أطلق نشطاء من المجتمع المدني وإعلاميون حملة "عطشتونا" في مبادرة مدنيّة لمطالبة المسؤولين بالتحرك لحل مشكلة الانقطاع المتكرر لتزويد المياه بولاية تطاوين بعد تواصل انقطاع الماء عن المنازل فترة طويلة مؤخرًا.
وتشكو ولاية تطاوين بمختلف معتمدياتها من تواصل انقطاع الماء الصالح للشراب عن البيوت والمؤسسات التربوية وحتى المستشفيات مما جعل الأهالي يطلقون صيحات فزع تخوفًا من تفشّي الأمراض.
اقرأ/ي أيضًا: تونس.. هل تتحقق انتفاضة العطشى؟
عن حملة "عطّشتونا"
أفادت عضو حملة "عطشتونا" ألفة مباركي لـ"ألترا تونس" أن الحملة عبارة عن تحرّك مدني سلمي إثر تجاهل السلطات لمعالجة مشكل انقطاع الماء في ولاية تطاوين، مشيرة إلى أنّ الهدف من هذا التحرّك الضغط على الدولة لتحمّل مسؤوليتها في توفير الماء كحق أساسي لكل المواطنين.
وأكّدت مباركي في تصريحها لنا أنّ الحملة ليست إلا حركة احتجاجية مواطنية تهدف إلى توعية المواطنين بضرورة التحرّك إزاء الانقطاع المتكرر للماء، وجمع 10 آلاف توقيع من سكان تطاوين في عريضة وتوجيهها إلى مجلس نواب الشعب ورئاسة الحكومة ووزارة الفلاحة والموارد المائية.
حملة "عطشتونا" هي مبادرة مدنيّة لمطالبة المسؤولين بالتحرك لحل مشكلة الانقطاع المتكرر للماء خصوصًا عن البيوت بولاية تطاوين
وأشارت إلى أنّ الحملة انطلقت في جمع التوقيعات ولم تستبعد اتخاذ أشكال احتجاجية أخرى في حال عدم الاستجابة لمطلب إيجاد حل لانقطاع الماء المتكرّر والذي يتم دون إعلام المواطنين، وفق قولها.
ولفتت محدّثتنا إلى أنّ المتساكنين يذوقون الأمرين من انقطاع الماء الذي يتواصل لفترات طويلة الأمر الذي يدفع ببعضهم إلى المشي لكليلومترات لتأمين حاجته من الماء، مذكّرة أنّ سكّان "الرقبة" من ولاية تطاوين توجهوا بعريضة إلى فرع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بتطاوين وهددوا بعدم خلاص الفواتير إلى حين إيجاد حل نهائي لمشكلة المياه.
وقد تحدّث "ألترا تونس" إلى عدد من المواطنين أصيلي مناطق مختلفة من ولاية تطاوين يشتركون في المعاناة جراء الانقطاع المتكرر للماء وتواصله لفترات طويلة، داعين السلطات إلى التحرّك لإيجاد حل لهذه المشكلة التي أصبحت تؤرق العائلات خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
معاناة جماعية في كل المعتمديات
مالك الميزوني، أصيل منطقة "الرقبة"، أكد في حديثه معنا أن الانقطاع المتكرر للماء مشكلة كبرى كانت تطاوين تعاني منها في فصل الصيف فقط ولكنها في السنوات الأخيرة أصبحت تشمل كل الفصول، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنّ متساكني الرقبة اجتمعوا بوالي الجهة وممثلين عن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه دون أن يحصلوا على أجوبة مقنعة عند السؤال عن أسباب انقطاع الماء خاصة وأن معاليم الاستهلاك مدفوعة، على حدّ قوله.
مالك الميزوني (أصيل منطقة "الرقبة"): مشكلة الانقطاع المتكرر للماء في تطاوين أصبحت تشمل كل فصول السنة وليس فصل الصيف فقط
وقال إنّ من بين الأسباب التي تقدّمها السلطات الجهوية لانقطاع الماء هو خلق التوازن في التزود بالماء بين المناطق الواقعة في المرتفعات والأخرى في المنخفضات، مشيرًا إلى أنّ العائلات لجأت إلى استعمال المواجل لاستخراج الماء وهو حل غير عملي إذا ما تكرّر انقطاع الماء وفق حديثه.
ولفت إلى أنّ مشكل انقطاع الماء قديم متجدّد تعاني منه مناطق مختلفة من ولاية تطاوين منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، وهو انقطاع مفاجئ لا يتم الإعلام به مسبقًا، على حدّ قوله.
من جهتها، استنكرت فاطمة الشهيدي، القاطنة بحي المهرجان وسط مدينة تطاوين، الانقطاع المتكرّر للماء في أوقات تكون في حاجة له، مشيرة إلى أنّ الماء ينقطع يوميًا ولا يعود إلا في ساعة متأخرة من الليل ليعاود الانقطاع صباحًا.
اقرأ/ي أيضًا: أزمة المياه.. هل باتت تونس مهددة بالعطش؟
وقالت الشهيدي إنّها تضطر إلى غسل المواعين في ساعات متأخرة من الليل الأمر الذي يجعلها منهكة وغير قادرة على الذهاب إلى العمل في الصباح، مشيرة إلى أنّها تمضي الليل أيضًا في ملء الأواني ورغم ذلك تظل في حاجة إلى الماء وتضطر لشرائه، وفق قولها.
وندّدت بعدم إعلام الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بتطاوين المواطنين بانقطاع الماء معتبرة أن هذا الأمر غير مقبول وفيه استخفاف بالمواطنين.
ولا يختلف وضع سالم الصغير أصيل منطقة "الزهراء" عن سابقيه، إذ أكّد أن الماء منقطع لفترة دامت أشهرًا رغم خلاص المعاليم والأداءات، مشيرًا إلى أنّه في وقت سابق كان ينقطع ويعود في فترات متباعدة.
فاطمة الشهيدي (مدينة تطاوين): عدم إعلام الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه المواطنين بانقطاع الماء أمر غير مقبول
وقال الصغير إنّه يضطر رفقة عدد من أفراد العائلة القاطنة في قصر القبلة إلى شراء صهاريج مياه سعر الواحد 45 دينارًا وقد لا تكفي العائلات لمدة أسبوع في حال كانوا يمتلكون ماشية. وأشار إلى أنّ الأهالي توجّهوا أكثر من مرة إلى فرع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لكنّهم في كل مرة يرددون إلى نفس الجملة" نحن بصدد معالجة المشكل"، وفق تعبيره.
وأما سهام، أصيلة منطقة البئر الأحمر، فحدّثتنا عن معاناة 7 عائلات لم تزودها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالماء أصلًا رغم المطالب التي تتوجّه بها إليها منذ سنة 2014، وفق قولها.
تضطر العائلات في ولاية تطاوين إلى التزود بالماء من الماجل رغم معرفتها بأنه غير صحيّ وقد يجعلهم عرضة للمرض
وقالت محدّثتنا إن هذه العائلات تضطر إلى التزود بالماء من الماجل رغم معرفتها بأنه غير صحيّ وقد يجعلهم عرضة للمرض، مشيرة إلى أنّ استخراج الماء من الماجل أمر متعب وأنّ الاستعانة بمحرك لم تكن ناجعة إذ رفعت في فاتورة استهلاك الكهرباء مقابل توفير ماء مخلوط بالرمل، على حدّ تعبيرها.
وأضافت أن أعوان الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بتطاوين عاينوا المنازل التي لم يتم تزويدها بالماء الصالح للشراب في مناسبتين ولكن رغم ذلك لم تنته معاناتهم. وأشارت إلى أنّهم توجّهوا بعريضة إلى الشركة من أجل مدّهم بالماء الصالح للشراب.
بماذا علّق والي تطاوين؟
توجه "ألترا تونس" إلى والي تطاوين عادل الورغي حول التدابير التي اتخذتها السلطة الجهوية لإيجاد حل لمشكل الانقطاع المتكرر للماء في الولاية ليؤكد بداية أنه لا يمكن نفي هذا المشكل الذي أرجعه بالأساس إلى النقص في الموارد المائية. وأكّد الورغي في حديثه معنا أنّه تم اتخاذ إجراءات استثنائية لتلافي الانقطاع المتكرر للماء من بينها رصد مليون دينار من وزارة التنمية لدعم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه إلى جانب الانطلاق في حفر عدد من الآبار.
وأضاف أنه وقع حل المشكل في الذهيبة عبر كهربة البئر الجديدة وكذا الحال في رمادة والبئر الأحمر والسمار وبني مهيرة عبر كهربة بئر جديدة دخلت حيز الاستغلال منذ بداية شهر ماي/آيار 2019.
عادل الورغي (والي تطاوين): لا يمكن نفي مشكل الانقطاع المتكرر للماء في الولاية الذي يعود بالأساس إلى النقص في الموارد المائية
وتابع بالقول: "هناك إشكال في غمراسن وفي تطاوين المدينة نظرًا للكثافة السكانية والسلطات بصدد معالجته"، مشيرًا إلى أنّه تم الانطلاق في حفر بئر في منطقة "الخبطة" من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ بعد 45 يومًا على أقصى تقدير. كما أشار والي تطاوين إلى وجود إشكاليات في توزيع الماء في المناطق الواقعة في المرتفعات على غرار قصر أولاد سلطان وقصر القبلة، قائلًا: "نحن نعمل على حل مشكل انقطاع الماء ونعتذر للمواطنين".
راسلنا، في الأثناء، الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لمعرفة أسباب الانقطاع المتكرر لماء في مناطق مختلفة من ولاية تطاوين والحلول المتخذة لتجاوز هذا المشكل، إلا أنّنا لم نتحصّل على ردّ إلى حد كتابة هذه السطور.
اقرأ/ي أيضًا: