17-أكتوبر-2024
الاقتصاد التونسي

(صورة توضيحية/Getty) محسن حسن يكشف لـ"الترا تونس" عن مزايا بعض الإجراءات في مشروع قانون المالية 2025 وما قد تطرحه من تخوفات

 

تضمّن مشروع قانون المالية لسنة 2025 في تونس، عدة إجراءات جديدة وتعلقت أبرزها بمراجعة جدول الضريبة على الدخل، إضافة إلى تحديد نسب الضريبة على الشركات وفقًا لرقم المعاملات، وفي قراءة لتأثير هذه الإجراءات في حال المصادقة عليها وإقرارها فعليًا تحدّث المختص في الشأن الاقتصادي محسن حسن لـ"الترا تونس" عن مزايا هذه الإجراءات وما قد تطرحه من تخوفات.

  • مراجعة جدول الضريبة على الدخل جيّد نسبيًا

وفيما يتعلق بجدول الضريبة على الدخل اعتبر المختص في الشأن الاقتصادي محسن حسن لـ"الترا تونس"، أن هناك عدة آليات لترميم المقدرة الشرائية وزيادة الأجور الصافية من أهمها مراجعة جدول الضريبة على الدخل، وقائلاً إن "مراجعة جدول الضريبة هو من بين الإجراءات التي سبق أن نادى بها عوضًا عن التوجه نحو الزيادات في الأجور بشكل مباشر".

وتابع أنه "بالنسبة للأجراء الذين يكون دخلهم السنوي الخاضع للضريبة الأقل من 50 ألف دينار، فقد تمتعوا بتخفيض في نسبة الأداء على المداخيل، حسب ما ورد في مشروع قانون المالية 2025، وبالتالي فإن الأجور الصافية لهذه الشريحة سترتفع بنسب متفاوتة، وستعرف مداخيلهم زيادات متفاوتة قد تصل أقصاها إلى 650 دينار سنويًا" وفق تقديره.

محسن حسن لـ"الترا تونس": الأجور الصافية لهذه الشريحة سترتفع بنسب متفاوتة، ومداخيلهم ستعرف زيادات متفاوتة قد تصل أقصاها إلى 650 دينار سنويًا

أما بالنسبة لذوي الدخل السنوي الخاضع للضريبة الأكثر من 50 ألف دينار، فقد قدّر محدثنا أنهم "سيشهدون تراجعًا نسبيًا في مداخيلهم بعد الترفيع في نسبة الأداء على المداخيل إلى 40 بالمائة بالنسبة لهذه الشريحة وبالتالي فإن هذا الإجراء ليس في صالحهم".

ولفت في حديث لـ"الترا تونس" إلى أن "مشروع قانون المالية لسنة 2025، مكّن من الترفيع في المداخيل الصافية للشريحة التي يكون دخلها السنوي الخاضع للضريبة أقل من 50 ألف دينار، وقلّص في المقابل في المداخيل الصافية للشريحة التي يفوق دخلها السنوي الخاضع للضريبة 50 ألف دينار".

واعتبر أن "هذا الإجراء يعد جيدًا نسبيًا لأنه سيساعد على تقليص الضغط الجبائي على الأفراد، وسيساعد على ترميم جزئي وبسيط للمقدرة الشرائية لذوي الدخل المتوسط والضعيف، مؤكّدًا أن "الدولة اختارت في إطار دورها في إعادة توزيع الثروة أن تقلّص من مداخيل ذوي الدخل الخام السنوي الأكثر من 50 ألف دينار، لصالح الفئات التي يكون دخلها السنوي الخام أقل من 50 ألف دينار".

محسن حسن لـ"الترا تونس": هذا الإجراء جيد نسبيًا لأنه سيساعد في تقليص الضغط الجبائي على الأفراد، وسيساعد في ترميم جزئي وبسيط للمقدرة الشرائية لذوي الدخل المتوسط والضعيف

وينص الفصل 31 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 في تونس على تنقيح جدول الضريبة على الدخل، بما يتضمن نسبة ضريبة دنيا بـ %15 ونسبة ضريبة قصوى بـ %40 مع المحافظة على الشريحة الأولى المعفاة من الضريبة المحددة بـ 5000 دينار (كدخل سنوي).

وحسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب فقد تم اقتراح فرض نسبة ضريبة تعادل 36 بالمائة بالنسبة للفئة التي تحصل دخلاً سنويًا يتراوح بين أكثر من 40 ألف دينار و50 ألف دينار، فيما اقترح مشروع القانون الترفيع في نسبة الضريبة على الدخل للفئات التي لها دخل سنوي يفوق 50 ألف دينار، من 35 بالمائة إلى 40 بالمائة.

  • الأداء على مرابيح الشركات: إيجابيات وتخوفات

أما فيما يتعلق بإرساء نسب تصاعدية للضريبة على الشركات، فقد بيّن المختص في الشأن الاقتصادي محسن حسن في حديثه لـ"الترا تونس" أن نسب الأداء على مرابيح الشركات تكون ذات منحى تصاعدي وفق رقم المعاملات، معتبرًا أن "هذا الإجراء جيد للشركات الصغرى والمتوسطة والتي يقل رقم معاملاتها عن 5 مليون دينار، ولكن هناك تخوف يتعلق بالمؤسسات المصدرة"، وفق قوله.

محسن حسن لـ"الترا تونس": هذا الإجراء جيد للشركات الصغرى والمتوسطة ولكن هناك تخوف يتعلق بالمؤسسات المصدرة

وتحدث عن قطاع النسيج وقطاع مكونات السيارات، قائلاً: "إذ يكون رقم معاملات الشركات الناشطة في هذين المجالين على سبيل المثال مرتفعًا، وفي المقابل تكون الأعباء الاجتماعية أيضًا مرتفعة، مما قد لا يجعل الترفيع في نسبة الأداء على مرابيح هذه الشركات، في صالح جذب الاستثمارات في هذه المجالات".

ولفت إلى "إمكانية أن يؤدي ذلك إلى تراجع جاذبية تونس في مجال الاستثمارات الكبرى خاصة في ظل وجود علل في مناخ الأعمال".

واعتبر بالتالي أن تحديد نسبة الأداء على مرابيح الشركات وفق رقم المعاملات، يخدم المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90 بالمائة من النسيج الاقتصادي في تونس، ولكنه قد يحد في المقابل من مردودية المؤسسات الكبرى ولا يشجع على تطور المؤسسات وتكوين مؤسسات كبرى في تونس، وجاذبية تونس في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات رقم المعاملات المهم.

محسن حسن لـ"الترا تونس": قد يؤدي هذ التوجه إلى تراجع جاذبية تونس في مجال الاستثمارات الكبرى خاصة في ظل وجود علل في مناخ الأعمال

ويشار إلى أن الفصل 32 من مشروع قانون المالية لسنة 2025، نص على تحديد نسبة الضريبة على الشركات المطبقة على الربح الموظفة عليه الضريبة، بإسقاط ما قل عن الدينار على أساس رقم المعاملات السنوي دون اعتبار الأداءات وذلك كما يلي:

  • %15 بالنسبة إلى المؤسسات التي تحقق رقم معاملات سنوي يقل عن 5 مليون دينار.
  • %20 بالنسبة إلى المؤسسات التي تحقق رقم معاملات سنوي يساوي أو يفوق 5 مليون دينار ويقل عن 20 مليون دينار.
  • %25 بالنسبة إلى المؤسسات التي تحقق رقم معاملات سنوي يساوي أو يفوق 20 مليون دينار.
  • دعوة الحكومة والبرلمان إلى تأجيل هذا القرار مجددًا

وفيما يتعلق بقرار الترفيع في الأداء على القيمة المضافة عند اقتناء العقارات المعدة للسكن من الباعث العقاري من 13 بالمائة إلى 19 بالمائة، اعتبر أنه "إجراء من شأنه تعميق مظلمة قطاع البعث العقاري والبناء عمومًا الذي يتميز بأهمية اقتصادية واجتماعية كبرى".

محسن حسن لـ"الترا تونس": دعوة الحكومة التونسية ونواب البرلمان إلى إلغاء تطبيق الترفيع في نسبة الأداء عند اقتناء مسكن إلى حين تحسن وضعية قطاع البعث العقاري

وأفاد المختص في الشأن الاقتصادي محسن حسن في حديثه لـ"الترا تونس"، بأن "قطاع البعث العقاري يعرف اليوم صعوبات جمة في تونس إضافة إلى العزوف على شراء العقارات"، معتبرًا أن "الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة في الظرف الحالي ليس بالقرار الأمثل".

كما دعا الحكومة التونسية ونواب البرلمان إلى "إلغاء تطبيق هذا الترفيع في النسبة من جديد إلى حين تحسن وضعية قطاع البعث العقاري وتحسن الوضع الاقتصادي عمومًا".

ويذكر أن مقترح الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة لاقتناء العقارات المعدّة للسكن لدى الباعثين العقاريين إلى 19% عوضًا عن 13% كان من المبرمج تطبيقه ابتداءً من غرّة جانفي 2024، وفق قانون المالية لسنة 2024، وقد تم تأجيله إلى سنة 2025.