرأ/ي أيضًا: