أصدرت وزارة التربية والتعليم التونسية منشورًا قبل أيام يقضي بإدراج اللغة التركية كلغة اختيارية في مناهج التعليم الثانوية. وهو حدث تسلّطت عليه الأضواء حيث عبّر بعض الفاعلين عن خشيتهم من توسّع النفوذ التركي في تونس وممّا أسموه "الغزو العثماني"، فيما أكّد آخرون أهمية تدريس اللغة التركية خاصة مع تنامي المبادلات التجارية بين البلدين وتزايد الاستثمار التركي في السوق المحليّة.
اعتبر البعض إدراج التركية كلغة اختيارية في مناهج التعليم في تونس غزوًا عثمانيًا بينما رأى آخرون أهمية الأمر للعلاقات بين البلدين
ولم تكن إضافة اللغة التركية في تونس مؤخرًا بجديد بل هي عودة لقرار سابق. حيث تم إدراج هذه اللغة سنة 2012 بعد إبرام مذكرة تفاهم بين تركيا وتونس. وقد بررّ وزير التربية آنذاك هذا القرار بكون اللغة التركية "لغة حية وعصرية وأن تدريسها يدخل في إطار مزيد من الانفتاح على الشعوب"، إلّا أن وزير التربية الحالي ناجي جلول قرّر حذفها السنة الفارطة بسبب "تقلّص عدد التلاميذ الراغبين في اختيارها وتماشيًا مع حسن توظيف الموارد البشرية".
وكشف، في هذا الإطار، مسؤول سام بوزارة التربية أن 188 تلميذًا فقط من السنة الثالثة والرابعة ثانوي يدرسون اللغة التركية، وهو عدد ضعيف مقارنة بالعدد الإجمالي للتلاميذ، الذين يدرسون المواد الاختيارية بصفة عامة وهم 184 ألف تلميذ. ويدرّس اللغة التركية في تونس 10 أساتذة يتقاضون أجورهم من الدولة التركية في بعض المدارس بتونس العاصمة وبعض المحافظات الساحلية فقط.
يُذكر أن تونس تدرِّس اللغتين الفرنسية والإنجليزية كمادّتين إجباريتين منذ المرحلة الابتدائية إضافة إلى اللغة الأم العربية. وتخوّل للتلميذ دراسة إحدى المواد الاختيارية في السنتين النهائيتين في المرحلة الثانوية وهي إما مادة فنية تتمثل في التربية التشكيلية أو الموسيقى أو المسرح، وإما لغة أجنبية ثالثة وهي الألمانية أو الإيطالية أو الإسبانية أو الروسية أو الصينية، وحاليًا أضيفت للقائمة الاختيارية اللغتان التركية والبرتغالية. ويتم تدريس مواد اللغات الاختيارية بمعدل 3 ساعات في الأسبوع، وتُحتسب المادة الاختيارية في المعدل النهائي.
وقد مثّل قرار العودة لتدريس اللغة التركية كلغة اختيارية في تونس بعد أقل من سنة من حذفها شاهدًا جديدًا لدى المتابعين للشأن التربوي بتونس لغياب التخطيط والاستشراف لدى وزير التربية ناجي جلول الذي تطالب النقابات الثانوية بإقالته لـ"إهانته" للمربّين وفشله في إدارة ملفّ الإصلاح التربوي.
كما تزامن المنشور الوزاري مع جدل حول تزايد العجز التجاري بين تركيا وتونس، وهو ما أرجعه وزير التجارة زياد العذاري، وهو قيادي بحركة النهضة، لاتفاقية الشراكة والتبادل الحر مع تركيا التي تم إمضاؤها من قبل الثورة التونسية، إضافة إلى عدم استعداد تونس لتأهيل منتوجاتها حتى تقتحم السوق التركية.
وكانت قد انطلقت في تونس دعوات لمقاطعة بذور عباد الشّمس البيضاء التي تُعرف بـ"اللبّ الأبيض"، التي تستوردها تونس من تركيا على خلفية خسائر الفلاحين التونسيين بسبب تقلص استهلاك بذور عباد الشمس السوداء التي تعرف بـ"اللبّ الأسود" والتي يتم إنتاجها محليًّا.