الترا تونس - فريق التحرير
نشر الساعة: 15:45 بتوقيت تونس
أثارت الإجراءات الأخيرة المعلن عنها لفائدة الشركات الأهلية دون غيرها من الشركات، جدلاً على صفحات التواصل الاجتماعي في تونس.
جدل في تونس إثر إعلان تسهيلات إدارية ومنح لفائدة الشركات الأهلية وتحذيرات من تأثير بعضها على البيئة والمحيط
وتصاعد هذا الجدل، إثر إعلان وزارة التشغيل والتكوين المهني في تونس، إقرارها تسهيلاً إداريًا جديدًا يهم إحداث الشركات الأهلية، تمثّل في "إلغاء شرط طلب دراسة المؤثرات على المحيط وكراس الشروط للحصول على شهادة التصريح بالاستثمار لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد".
وبيّنت الوزارة في البلاغ ذاته، أنه "تمّ إرجاء طلب الاستظهار بهذه الدراسة أو كراس الشروط المصادق عليه قبل الدخول طور النشاط الفعلي أو عند طلب صرف المنحة طبقًا لقانون الاستثمار الجاري به العمل".
وسبق أن أعلن وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شود، تخصيص منحة لدعم الشركات الأهلية في حدود 800 دينار على أقصى تقدير شهريًا يتم الانتفاع بها لمدة سنة واحدة غير قابلة للتجديد، وأفاد بأن "هذه المنحة لن تعطى إلا بعد القيام بدراسة جدوى لمشاريع الشركات الأهلية".
نشطاء في تونس يصفون القرارات الأخيرة لفائدة الشركات الأهلية بـ "الشعبوية والعبثية والخطيرة"
واعتبر النشطاء في المجتمع المدني في تونس أن هذه القرارات "شعبوية وعبثية وخطيرة"، وفقهم، كما حذّروا من "المخاطر" المحتملة على البيئة والمحيط في تونس.
وقال الناشط المختص في الشأن البيئي حمدي حشاد، في تعليقه على قرار "إلغاء شرط طلب دراسة المؤثرات على المحيط"، إن "القرارات الشعبوية تتغول على المنطق وتنسف أي تمش منطقي للقوانين في للبلاد"، واعتبر أن هذا الإجراء يعدّ "صكًا على بياض" تسلّمه الدولة بنفسها لهذه الشركات.
وأضاف المختص البيئي في تدوينة نشرها على حسابه بموقع فيسبوك: "تصوروا أن تنتصب الشركات الأهلية في الغابات والشواطئ والبحيرات والسباخ والمحميات الطبيعية دون أدنى دراسة، وما الذي من الممكن أن تتسبب فيه"، مشيرًا في المقابل إلى ما "تتسبّب فيه شركات تطبق القوانين وخضعت لدراسات مسبقة من كوارث على البيئة وعلى صحة الناس فما بالك دون أدنى دراسات مسبقة"، وفق قوله.
وبدوره اعتبر الناشط الحقوقي والناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تدوينة نشرها على حسابه بموقع فيسبوك، أن البيئة والمحيط "عرضة للانتهاكات" في ظل فرض القانون التونسي القيام بالدراسات اللازمة، فما بالك مع إلغاء هذه الدراسات، حسب تقديره.
أما الناشط في الشأن المدني والسياسي وسيم حمادي فقد اعتبر أن قرار "إلغاء شرط طلب دراسة المؤثرات على المحيط"، "علاوة على أنه غير قانوني، فهو عبثي وخطير"، حسب تعبيره.
وأكد في تدوينة نشرها على حسابه بموقع فيسبوك أن هناك "أمر حكومي واضح وصريح، يضبط شروط خضوع الشركات لدراسة المخاطر ويضع صنف النشاط الذي تمارسه كمعيار أساسي"، مضيفًا: "ثم يأتي قرار مسقط في بلاغ إعلامي ويستثني الشركات الأهلية من هذا".
كما اعتبر أن "منح استثناء من هذا النوع لصنف من الشركات دون الأخذ بعين الاعتبار إمكانية أنها قد تمارس أنشطة ملوثة للبيئة، فيه تشجيع على ضرب حماية المحيط عرض الحائط".
أما بخصوص قرار "تخصيص منحة لدعم الشركات الأهلية في حدود 800 دينار"، فقد لفت المختص في الشأن الاقتصادي آرام بلحاج إلى أن "هذه المنح ستكون من أموال دافعي الضرائب"، وتساءل عن سبب اتخاذ هذا القرار إذا كان المسؤولون في الدولة يقرون بأن الإشكاليات التي تعترض الشركات الأهلية هي إشكاليات تشريعية بالأساس، حسب قوله.
وكان وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شود، قد أقر مؤخرًا بأن "صعوبات كبرى تعترض الشركات الأهلية في تونس، وتعطل انطلاقها في النشاط"، واعتبر أنها في أغلب الأوقات "إشكاليات تشريعية" وفق تقديره.
ومن جهته أشار الناشط في المجتمع المدني والرئيس السابق لمنظمة "أنا يقظ" أشرف العوادي، إلى عديد الإجراءات التي تم اتخاذها لفائدة الشركات الأهلية في تونس بهدف دفع نشاطها، قائلاً إن "5 سنوات مرت ومع ذلك لم تطلق تجربة وحيدة ناجحة" وفق قوله، ولفت إلى أن المقاربة "غير قابلة للتطبيق" حسب تقديره.
ويذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُسيل فيها الشركات الأهلية حبر الانتقادات، خاصة بعد ما ضجّ من جدل في علاقة بتسويغ الأراضي الدولية لفائدة الشركات الأهلية.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي يولي أهمية قصوى للشركات الأهلية، قد أكد ضرورة مراجعة النظام القانوني لتسويغ أملاك الدولة وتكريس مبدأ الأولوية، في عمليات التسويغ لمن يتقدم بمشاريع لإنشاء شركات أهلية.
وقالت الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، الاثنين 9 سبتمبر/أيلول 2024، إن الرئيس التونسي شدّد، "بصفة خاصة، على ضرورة مراجعة النظام القانوني لتسويغ أملاك الدولة وتكريس مبدأ الأولوية، وهو مبدأ مألوف في القانون، في عمليات التسويغ لمن يتقدم بمشاريع لإنشاء شركات أهلية تخلق الثروة وتعود بالنفع لا فقط على باعثيها بل على الوطن كله".