18-أغسطس-2024
نابل أمطار غزيرة 2

أمطار غزيرة مصحوبة برياح قوية عرّت هشاشة البنية التحتية في ولاية نابل السياحية

الترا تونس - فريق التحرير

 

شهدت ولاية نابل (شمال شرقي) أمطارًا غزيرة يوم السبت 17 أوت/أغسطس، مصحوبة برياح قوية، عرّت هشاشة البنية التحتية في الولاية السياحية، وخلّفت إصابات وأضرارًا مادية مختلفة.

أنهج غارقة في الوحل وسيول تجرف ما تعترضه أمامها من ممتلكات، ومنازل ومحلات تجارية تداهمها مياه الأمطار، وأعمدة كهربائية تتساقط بفعل الرياح والسيول وأشجار تُقتلع من جذورها، كل هذه المشاهد التي تداولها نشطاء على صفحات التواصل، ذكرت العديد بما عاشته شبه جزيرة الوطن القبلي الممتدة داخل المتوسط، عام 2018، من فياضات طوفانية آنذاك.

أمطار غزيرة مصحوبة برياح قوية، عرّت هشاشة البنية التحتية في ولاية نابل السياحية، وخلّفت إصابات في صفوف عدد من الأشخاص وأنهجًا غارقة في الوحل وتساقط أعمدة كهربائية وأشجارًا تُقتلع من جذورها

ولئن اختلفت حدة الظاهرة الطبيعية هذه المرة في نابل إلا أن البنية التحتية لم تصمد، وخلفت المظاهر التي عايشها السكان والمصطافون أيضًا خلال تلك الساعات حالة من الرعب، خوفًا من تكرر ذات السيناريو الذي لم يمحى من الذاكرة رغم مرور 6 سنوات.

وفي تفسيره لهذه الظاهرة، قال المختص في الشأن البيئي والمناخي حمدي حشاد، إن ما شهدته تونس من عواصف ورياح قوية خاصة في نابل والقيروان وعدد من المناطق الأخرى يسمى داون بيرست " Downburst".

وأوضح في تدوينة نشرها على حسابه بموقع فيسبوك، أن هذه الظاهرة تحدث عندما تتكون السحب الركامية العظيمة من نوع السحب الحملية المطرية فوق منطقة ما، وتتسبب أحياناً برياح هابطة في مستوى ارتفاع  يناهز 8 كم تقريبًا من سطح الأرض تسمى داون درافت " Downdraft"، وبيّن أن هذه الظاهرة تحدث خاصة عندما تكون درجات حرارة الهواء فوق سطح الأرض والأجواء التي تتشكل فيها السحب متباينة جداً، ما يعني وجود فوارق واضحة في درجات الحرارة.

مختص في الشأن البيئي والمناخي: ما شهدته تونس من عواصف ورياح قوية خاصة في نابل والقيروان وعدد من المناطق الأخرى يسمى داون بيرست وتحدث هذه الظاهرة خاصة عندما تكون درجات الحرارة متباينة جداً

واستطرد: "تكون الرياح الهابطة الباردة من قمم السحب الركامية أو من وسطها وفي طريقها لسطح الأرض تمر بطبقات دافئة، ثم تضرب الأرض بسرعة وقوة عندها تواجه تُربات رملية وجافة نتيجة لطول فترات الجفاف على أسطح عارية من الأشجار والمساحات الخضراء، فيثور الغبار وبسبب حركة الرياح الدورانية تتكون الجُدر الغبارية السوداء الكثيفة والمهيبة والمخيفة والتي أحياناً تقلب النهار إلى ما هو أشد من الليل"، وفق قوله.

وتابع حمدي حشاد المختص في الشأن البيئي والمناخي في تفسيره لهذه الظاهرة: "حقيقة الرياح الهابطة هي أن الحرارة العالية آخر النهار ترفع الهواء السطحي والرطوبة معها فوق عبر ما يُسمى بالرياح الحملانية فتتكثف السحب، وعندما تصل الرياح الصاعدة أي الحملانية إلى قمة السحب الركامية نحو 8 كم، يبرد الهواء ويكون كثيفاً ثقيلاً فيهبط، وقد يمر بطبقات جوية باردة عقب نزول قطرات المطر التي تبخرت عندها مما يزيد من ثقل الهواء وتسارعه في اتجاه سطح الأرض، بسرعة عالية تصل أحياناً إلى 100كم/ساعة، ويصل حتى إلى 170 كم/ساعة فتضرب الأرض بشدة وتكون مثيرة للغبار".

مختص في الشأن البيئي والمناخي: هذه العاصفة تؤثر سلباً على الممتلكات مثلما شهدته بعض المناطق في تونس، وسرعتها قادرة حتى على قلب الشاحنات المقطورة

وأكد حشاد، أن هذه العاصفة تؤثر سلباً على الممتلكات مثلما شهدته بعض المناطق في تونس، مؤكدًا أن "سرعتها قادرة حتى على قلب الشاحنات المقطورة"، وأوضح من ناحية أخرى أن "تأثير الرياح الهابطة يكون محصوراً عادة في نطاق جغرافي ضيق نسبياً" وفقه.

 

 

"من يرى مخلفات الأمطار الغزيرة والرياح يعتقد أن إعصارًا قويًّا مرّ من هنا ودام ساعات وليس مجرد أمطار لمدة دقائق، هذه الحقيقة"، هكذا اختصر النائب بالبرلمان التونسي ياسين مامي حديثه عن الجولة التي قام بها ليل السبت بمختلف طرقات وأحياء معتمدية الحمامات، قائلاً: "الصور لا تليق بإحدى أكبر المدن السياحية ولا تشرف البنية التحتية للسياحة التونسية".

ولفت النائب في تدوينه نشرها على صفحته بموقع فيسبوك أن ما عاينه خلال جولة قام بها للتخفيف من معاناة بعض المتساكنين والمصطافين، يؤكد للأسف ما جاء في مداخلاته السابقة تحت قبة البرلمان، بشأن هشاشة البنية التحتية بالحمامات وعدم جاهزيتها لهذه الطوارئ.

النائب ياسين مامي: من يرى مخلفات الأمطار الغزيرة والرياح يعتقد أن إعصارًا قويًّا مرّ من هنا ودام ساعات وليس مجرد أمطار لمدة دقائق، هذه الحقيقة

وشدد على ضرورة "الاصلاح الشامل للمدينة"، قائلاً إن "الاجتماعات والصور التي يقوم بها بعض المسؤولين استعدادًا للموسم السياحي جرفتها المياه أيضًا".

وأكد النائب عن جهة الحمامات ياسين مامي، إن دقائق من الأمطار تسببت في سقوط حائط نزل على امتداد 70 مترًا، من الجهة المؤدية للبحر، ما تسبب في إصابة لـ10 أشخاص بينهم أجنبية، وقد تم التدخل من قبل الحماية المدنية لإيواء المصابين بالمستشفى وحالتهم الصحية مستقرة.

كما لفت إلى تضرر 4 سيارات جراء سقوط حائط النزل، وقد تم التدخل من طرف مصالح البلدية لرفع الأضرار.

النائب ياسين مامي: دقائق من الأمطار تسببت في سقوط حائط نزل على امتداد 70 مترًا، من الجهة المؤدية للبحر، ما تسبب في إصابة لـ10 أشخاص بينهم أجنبية، وتضرر 4 سيارات

وتحدث النائب عن تساقط عدد كبير من أشجار الكاليتوس في الطرقات الرئيسية في مدينة الحمامات السياحية، ما تسبب في تضرر بعض السيارات وشلل حركة المرور، وقد تم التدخل من طرف بلديّتي الحمامات وسيدي الجديدي.

كما خلّفت العاصفة انقطاع التيار الكهربائي على عدة تجمعات سكنية، نتيجة سقوط أعمدة كهربائية، وجرى التدخل من طرف أعوان شركة استغلال وتوزيع الكهرباء على مستوى محطتين رئيسيتين.

وتابع النائب ياسين مامي أنه رصد أيضًا "فيضان البالوعات نتيجة عدم جهرها وعدم الاستعداد للأمطار رغم التحذيرات، وجرى تصريف المياه الراكدة ببعض الطرقات تسهيلاً لحركة المرور، إضافة إلى سيلان وانجراف عدة طرقات غير معبّدة بتجمعات سكنية ما تسبب في عزل بعض الأحياء وخلّف حالة هلع لدى السكان".

النائب ياسين مامي: تساقط عدد كبير من أشجار الكاليتوس في الطرقات الرئيسية في مدينة الحمامات السياحية، ما تسبب في تضرر بعض السيارات وشلل حركة المرور وانقطاع التيار الكهربائي على عدة تجمعات سكنية، نتيجة سقوط أعمدة كهربائية

وبدورها أعلنت بلدية دار شعبان الفهري من ولاية نابل، تدخل مصالح البلدية على إثر الأمطار الغزيرة مساء السبت، لفتح الطريق بعد سقوط بعض الأشجار على مستوى طريق بني خيار وتصريف المياه الراكدة ببعض الطرقات تسهيلاً لحركة المرور.

 

 

وأكدت معتمدية دار شعبان الفهري من خلال صفحتها بموقع فيسبوك، القيام بالتدخلات اللازمة لتصريف المياه الراكدة وفتح بعض الطرقات لتسهيل حركة المرور بعد سقوط عدد من الأشجار والأعمدة الكهربائية، كما تم التدخل لفائدة عدد من المتساكنين بعد أن غمرت المياه منازلهم.

معتمدية دار شعبان الفهري: التدخل لتصريف المياه الراكدة وفتح بعض الطرقات لتسهيل حركة المرور بعد سقوط عدد من الأشجار والأعمدة الكهربائية ومنازل عدد من المتساكنين غمرتها المياه

كما لفتت إلى تواصل الأشغال والتنسيق مع مصالح شركة توزيع الكهرباء والغاز بنابل لإرجاع التيار الكهربائي الذي انقطع نتيجة سقوط بعض الأعمدة الكهربائية بسبب سرعة الرياح والتقلبات الجوية التي شهدتها المنطقة، وذلك بمجمعي عمرون والفرينين للماء الصالح للشرب ومناطق عمرون والبطين وزامو والفرينين والسرادكة بريف دار شعبان.

 

 

وحسب الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للرصد الجوي، فقد تم خلال الـ24 ساعة الممتدة من الساعة السابعة من صباح السبت 17 أوت/أغسطس 2024 إلى السابعة من صباح الأحد 18 من الشهر نفسه، هطول كميات هامة من الأمطار على مختلف الجهات التونسية، أهمها 67 ملم في صواف من ولاية زغوان، و 43 ملم في نابل من ولاية نابل، و28 ملم بالوسلاتية من ولاية القيروان.

 

 

ويشار إلى أن ولاية نابل شهدت أمطارًا طوفانية عام 2018 خلفت فياضانات أودت بحياة 6 أشخاص على الأقل وتسببت في خسائر هائلة للمتساكنين وأصحاب المحلات وخلفت أضرارًا كبيرة في البنية التحتية في الجهة.

 

واتساب