الترا تونس - فريق التحرير
أصدر قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الجمعة 5 أوت/ أغسطس 2022، بيانًا رد فيه على تصريحات وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري محمود إلياس حمزة، بقوله إنّ "أزمة المياه حقيقة وجب الاعتراف بها وتداركها" وفقه.
وجدد المنتدى دعوته في هذا الإطار، إلى "الإسراع في المصادقة على مشروع قانون مجلة المياه الجديدة بعد الأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجتمع المدني والخبراء، الذي ظل قيد الانتظار منذ 25 جويلية/ يوليو 2021 والذي من شأنه تفادي تعمق أزمة المياه" وفق البيان الذي اطّلع عليه "الترا تونس".
منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يدعو إلى الإسراع في المصادقة على مشروع قانون مجلة المياه الجديدة
وذكّر المنتدى بأنه "لا يزال آلاف التونسيين إلى اليوم، محرومين من حقهم في الماء الصالح للشرب ومن خدمات الصرف الصحي، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الكونية مثل الحق في الصحة وفي العيش الكريم"، لافتًا إلى أنّ التونسيين يعيشون "تحت خط الفقر المائي حيث لا يتجاوز نصيب الفرد 400 م3 سنويًا وهي كمية أقل بكثير من 1000الم3 في السنة الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية".
واعتبر بيان المنتدى أنّه خلافًا لما صرّح به وزير الفلاحة، بأن ذلك مرتبط أساسًا بظاهرة التغيرات المناخية، فإن "مشاكل التزود بالماء في تونس هيكلية بالأساس، وترجع خاصة إلى غياب سياسة مائية واضحة وناجعة، تراعي حق الجميع في الماء وتجعل الماء الصالح للشراب أولوية وطنية مقارنة باستعمالاته في المجالات الأخرى" وفقه.
منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: مشاكل التزود بالماء في تونس هيكلية، ترجع إلى غياب سياسة مائية واضحة
وبيّن المنتدى أنّ "الدراسات السابقة للمشاريع في تونس سواء كانت عمومية أو خاصة تجعل من التأثير على المخزون المائي والبصمة المائية أمرًا هامشيًا مقارنة بما تسعى إليه من نجاعة اقتصادية ومالية".
واستغرب المنتدى أن يتم التطرق خلال ندوة الوزارة، إلى إشكالية انقطاع الماء الصالح للشرب أثناء الذروة الصيفية، "إذ أصبحت الانقطاعات الخبز اليومي للتونسيين على مدار السنة، كما أن العديد من المناطق من شمال البلاد إلى جنوبها تعاني الغياب الكلي للماء وانقطاعات تصل حتى سنوات متتالية على غرار ما عاينه قسم العدالة البيئية بمنطقة السقدود من معتمدية الرديف أين يغيب الماء منذ أكثر من 6 سنوات".
وعدّد بيان المنتدى مناطق تعاني العطش بأرياف مدينة القيروان وجندوبة وقفصة وغيرها.. وقال: "سكان هذه المناطق والذين يصل عددهم إلى ما يقارب 300 ألف حسب ما ورد في التقرير الوطني لقطاع الماء 2020 الصادر عن وزارة الفلاحة، يعتمدون طرقًا بدائية في الحصول على المياه عبر جلبها من مصادر طبيعية غير آمنة على ظهور الحيوانات أو التزود من الحنفيات العمومية التي ركزتها الدولة بهذه المناطق بدعوى تشتت المنازل وصعوبة التضاريس وعدم الجدوى الاقتصادية لمشاريع الربط بالماء الصالح للشراب" وفقه.
وبخصوص الأرقام التي قدمها وزير الفلاحة، في علاقة بتركيز وتجديد الشبكات، فإنها تظل وفق المنتدى "غير كافية بالنظر إلى نسبة إهدار الماء على مستوى شبكات الربط والتزويد والتي تصل إلى 40% بسبب قدم الشبكة وتهالكها ونقص أشغال الصيانة، فضلًا عن غياب إعلام السكان بتواريخ الانقطاعات في أغلب جهات البلاد حيث غالبًا ما تكون الانقطاعات فجئية ولا تسمح للمواطنين بأخذ احتياطاتهم".
منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: خلافًا لما صرّح به وزير الفلاحة، لا تتم مراعاة الجانب الصحي في تزويد السكان بالماء بأغلب الجهات
وشدّد المنتدى على أنه لا تتم مراعاة الجانب الصحي في تزويد السكان بالماء بأغلب الجهات، خلافًا لما صرّح به وزير الفلاحة، حيث إن "نسب العينات غير المطابقة للمواصفات من الجانب البكتريولوجي تظل مرتفعة وفي نسق تصاعدي حيث ارتفعت من 9.9% سنة 2019 إلى 10.1% سنة 2020".
وقد أثبتت تحاليل تم إجراؤها على مياه (الصوناد) بمنطقة حاجب العيون من ولاية القيروان "عدم مطابقتها لجميع المعايير الصحية إذ تم اكتشاف عدة شوائب ومواد ملوثة في الماء وفق الخبير المكلف من طرف المحكمة الإدارية بالقيروان وذلك إثر الدعوى القضائية التي رفعها فرع المنتدى التونسي بالقيروان ضد الشركة المذكورة" وفقه.
ويؤدي تردي جودة مياه الشرب في تونس إلى تخوف المواطنين من آثار شربها على صحتهم، ما جعل تونس تحتل المركز الرابع عالميًا في استهلاك المياه المعلبة بـ 227 لتر سنويًا للفرد الواحد، وفق المنتدى.
منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: حوالي ثلث المؤسسات التربوية بتونس غير مرتبطة بالماء الصالح للشراب
وبالنسبة للانقطاعات التي تشمل المؤسسات التربوية، فقد ذكر المنتدى بأنه إلى حد شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، لا تزال 1415 مدرسة عمومية غير مرتبطة بالماء الصالح للشراب، أي ما يعادل ثلث المؤسسات التربوية بالبلاد، وعليه فإن ربط 859 مدرسة بمياه الشرب كما صرح بذلك الوزير يظل غير كاف بما أن عدد المدارس التي تفتقر إلى الماء الصالح للشرب لا يزال مرتفعًا خاصة في ولايات الوسط الغربي والشمال الغربي".
وحول معضلة حفر الآبار العشوائية، أكد المنتدى أنّ "الحملات القليلة التي تقوم بها شركة المياه تظلغير كافية لوضع حد لهذه الظاهرة كما لا يقع في أغلب الأحيان تطبيق القانون على المخالفين مثلما تنص عليه مجلة المياه، وهو ما يشجع مقترفي المخالفة على الاستمرار فيها".
وكان وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري محمود إلياس حمزة، قد أكد الثلاثاء 2 أوت/ أغسطس 2022، أنّ "مياه الشرب في تونس لا تحتوي على أي نسبة من التلوث، وهي من المصدر إلى الحريف، وخضعت إلى تحاليل بكتريولوجية على مستوى شركة استغلال وتوزيع المياه (الصوناد)، وعلى مستوى وزارة الصحة، فهذه المياه صحية من ناحية الجودة لا تلوث أو خطورة فيها" وفق قوله.