30-أغسطس-2024
هيومن رايتس ووتش حقوق الإنسان في تونس

الأورومتوسطي يحث المجتمع الدولي على إعادة النظر في علاقته مع الحكومة التونسية على ضوء "الانتهاكات الجسيمة" لحقوق الإنسان (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

حث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الجمعة 30 أوت/أغسطس 2024، المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، على إعادة النظر في علاقاته مع الحكومة التونسية الحالية في ضوء "الانتهاكات المنهجية الجسيمة المستمرة لحقوق الإنسان"، وفقه.

وقال الأورومتوسطي، في بيان له، إنه يتابع عن كثب ما وصفها بـ"الحملة الممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين، وخاصة المحامين في تونس بما في ذلك حملات الاعتقالات التعسفية وتقييد الحريات العامة".

الأورومتوسطي: نحث المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، على إعادة النظر في علاقاته مع الحكومة التونسية الحالية في ضوء الانتهاكات المنهجية الجسيمة المستمرة لحقوق الإنسان

واعتبر أنّ "السلطات التونسية والقضاء والأجهزة الأمنية تصعد حملتها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين منذ الإطاحة بالحكومة في جويلية/يوليو 2021"، مشيرًا إلى أنه "منذ ذلك الحين، تم اعتقال ما لا يقل عن 24 محاميًا تعسفيًا بسبب قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير والنشاط، وما يزال معظمهم محتجزين، بينما حُكم على بعضهم بالسجن".

وأكد الأورومتوسطي أن "الإجراءات القضائية والتنفيذية المتخذة تشكل انتهاكًا خطيرًا للحق في المحاكمة العادلة والحق في حرية الرأي والتعبير، فيما تتضح الانتهاكات المنهجية بشكل واضح وصريح من خلال ما تمارسه السلطات القضائية من تقييد للتواصل بين المحامين داخل السجون التونسية"، حسب تقديره.

الأورومتوسطي: منذ جويلية 2021 صعدت السلطات التونسية والقضاء والأجهزة الأمنية حملتها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين وتم منذ ذلك الحين اعتقال ما لا يقل عن 24 محاميًا تعسفيًا بسبب قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير

ونبه المرصد الدولي إلى أنه "قبل الأزمة الحالية المستمرة في تونس كانت زيارات المحامين لموكليهم غير مقيدة، ثم تم تقييدها بعشرة أيام في الشهر، والآن أصبحت بيوم واحد في الشهر، بالإضافة إلى قيام القضاة بشكل تعسفي بتقرير ما إذا كانوا سيسمحون للمحامي بزيارة معتقل معين أم لا، وعندما يمثل المحامي أكثر من معتقل لا يُسمح له إلا بزيارة معتقل واحد يختاره القاضي"، على حد ما جاء في نص البيان. 

وأشار، في سياق متصل، إلى أنه "بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية، فإن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة ضد المحامين كانت موضع تقارير واسعة النطاق من قبل نفس المحامين للأورومتوسطي، ومن ذلك قضية المحامي مهدي زقروبة الذي عُرض على قاضي التحقيق وعلامات التعذيب واضحة عليه، دون أن يتخذ القاضي أي إجراءات لحمايته"، حسب ذات البيان.

الأورومتوسطي: قضية المحامية سنية الدهماني تعد مثالًا واضحًا على الانتهاكات الجسيمة ضد الحق في المحاكمة العادلة، وحرية الرأي والتعبير، والحق في ألا تخضع للمعاملة المهينة وغير اللاإنسانية خلال احتجازها"

وقال الأورومتوسطي إن قضية المحامية سنية الدهماني تعد مثالًا واضحًا على "الانتهاكات الجسيمة ضد الحق في المحاكمة العادلة، وحرية الرأي والتعبير، والحق في ألا تخضع للمعاملة المهينة وغير اللاإنسانية خلال احتجازها". 

وذكر المرصد أنّه "بعد قيام الدهماني باستئناف الحكم الصادر ضدها، قامت السلطات التونسية بتغيير مديرة السجن الذي تحتجز فيه. وقد قيدت المديرة الجديدة حقوق الدهماني بشكل منهجي من خلال إخضاعها لعمليات تفتيش دقيقة مثل إجبارها على التعري تمامًا دون مبرر في كل مرة يزورها فيها محاميها أو المنظمات الحقوقية، كما منعتها المديرة الجديدة من تناول الأدوية اللازمة لحالة الغدة الدرقية لمدة شهر، والآن يُسمح لها بجرعات غير كافية على الرغم من الطلبات المستمرة، كما تم بعد ذلك نقلها إلى زنزانة أخرى حيث تم ملء الفراش بالحشرات"، على حد ما ورد في البيان.

وتابع الأورومتوسطي أنه في إحدى المرات التي كان لا بدّ لها فيها زيارة المحكمة، "أُجبرت الدهماني على ارتداء شبشب بدلاً من حذاء مناسب على الرغم من وجود واحد في السجن وأبلغتها المديرة صراحةً بأن "هذا حقك، لكنني أمنعك"، كما تم إرسالها للتفتيش الدقيق قبل الذهاب إلى المحكمة رغم عدم القيام بنفس الشيء مع السجناء الآخرين في نفس اليوم"، حسب ذات البيان.

الأورومتوسطي: ندين المعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تمارسها السلطات التونسية والقضاء وإدارات السجون ضد المعتقلين، وخاصة المعتقلين على خلفية قضايا تتعلق بحرية التعبير

وأضاف أنه "تم التفتيش بحضور ضابط واحد فقط في تناقض مع القانون التونسي الذي يتطلب وجود ضابطين على الأقل أثناء التفتيش، وأجبرت الدهماني على خلع ملابسها دون وجود حاجز في الغرفة"، مشيرًا إلى أنّ "الدهماني حاولت رفض تفتيشها من قبل ضابط واحد فقط وفي مثل هذه الظروف، لكن مع خوفها من العقاب التعسفي امتثلت، ثم أمرها الضابط بالانحناء والسعال عدة مرات مع لمسها بشكل غير لائق، بالإضافة إلى استخدام لغة غير لائقة معها"، وفق ما ورد في نص البيان.

وتابع الأورومتوسطي أنه "بعد التفتيش، طُلب من الدهماني ارتداء "السفساري" (لباس نسائي تقليدي تونسي) على عكس السجناء الآخرين، والتي تستخدم فقط في السجون للمدانين في قضايا الزنا والدعارة، في محاولة لإهانة الدهماني والتمييز على أساس الجنس، خاصة أن السجناء من الرجال والنساء الآخرين لا يُجبرون على ارتداء زي معين للمحكمة"، مضيفًا أنّها "رفضت ارتداء السفساري، فتم استدعاء مديرة السجن إلى الغرفة وبدأت في الضغط عليها، وبعد رفض الدهماني التام ارتداء السفساري، تم إرسالها إلى غرفة أخرى لفتح تحقيق ضدها من قبل ضابط آخر".

الأورومتوسطي: الإجراءات التي اتخذتها السلطات التونسية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين تشكل انتهاكًا خطيرًا للدستور التونسي وانتهاكًا وتقويضًا لالتزامات تونس الدولية

وأضاف الأورومتوسطي أنها "خوفًا من تفويت جلسة الاستئناف النهائية في محكمة الاستئناف، وافقت الدهماني على ارتداء السفساري، لكن ورغم وجود السيارة في مقر السجن، رفضت المديرة السماح لها بالذهاب إلى المحكمة، وتواصلت مع المحكمة قائلة إن الدهماني رفضت الذهاب، وطلبت منها التوقيع على أوراق التحقيق قائلة إنها لا تريد الذهاب إلى المحكمة، إلا أن الدهماني رفضت، فتم إرسال الأوراق إلى المحكمة بدون توقيع الدهماني، ورغم مطالبة محامي الدهماني المحكمة بأمر المديرة بإحضار الدهماني، إلا أن المديرة رفض السماح للدهماني بالذهاب إلى المحكمة"، حسب ما ورد في بيان المنظمة الدولية. 

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ "هذا الانتهاك المنهجي لحقوق الدهماني، والذي ينطبق أيضاً على غيرها من السجناء السياسيين وسجناء حرية التعبير، لا يتوقف عند هذا الحد. فقد حاولت عائلة الدهماني إرسال ملابس جديدة لها بعد جلسة المحكمة بالإضافة إلى أدويتها، إلا أن المديرة رفضت السماح بإدخال أي من هذه الملابس. كما يتم رفض طلب الدهماني بالاستحمام بالماء الدافئ باستمرار، ولا يُسمح لعائلتها بزيارتها دون وجود حاجز عازل بينهم".

واستطرد المرصد أنه "بالإضافة إلى ذلك، أبلغ قاضي التحقيق الحالي محامي الدهماني أنه منزعج من الطلبات المستمرة لزيارتها، وبالتالي، فإنه سيدرس كل طلب على حدة قبل اتخاذ قرار بشأن أي زيارة"، مضيفًا أنّ "عائلة الدهماني وفريق دفاعها رفعوا دعوى قضائية ضد مدير السجن والضابط التي قامت بتفتيشها وحدها". 

الأورومتوسطي يدعو السلطات التونسية إلى "الالتزام بواجباتها الدستورية والتزاماتها الدولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ووقف حملتها المنهجية ضد المحامين الذين هم حجر الزاوية في التمتع بحقوق الإنسان وممارستها في أي مجتمع ديمقراطي" 

وعلى هذا الأساس، أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ما وصفها بـ"المعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تمارسها السلطات التونسية والقضاء وإدارات السجون ضد المعتقلين، وخاصة المعتقلين على خلفية قضايا تتعلق بحرية التعبير".

وشدد على أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات التونسية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين، وخاصة المحامين الذين يشاركون في المجال العام لتعزيز المصلحة العامة، تشكل "انتهاكًا خطيرًا للدستور التونسي، وتحديدًا المادة 36 التي تضمن المعاملة الإنسانية للسجناء، والمادة 37 التي تضمن الحق في حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى انتهاك وتقويض التزامات تونس الدولية بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، حسب رأيه. 

ودعا الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى "الالتزام بواجباتها الدستورية والتزاماتها الدولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ووقف حملتها المنهجية ضد المحامين الذين هم حجر الزاوية في التمتع بحقوق الإنسان وممارستها في أي مجتمع ديمقراطي"، وفق ذات البيان. 


صورة