في الوقت الذي يواصل فيه بعض المواطنين استهتارهم ولا مبالاتهم في مواجهة فيروس كورونا، ويخضع فيه مواطنون آخرون للأمر الواقع ويمرون يوميًا من جانب الوباء في طريقهم إلى العمل، نذر البعض الآخر أنفسهم لمبادرات تمثّل كثيرًا من الضوء وسط السوداوية التي يغرق فيها البلد.
طرح بعض أصحاب نزل وعقارات مبادرات لاستثمارها في إيواء المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا
ووسط أخبار ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في تونس وأخبار الموت الوافدة من خارجها، تتبدّى مبادرات تطوّعية فردية وجماعية تخفف بعضًا من وطأة الوباء الذي خيّم على كل تفاصيل الحياة في كافة أنحاء العالم، حتّى أن مواطنة التونسي وواجبه تجاه دولته خرجت من حيّز الشعارات.
اقرأ/ي أيضًا: الوداع الأخير في زمن الكورونا.. كل التفاصيل عن دفن ضحايا الوباء في تونس
هبة مواطنية
وفي كافة أرجاء الجمهورية، تجنّد مواطنون تونسيون لمقاومة انتشار فيروس كورونا، ومنهم من آل على نفسه توعية المتساكنين في حيّه، ومن هم من تطوّع لتعقيم الشوارع في قريته الصغيرة ومنهم من أنذرت وقتها وجهدها لخياطة الكمامات بمواصفات واقية.
مجدي قربوج لـ"ألترا تونس": في نابل شرع ناشطون في المجتمع المدني في العمل على تركيز قاعدة متطوّعين لاستباق أزمة انتشار الفيروس في المراحل الوبائية التالية
وبين مبادرات اختلفت وجوهها، تتهادى المواطنة وتختال في تونس، ويتجلّى وجه تونس الباسم مع تواتر الأخبار عن تبرّع مواطنين كلّ بما أمكنه إذ تبرع أحدهم بسيّارة إسعاف، فيما تبرّع آخر بسيارة لنقل عينات التحاليل إلى العاصمة.
وفيما طرح بعض أصحاب نزل وعقارات مبادرات لاستثمارها في إيواء المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، تكفّل عدد من المتطوّعين بقضاء حاجيات عائلات لمنع انتشار المرض، وأوقف رجل أعمال نشاط مصنعه لمدة أسبوعين مع خلاص أجر العاملين.
عين على بعض المبادرات
وفي الوقت الذي سخّر فيه المركز الوطني لفن العرائس ورشاته لصنع كمامات لموظفيه وغيرهم، في مبادرة لا يمكن أن تلقى غير الاستحسان، وفّر صاحب مطعم وجبات سريعة من الساعة الثامنة صباحًا إلى الساعة الرابعة مساء وجبات للفريق الطبي وشبه الطبي الساهر على سلامة المواطنين في ظل أزمة كورونا.
وفي نابل، شرع ناشطون في المجتمع المدني في العمل على تركيز قاعدة متطوّعين لاستباق أزمة انتشار الفيروس في المراحل الوبائية التالية، وفق ما أفاد به مجدي قربوج، أحد المتطوعين، "ألترا تونس". والغاية من هذه الخطوة وضع خطّة عمل استباقية لمواجهة فيروس كورونا، إذ التقى المتطوعون وكوّنوا لجانًا تتعلق بالتوعية والإعلام، إضافة إلى جمع التبرعات ومساعدة المواطنين خلال فترة الحجر الصحي إلى جانب حملات النظافة التي شملت الوحدات الصحية، وفق حديث قربوج.
وفي سياق متّصل، يقول محدّثنا إن المتطوعين سيخضعون لتكوين من قبل فرق صحّية مختصّة، وإن كل الخطوات التي يتّخذونها تتم بالتنسيق مع السلطات في نابل خاصة فيما يتعلّق بالملصقات التوعية، مشيرًا إلى أنّ التنسيق جار مع متطوعين في تونس العاصمة للانطلاق في حملة توعوية موحّدة.
اقرأ/ي أيضًا: شباب يبادر وجمعيات تتجنّد في مواجهة "كورونا"
فتحي المهري لـ"ألترا تونس": دورة تكوين تطوعية في مستشفى سهلول بسوسة بخصوص سبل التوقي من فيروس كورونا
وفي إطار دعم جهود الدولة في مواجهة فيروس كورونا، انتظمت دورة تكوين تطوعية في مستشفى سهلول بسوسة بخصوص سبل التوقي من فيروس كورونا ووضع النفس على ذمة الدولة لإسنادها في مجهوداتها لمقاومة هذه الآفة، وفق ما أفاد به الناشط في المجتمع المدني فتحي المهري "ألترا تونس".
والهدف من هذه الدورة التوعوية والتكوينية للمتطوّعين إنشاء قاعدة بيانات لجمع المتطوّعين والاتصال بهم في حال الحاجة مع دخول المرحلة الوبائية الثالثة لانتشار الفيروس، حسب حديث المهري. وهي، حسب محدّثنا، تحضير لما هو أسوأ في علاقة بتفشي الفيروس إذ تكون الحاجة للموارد البشرية كبيرة على اعتبار التواصل مع المواطنين حينها وأخذ عينات من الدم لإجراء تحاليل والمساعدة في عملية العزل الذاتي ونقل المصابين إلى المستشفيات.
وفي إطار توفير حزام مدني لمعاضدة جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا، طرح المواطن تميم لنقليز، صاحب اختصاص الكيمياء، مبادرة لتصنيع سائل التعقيم وتوزيعه مجّانًا في الوقت الذي تشكو فيه الصيدليات نقصًا، وفق حديثه مع "ألترا تونس". وهذه المبادرة تهدف إلى سحب البساط من المضاربين والمحتكرين وكل من يستغل هذا الظرف، وفق قول لنقليز الذي وضع مستودعه على ذمّة هذه المبادرة.
تميم لنقليز لـ"ألترا تونس": في حال توفر المواد الأولية بإمكان التونسيين صناعة المعقم في منازلهم
وعن الانطلاق في تصنيع سائل التعقيم، يقول محدّثنا إن النائب عن دائرة نابل إيمان الطيب وعدت بالعمل على الإجراءات القانونية للانطلاق الفعلي في العمل نظرًا لكونه يقوم على مواد كيميائية مما يستوجب تراخيص، مشيرًا إلى أن مزوّدين تواصلوا معه لتوفير المواد الأولية، وفق تعبيره.
والمبادرة لاقت استحسانًا من عدد من المختصين في الكيمياء في جهات مختلفة تواصلوا معه من أجل العمل سوية على تصنيع سائل التعقيم، حسب حديث لنقليز الذي أكّد أنه في حال توفر المواد الأولية بإمكان التونسيين صناعته في منازلهم بنسبة 95 في المائة من النجاعة، على حدّ قوله.
اقرأ/ي أيضًا: