04-يناير-2022

كانت منظمة "أنا يقظ" قد أكدت أنه يقع إسناد جوازات تلقيح من إيفاكس دون وجه حق بسبب "استهتار" السلط المعنية (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

دخل المرسوم الرئاسي المتعلق بإلزامية الاستظهار بجواز التلقيح ضد فيروس كورونا حيّز التنفيذ منذ 22 ديسمبر/كانون الأول 2021. ولا تزال ارتدادات القرار متواصلة لا سيّما وقد أثّر ذلك على مصالح كثيرين ممّن لم يتلقوا التلقيح المضاد لكورونا بعد، سواءً بخيار منهم أو لأسباب أخرى، ليخلق ذلك أزمة جديدة تتعلق بـ"بيع وشراء" جوازات التلقيح دون الخضوع للتطعيم عمليًّا.

ولعلّ الإيقافات الأخيرة المتعلّقة بإعداد وإسناد جوازات تلقيح لأشخاص بمقابل مالي دون وجه حقّ أبرز دليل حيّ على ذلك، رغم إصرار السلط المعنية بادئ الأمر على نكران ذلك لِمدى حساسية المسألة، خاصّة وأنها تتعلّق بالتلاعب بمنظومة رقمية رسمية تابعة لوزارة الصحة.

لعلّ الإيقافات الأخيرة المتعلّقة بإسناد جوازات تلقيح لأشخاص بمقابل مالي أبرز دليل حيّ على تجارة الجوازات، رغم إصرار السلط المعنية بادئ الأمر على نكران ذلك خاصّة وأن المسألة تتعلّق بالتلاعب بمنظومة رقمية رسمية

ويتعلق الأمر بإيقاف 3 أشخاص، الاثنين 3 جانفي/يناير 2022، في ولاية نابل بشبهة تسليم جوازات تلقيح ضد فيروس كورونا لأشخاص لم يتلقوا التلقيح والتلاعب بمنظومة "إيفاكس" مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 100 و500 دينار، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بنابل عصام الخميري.

اقرأ/ي أيضًا: لفرض جواز التلقيح وعدم تمديد فترة المراجعة.. عدد من الطلبة يقاطعون الامتحانات

وأوضح الخميري، في تصريح نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أن شخصًا متقاعدًا من الصيدلية المركزية عمل كمتطوع بمركز التلقيح بنابل تعمد التلاعب بالمعطيات وإدخال بيانات أشخاص لم يتلقوا التلقيح، مشيرًا إلى أنه تم التفطن إلى ذلك يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2021، وفقه.

وتابع الناطق باسم المحكمة الابتدائية بنابل أنه "بانطلاق التحريات تبين تورط هذا الشخص بالإضافة إلى اثنين آخرين قاما بنفس العملية"، مؤكدًا تواصل الأبحاث لمتابعة القضية، حسب تصريحه.

شهدت ولاية نابل إيقاف 3 أشخاص بشبهة تسليم جوازات تلقيح لأشخاص لم يتلقوا التلقيح والتلاعب بمنظومة "إيفاكس" مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 100 و500 دينار

وتأتي نتائج الأبحاث لتفنّد تصريحًا للمديرة الجهوية للصحة بنابل رجاء محفوظ مشيرقي، بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2021، نفت فيه أخبارًا تم تداولها بخصوص رواج جوازات تلقيح حقيقية مستخرجة من منظومة إيفاكس انطلاقًا من مركز التلقيح بمدرسة علوم التمريض في نابل وبيعها بمقابل مادّي، مؤكدة أن النتائج الأوّلية للتحرّيات الداخلية التي أنجزتها الإدارة الجهوية للصحة أثبتت أن "الأخبار المروّجة عارية من الصحة وتحيل إلى إمكانية حصول عمليات تحيّل بترويج جوازات تلقيح مزوّرة"، حسب قولها.

وقالت آنذاك إن الأخبار المروّجة فيها لبس خاصة منظومة إيفاكس لا تسمح باستخراج جواز تلقيح لأي شخص بعد 24 ساعة من تلقّيه التلقيح، وإن استخراج جواز التلقيح بأي نوع من التلاقيح يتطلب مرور 28 يومًا على تلقّي الجرعة على الأقل، على حد تصريحها.

أحد النشطاء على فيسبوك الذين نبهوا إلى بيع جوازات التلقيح بنابل

وليست جهة نابل إلا مثالًا على ما يمكن أن تشهده ولايات أخرى بخصوص التلاعب بالمنظومة الرقمية "إيفاكس" الخاصة بكل ما له علاقة بالتلقيح ضد فيروس كورونا في تونس والتابعة لوزارة الصحة.

كانت منظمة "أنا يقظ" قد طالبت بـ"فتح تحقيق فوري وعاجل" بخصوص تجاوزات في علاقة بمنظومة إيفاكس ومحاسبة كل المتورطين في بيع جوازات تلقيح مقابل مبالغ مالية

وقد سبق لمنظمة "أنا يقظ" أن طالبت، بتاريخ 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، بـ"فتح تحقيق فوري وعاجل" بخصوص "تجاوزات في علاقة بمنظومة إيفاكس للتلقيح ضد فيروس كورونا، ومحاسبة كل المتورطين وكلّ من شاركهم بأن جعل من عملية إسناد جواز التلقيح مطيّة لكسب الأرباح"، وفقها، داعية إلى نشر نتائج التحقيق للعموم في أقرب الآجال والقيام بعملية تدقيق شاملة لمنظومة إيفاكس. 

اقرأ/ي أيضًا: جواز التلقيح: وقفة احتجاجية ضد إجباريته.. وانتقادات واسعة لتعطّل منصة إيفاكس

وأوضحت المنظمة، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل فيسبوك، أنها قد تلقت "تبليغات تفيد بوجود اختراقات لمنصّة إيفاكس والتلاعب بمنظومة التلقيح وإسناد جوازات التلقيح لغير مستحقيها في ظلّ استهتار وزارتي الصحّة وتكنولوجيات الاتصال"، مضيفة أن "إسناد الجواز يكلّف الفرد مبلغًا يتراوح بين 50 و400 دينار حسب نوع اللقاح ومدى استعجال الأمر والغرض من جواز التلقيح"، وفق روايتها.

وأشارت، في هذا الصدد، إلى أنها "قامت بالتثبّت من صحّة التبليغات وبمعاينة التجاوزات الخطيرة عن طريق عدل منفذ، وتمكنت فعلًا من الولوج إلى منصة إيفاكس (القسم الخاص بأعوان وزارة الصحة) بعد الحصول على اسم المستخدم وكلمة العبور المشتركة بين جميع الأعوان (وهي كلمة مرور سهلة الاختراق)"، على حد قولها.

منظمة "أنا يقظ" تستنكر "استهتار وزارتي الصحّة وتكنولوجيات الاتصال بالمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين"

وعن الطريقة التي قد يكون يعتمدها المتلاعبون بالمنظومة الرقمية، أوضحت المنظمة أن "وزارة الصحّة قامت بتمكين عدد كبير من المتطوعين، خلال الأيام المفتوحة للتلقيح أي منذ يوم 8 أوت/أغسطس 2021 إلى حدّ هذه اللّحظة، من اسم مستخدم وكلمة عبور إلى منصّة إيفاكس، ويمكن لأي شخص يحصل على كلمة العبور الموحّدة واسم المستخدم دخول قاعدة بيانات منصة إيفاكس والاطلاع على المعطيات الشخصية للمواطنين، وكذلك تغيير مواعيد التلقيح ونوع الجرعات وحتى التصريح بالمخزون المتوفر من الجرعات (Stock) وتأكيد تلقي الجرعات واختيار نوع اللقاح وصولًا إلى إسناد جوازات تلقيح وهميّة"، وفق ما ورد في البيان.

واستنكرت "أنا يقظ"، في هذا الإطار، ما اعتبرته "استهتار وزارتي الصحّة وتكنولوجيات الاتصال بالمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين"، مؤكدة أنّ "هذا الخطأ الجسيم فتح بابًا للتلاعب والمتاجرة بجوازات وشهائد التلقيح في ظلّ غياب رقابة وزارة الصحّة"، حسب روايتها.

ولئن مرّ أسبوعان على البيان الذي نشرته "أنا يقظ" مطالبة فيه بفتح تحقيق "فوري وعاجل" ونشر نتائجه إلى العموم، فإنه ليس هناك أيّ ردّ أو تفاعل في المقابل من السلطات المعنية، بدرجة أولى وزارة الصحة ووزارة تكنولوجيات الاتصال.

وبعد التحقيق الذي عرفته ولاية نابل مؤخرًا بخصوص إعداد جوازات تلقيح من منظومة إيفاكس وبيعها بمقابل مالي دون أن يكون المتحصل عليها قد أجرى حقيقةً التلقيح، يبقى التساؤل عن مدى حجم جوازات التلقيح التي أُعدّت وبيعت دون وجه حقّ بسبب ثغرة رقمية في منظومة رسمية. ولئن تم كشف المتورطين في نابل بعد تبليغات لقت صدى على مواقع التواصل الاجتماعي، فماذا عن الجوازات المعدّة دون أن يُسمع عنها، وهل أن السلطات قادرة على كشفها والحال أنها مستخرجة من منظومة رقمية رسمية، وهي مماثلة تمامًا لأي جواز تلقيح لشخص مطعّم؟..

لئن تم كشف المتورطين في نابل بعد تبليغات لقت صدى على مواقع التواصل الاجتماعي، فماذا عن الجوازات المعدّة دون أن يُسمع عنها، وهل أن السلطات قادرة على كشفها والحال أنها مستخرجة من منظومة رسمية

جدير بالذكر أنه كان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، مساء الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مرسوم يتعلق بجواز التلقيح الخاص بفيروس كوفيد ـ19، ويتعين الاستظهار بجواز التلقيح للدخول إلى الفضاءات العامة.

وينص المرسوم على أن الجواز يُسند لكل تونسي أو مقيم بالبلاد التونسية يبلغ من العمر 18 سنة فما فوق، واستكمل التلقيح ضد الفيروس. كما يمكن إسناد الجواز للأشخاص الذين لم يبلغوا الـ18 واستكملوا التلقيح، إضافة إلى الأجانب الوافدين على البلاد التونسية والتونسيين الحاملين لجوازات أو شهادات تلقيح مسلمة بدول أجنبية.

ويترتّب عن عدم الاستظهار بجواز التلقيح تعليق مباشرة العمل بالنسبة إلى أعوان الدولة والجماعات المحلية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية وتعليق عقد الشغل بالنسبة إلى أجراء القطاع الخاص وذلك إلى حين الإدلاء بالجواز وتكون فترة تعليق مباشرة العمل أو عقد الشغل غير خالصة الأجر.

ويتّخذ الوالي المختص ترابيًا، في صورة معاينة أي إخلال بتطبيق منع الدخول إلى الفضاءات والأماكن التابعة للقطاع الخاص المنصوص عليها بالفصل 2 من هذا المرسوم، قرارًا بالغلق الوقتي للفضاء أو المكان الذي ارتكبت فيه المخالفة وذلك لمدة أقصاها 15 يومًا. وتستثنى من قرار الغلق المؤسسات الصحية الخاصة، وفق ما جاء في نص المرسوم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إيقاف 3 أشخاص بشبهة التلاعب بمنظومة "إيفاكس" واستخراج جوازات تلقيح بمقابل مادي

طالبت بفتح تحقيق عاجل..أنا يقظ: تجاوزات خطيرة في إيفاكس تخص إسناد جواز التلقيح