الترا تونس - فريق التحرير
دعا وزير الداخلية هشام الفوراتي، في إطار ردّه على أسئلة النواب بخصوص قضية ما يُعرف بـ"المدرسة القرآنية" بالرقاب، خلال جلسة عامة بالبرلمان، مساء الاثنين 11 فيفري/ شباط 2019، إلى النأي بالمؤسسة الأمنية عن كلّ تواطؤ متعمّد في هذا الملف أو انخراط ممنهج بأعمال مخلّة بالأمن العام أو تمسّ من الحقوق والحريات.
وأضاف الفوراتي أنه يستنكر ويرفض التوصيف الذي لاحق عددًا من أعوان الحرس الوطني بسيدي بوزيد في هذه القضية، مؤكدًا في الآن ذاته أن وزارة الداخلية لا تتوانى عن اتخاذ أي إجراءات في حال حصول تقصير أو عمل مخالف للقانون، وفقه.
وزير الداخلية: قاضي الأسرة بسيدي بوزيد قرر تسليم أطفال المدرسة القرآنية بالرقاب إلى أوليائهم
وذكر أنه تمت الإشارة، في حصة تلفزيونية، إلى أن صاحب المدرسة فاروق الزريبي كان محلّ حماية من الأمن بالجهة وأن أحد العاملين بالجمعية القرآنية تحوّل إلى منزل صحفي وأعلمه أن الزريبي يرغب في مقابلته ووقع توجيه أصابع الاتهام للوحدات الأمنية بإفشاء اسم الصحفي، مبينًا أنه يوم 17 جانفي/ كانون الثاني 2019 تلقت فرقة الأبحاث والتفتيش بسيدي بوزيد التابعة للحرس الوطني، مكالمة هاتفية مصدرها فاروق الزريبي أعلم خلالها عن تواجد شخصين يرتديان اللباس الطائفي توليا السؤال عن كيفية الالتحاق بالمدرسة.
وأضاف أنه عند لحاق سيارة تابعة للحرس الوطني بسيارة الفريق الصحفي تبيّن أن فاروق الزريبي لحق بها أيضًا، مبرزًا أنه بإيقاف السيارة تبيّن أن الفريق الصحفي تولى إجراء عدد من الحوارات مع الأهالي وقاموا بالتعريف بأنفسهم وأنهم يعملون بقناة تلفزية وهو ما يؤكد أن الفريق الصحفي أصبح معروفًا في الجهة حينها.
وتابع وزير الداخلية قائلًا إنه "بمراجعة النيابة العمومية وإعلامها بالحيثيات ورغبة الفريق الصحفي بمرافقتهم للتصوير داخل المدرسة، أفادت النيابة العمومية أن عملية التصوير تخضع لترخيص من صاحب المدرسة باعتبارها ملكية خاصة"، مشيرًا إلى أنه إثر ذلك أعلم الحرس الوطني الفريق الصحفي أنه بإمكانه الاتصال بهم في صورة التعرّض لأي إشكال. وأكد في سياق متصل أنه سيتمّ فتح بحث إداري في الغرض للوقوف على ملابسات الموضوع، لافتًا إلى أن أحد تلاميذ المدرسة يمكن أن يكون قد أفشى باسم الصحفي لمعرفته به نظرًا لصلة القرابة التي تجمعه به.
وزير الداخلية: أحد تلاميذ المدرسة يمكن أن يكون قد أفشى باسم الصحفي لمعرفته به نظرًا لصلة القرابة التي تجمعه به
وبخصوص التتبعات الجزائية، قال هشام الفوراتي إنه تمّ إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق صاحب المدرسة فاروق الزريبي بتهمة الاتجار بالأشخاص وهو محلّ تحقيق في هذه القضية، كما تمّ إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضدّه كذلك وضدّ السيدة التي تزوجها على خلاف الصيغ القانونية، لافتًا في هذا الصدد إلى أنه تمّ الحكم عليهما بسنة سجن وخطية مالية بقيمة 240 دينارًا. وتمّ إبقاء المعني في حالة سراح في قضية عدم الامتثال لمن له نظر ووقع تأجيل النظر في هذه القضية إلى يوم 18 مارس/ آذار 2019.
كما تمّ إصدار بطاقة إيداع بالسجن في شأن كهل كان متواجدًا بالمدرسة من أجل اغتصاب طفل دون رضاه ووقع فتح قضيتين تحقيقيتين في هذا الشأن، وفق الفوراتي الذي أفاد أن قاضي الأسرة بسيدي بوزيد أصدر يوم 11 فيفري/ شباط الجاري قرارًا بتسليم الأطفال الذين كانوا موجودين بالمدرسة إلى أوليائهم.
وذكر وزير الداخلية أن الجمعية القرآنية بالرقاب تمّ تكوينها بناء على إدراجها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 9 فيفري/ شباط 2012 وتسمى بـ"الجمعية القرآنية ابن عمر" وهي استنادًا إلى نظامها الأساسي تهدف إلى إقامة دورات في تحفيظ القرآن وتمّ تأسيسها من قبل ممثلها القانوني فاروق الزريبي الذي يعدّ، بمعية والده، من القيادات البارزة لجماعة الدعوة والتبليغ بالجهة، مشيرًا إلى أنه متزوج بتونسيتين إحداهما على خلاف الصيغ القانونية وأنه أسس عدة شركات مع رجال أعمال تنشط في مجال قطع غيار السيارات والمواد الغذائية والأدوية.
وبيّن أن اللجنة الجهوية المكلفة بمتابعة ومراقبة الفضاءات الفوضوية التي تستقبل أطفالًا على خلاف الصيغ القانونية قامت بزيارات ميدانية لمقرّ الجمعية المذكورة يوم 15 أفريل/ نيسان 2015 وعاينت عدم استجابة الفضاء للإجراءات المستوجبة للحصول على ترخيص مسبق لإيواء أطفال وتمّ في 27 أفريل/ نيسان 2015 اتخاذ قرار من قبل والي الجهة يتعلق بغلق الفضاء وقع تنفيذه يوم 13 ماي/ أيار 2015، الأمر الذي نتج عنه تسجيل جملة من الاحتجاجات إذ قام حوالي 40 شخصًا يوم 4 جوان/ حزيران 2015 بغلق مقرّ معتمدية الرقاب مطالبين برحيل المعتمد، كما قام 15 شخصًا بالاعتصام داخل مقرّ المعتمدية إلى حين فتح الفضاء مجددًا.
وزير الداخلية: مؤسس الجمعية القرآنية بالرقاب من القيادات البارزة لجماعة الدعوة والتبليغ
وأبرز هشام الفوراتي أنه تمّ اتخاذ عدة قرارات متتالية لغلق هذا الفضاء على غرار القرار الذي تمّ اتخاذه في 13 جويلية/ تموز 2015 والقرار الصادر يوم 6 أوت/ آب 2015 الذي تم تنفيذه في غرة سبتمبر/ أيلول من السنة نفسها، موضحًا أنه تمّ كذلك تسجيل عدم تقيّد الجمعية بالقرارات المتخذة في شأنها الأمر الذي أدى إلى ضبط جملة من المحجوزات و37 شخصًا من بينهم فاروق الزريبي ووالده ومباشرة قضية مخالفة قرار من له النظر ومخالفة قانون الجمعيات، لكن هذه القضية انتهت بالحفظ.
وأكد الفوراتي أن موضوع هذه المدرسة بقي محلّ متابعة أمنيًا في انتظار متابعة الإجراءات القانونية لغلقه، لافتًا إلى أن المصالح الأمنية سجّلت خلال سنة 2017 بعض المخالفات التي قامت بها هذه الجمعية على غرار تشييد مسجد دون رخصة، ومضيفًا أنه تمّ في جانفي/ كانون الثاني 2019 اتخاذ قرار غلق الفضاء وتعهدت الوحدة الأمنية الخاصة بتنفيذه وتمّ إيقاف فاروق الزريبي بتاريخ 31 جانفي/ كانون الثاني 2019.
ولفت إلى أنه بتاريخ 31 جانفي/ كانون الثاني الفارط تم التنقل رفقة المندوب العام لحماية الطفولة و5 إخصائيين نفسيين للفضاء المذكور أين تمّ العثور على 69 شخصًا من بينهم 42 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 10 و18 سنة والبقية كانوا راشدين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة ومن ضمنهم فاروق الزريبي وولده ومشرفين اثنين على التدريس وقع نقلهم جميعًا للإدارة الفرعية المتعهدة بالموضوع.
من جهة أخرى، أفاد وزير الداخلية أن هناك حوالي 259 جمعية ذات توجهات دينية ودعوية وسُجّل تعمّد 15 جمعية قرأنية استغلال فضاءات عشوائية لإيواء التلاميذ، موضحًا أنها تستقبل حوالي 530 شخصًا موزعة على 8 ولايات، ويشرف على تسييرها أشخاص عرفوا بانتماءاتهم إلى منظمات دعوية كجماعة الدعوة والتبليغ.
هشام الفوراتي: هناك حوالي 259 جمعية ذات توجهات دينية ودعوية وسُجّل تعمّد 15 جمعية قرأنية استغلال فضاءات عشوائية
وأشار إلى أن هذه الجمعيات تنشط تحت غطاء العمل الخيري والاجتماعي في إطار المرسوم 88 لسنة 2011، مبرزًا أنه تمّ إدراج إعلان تأسيسها بالرائد الرسمي وأن الهدف المعلن من إحداثها هو تحفيظ القرآن وتدريس علوم التجويد والعلوم الشرعية عادة. وأكد أنه تمّ إصدار قرارات إدارية بإيقاف نشاط الجمعيات المخالفة أو غلقها أو إخلاء الفضاءات العشوائية التي تستقبل أطفالًا على خلاف الصيغ القانونية وفتح أبحاث جزائية بالتنسيق مع النيابة العمومية من أجل مخالفة قانون الجمعيات، فضلًا عن إعلام مصالح الحكومة لاتخاذ الإجراءات لتعليق نشاط جمعيات أو حلّها، وذلك من قبل لجان جهوية تضمّ والي الجهة وممثلين عن وزارات الداخلية والمرأة والشؤون الدينية والصحة والغرف الجهوية لرياض الأطفال.
وبيّن الفوراتي أنه حسب الأبحاث الأولية يتراوح سن معظم الأطفال المتواجدين بفضاءات عشوائية بين 10 و18 سنة، منهم من يتلقى دروسًا نهارية دون مبيت ومنهم من يتم إيواؤهم ضمن فضاءات غير مرخّص لها، مبرزًا أن هؤلاء الأطفال أصيلو عدة ولايات وجلّهم من المنقطعين عن الدراسة ولم يتجاوزوا المرحلة الإعدادية، ويتمّ إلزام بعض الأطفال بارتداء اللباس الطائفي.
وبيّن أنه بعد المعاينات تم اتخاذ 11 قرارًا في غلق فضاءات عشوائية في 6 ولايات بما فيها منطقة العلا من ولاية القيروان وكذلك بمعتمدية قفصة الشمالية.
وأقرّ الفوراتي بوجود عدة ثغرات قانونية، موصيًا باعتماد إجراءات عاجلة على غرار مراجعة المنشور عدد 12 المؤرخ في 14 أفريل/ نيسان 2014، إلى جانب تحديد المسؤوليات وتوزيع الأدوار بين مختلف الهياكل المتدخلة وتوضيح إجراءات الترخيص للفضاءات التي تحتضن الأطفال والتدقيق في الجمعيات المخوّل لها الحصول على هذه التراخيص.
كما اقترح مراجعة القرار المشترك بين وزارتي الداخلية والمرأة والمتعلق بإحداث لجان جهوية لمتابعة ومراقبة الفضاءات الفوضوية، وذلك بهدف توضيح إجراءات اتخاذ قرار غلق هذه الفضاءات وإيجاد الآليات القانونية لضمان تنفيذها وإكساء عمل اللجنة الجهوية الصبغة التقريرية.
اقرأ/ي أيضًا:
السجن لمدة عام وخطية بـ200 دينار ضد صاحب "المدرسة القرآنية" بالرقاب