بمجرّد عودة التنقل بين الولايات، توجهت 6 حافلات، تضم حوالي 100 تونسيًا، إلى شاطئ سيدي مشرق بسجنان من ولاية بنزرت، وهو من الشواطئ العذراء النظيفة، ولكن لا يشهد في العادة توافدًا كبيرًا لبعده عن المصطافين. هم شباب اختاروا الاصطياف في ذلك المكان بعد انقضاء فترة طويلة من ملازمة البيت بسبب الحجر الصحي الشامل، في رحلة أضفت حركية على المنطقة وأعادت نشاط المطاعم بعد غلقها طيلة فترة الحجر.
أنعشت عودة الرحلات الداخلية بعد استئناف التنقل بين الولايات حركية نشاط بعض النزل الصغيرة والإقامات والمطاعم والمقاهي
يقول عماد صاحب المطعم لـ"ألترا تونس" إنّ توافد هذا العدد من المصطافين المحليين قد يوفّر مداخيل هامة جدًا تجعله قادرًا على دفع أجور العمال لديه داعيًا إلى التعويل على السياحة الداخلية وتشجيعها عبر تخفيض الأسعار حتى تكون في متناول المواطن وذلك بهدف إنعاش المناطق السياحية وإنقاذ المطاعم والنزل والعاملين فيها.
وقد أضفت عودة الرحلات الداخلية بعد استئناف التنقل بين الولايات حركية في عدة مناطق، وأنعشت نشاط بعض النزل الصغيرة والإقامات والمطاعم والمقاهي قرب الشواطئ خصوصًا. فهل تنقذ السياحة الداخلية الموسم السياحي هذا العام؟
اقرأ/ي أيضًا: الكورونا تعمّق أزمة المهن الهشة في تونس.. بطالة وديون
مساعي لإنقاذ الموسم السياحي
لا يخفى على أحد أنّ السياحة تعتبر من بين أكثر القطاعات تضررًءا من الحجر الصحي الشامل، وقد قدّرت السلطات الخسائر التي قد تلحق بالقطاع جراء الشلل التام في حدود ستة مليار دينار وفقدان نحو 400 ألف وظيفة. فيما قُدرت خسائر وكالات الأسفار بحوالي 300 مليون دينار.
وقبل جائحة كورونا، توقعت السلطات التونسية تسجيل أرقام قياسية هذا الموسم عبر جذب أكثر من 10 مليون سائح مقارنة بـ9.4 مليون في العام الفارط، لمواصلة انتعاشة السياحة وتعافيها من تبعات العمليات الإرهابية عام 2015. لكن حلت الجائحة، التي ضربت مختلف بلدان العالم، لتشلّ القطاع السياحي وسط مساعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مع تحسن الوضع الوبائي في البلاد.
عماد (صاحب مطعم): توافد المصطافين المحليين قد يوفّر مداخيل هامة جدًا تجعلني قادرًا على دفع أجور العمال
إذ تدفع الحكومة مع المتدخلين في القطاع السياحي للعمل على إنقاذ الموسم ءبالحد الأدنى طالما أنّ البلاد استطاعت مواجهة الوباء، وباتت تُعرف عالميًا كوجهة سياحية آمنة في ظل الانطلاق في الترويج لـ"سياحة محمية من كورونا" عبر فرض بروتوكول صحي يعتمد على إعادة فتح الفنادق بطاقة استيعاب 50 في المائة واحترام التباعد على الشواطئ والمسابح وتجنّب التجمعات سواء داخل الفندق أو خارجه.
واعتبر رئيس الجامعة التونسية للنزل خالد الفخفاخ، في تصريح إعلامي بداية جوان/يونيو، إن الأمل عاد لإنعاش الموسم السياحي الحالي، متحدثًا عن "إنقاذ جزئي" باعتبار ثبوت تسجيل خسائر مرتفعة مبينًا أن عددًا من النزل سيغلق أبوابه بصفة نهائية بسبب أزمة كورونا.
لكن سرعان ما أصدرت جامعة النزل، بلاغًا بعد أيام وتحديدًا منتصف جوان/يونيو، وأكّدت صراحة أنه "لا يوجد موسم سياحي هذا العام" مشيرة إلى أن الشروط المعلنة لفتح الحدود من فرض فحص لكشف فيروس كورونا وغيرها من الشروط تعيق تنقل السياح إلى تونس. وأشارت إلى عمليّات إلغاء مكثّفة للحجوزات تمّ تسجيلها لشهري جويليّة/يوليو وأوت/أغسطس 2020 وبالتالي إلغاء برمجة الرحلات الجويّة. ويظل الرهان الأساسي في المقابل على السوق المحلية لإنعاش بعض الأنشطة السياحية والتقليص من خسائرها.
الأمل في السياحة الداخلية
في الوقت الذي تتباين فيه الآراء حول تبعات قرار فتح الحدود وعودة السياح الأجانب، عاد منظمو الرحلات الداخلية في تونس إلى سالف نشاطهم عبر تنظيم رحلات إلى المناطق الداخلية والساحلية وحتى الصحراوية بطاقة استيعاب كاملة. وعادت الحركية تدب في بعض الإقامات والنزل الأيكولوجية.
اقرأ/ي أيضًا: السياحة الأيكولوجية في تونس.. سياحة بديلة وصديقة للبيئة
يقول بلال عبد المولى أحد منظمة هذه الرحلات لـ"ألترا تونس" إنّه عاد إلى نشاطه بطاقة استيعاب 50 في المائة على أن يعود إلى العمل بطاقة استيعاب كاملة لاحقًا معتبرًا أنّ التونسيين قادرون على إنعاش السياحة الداخلية خاصة بعد تحمّلهم ضغط الحجر الصحي الشامل وبقائهم في بيوتهم مدة طويلة ورغبتهم في الاستمتاع هذا الصيف بعد المؤشرات الإيجابية حول تراجع انتشار فيروس كورونا.
كما أشار محدّثنا إلى أنّ تخفيض الأسعار من شأنه أن يحفز التونسيين على الإقامة في النزل والإقامات خلال العطلة الصيفية ما قد ينقذ مواطن شغل الآلاف من العاملين في القطاع السياحي. وأكد أن "السياح المحليين أفضل من غلق النزل أو التعويل على السياح الأجانب ما قد يشكل خطرًا ويسبب في انتشار كورونا من جديد في تونس". ولم يستبعد، في هذا الإطار، عدم توافد السياح بسبب ارتفاع تكلفة التحاليل في الخارج وارتفاع تكاليف السفر وغيرها بسبب الأزمة التي تمر بها شركات الطيران والنزل.
تخفيض الأسعار من شأنه أن يحفز التونسيين على الإقامة في النزل والإقامات خلال العطلة الصيفية
على صعيد آخر، تحدث عبد المولى عن انتعاشة العديد من وكالات الأسفار بفضل السياحة الداخلية باستئناف النشاط باتباع إجراءات وقائية منها تعقيم الحافلات قبل وبعد استعمالها، وتوفير السائل المعقم داخل الحافلة. وأضاف أنّ الرحلات الداخلية من شأنها أن تنعش الأسواق والمطاعم وحتى النزل في حال شجعت السياحة الداخلية وأقرت أسعارًا تحفيزية للتونسيين.
محمّد فضلي، وهو أحد أصحاب محلات الصناعات التقليدية بالمدينة العتيقة بتونس، يشير من جهته لـ"ألترا تونس" إلى أنّ السوق اليوم تشهد ركودًا كبيرًا كالذي شهدته إبان الثورة، ولكن عودة الحركية شيئًا فشيئًا بدأ ينعش نشاطهم. وأكد أن التونسيين يقبلون على شراء بضائعهم بل وبكميات أكثر من تلك التي قد يقبل عليها السياح أحيانًا، وفق قوله.
وأكد أنّ أزمة كورونا أثرت على المقدرة الشرائية للتونسيين لكن تخفيض الأسعار قد يشجعهم على الإقبال على الإنتاج المحلي، وهو ما سيمكن الحرفيين من توفير بعض المداخيل لمواصلة نشاطهم، عدا أنهم سيعملون في ظروف آمنة أفضل من استقبال سياح قد يكونون حاملين للفيروس.
اقرأ/ي أيضًا: