189 حريقًا في يوم واحد في تونس ومختص لـ"الترا تونس": 95% منها لأسباب بشرية

تدخلت وحدات الحماية المدنية لإطفاء 189 حريقًا في مناطق مختلفة من البلاد خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية من الساعة السادسة صباحًا يوم 17 جوان/يونيو إلى السادسة صباحًا يوم 18 جوان/يونيو 2025، وفق ما أكده المتحدث باسم الحماية المدنية، العميد معز تريعة، في تصريح خاص لـ"الترا تونس".

ارتفاع الحرائق في تونس: تدخل الحماية المدنية وخطة المواجهة السنوية

وأوضح تريعة أن "هذه الحرائق لم تقتصر على الغابات فقط، بل شملت محلات سكنية وتجارية ووسائل نقل أيضًا. وأكد أن ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأعشاب الجافة يساهمان في زيادة عدد الحرائق، خاصة خلال فصل الصيف".

المتحدث باسم الحماية المدنية لـ"الترا تونس": ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأعشاب الجافة يساهمان في زيادة عدد الحرائق، خاصة خلال فصل الصيف

وأشار في تصريح لـ"الترا تونس":"الحماية المدنية تعمل ضمن خطة مشتركة مع الإدارة العامة للغابات ووزارتي التجهيز والفلاحة وبقية الجهات المعنية، لمجابهة حرائق الغابات"، مؤكّدًا أن هذه الخطة يتم تحيينها سنويًا للتكيف مع التغيرات المناخية والبيئية، ولضمان حماية المحاصيل الزراعية.

• مختص في المناخ لـ"الترا تونس": الأسباب البشرية وراء 95% من الحرائق ويجب الضرب بيد من حديد

من جانبه، أوضح المهندس والمختص في المناخ حمدي حشاد:"95% من الحرائق في تونس تعود لأسباب بشرية، والتغيرات المناخية غير مسؤولة بشكل مباشر عن اندلاعها". وأوضح أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يساهم فقط في انتشار النيران، لكنه لا يتسبب في نشوبها تلقائيًا، حتى في درجات حرارة قصوى مثل 60 درجة مئوية، وفق قوله.

 المهندس والمختص في المناخ حمدي حشاد لـ"الترا تونس": 95% من الحرائق في تونس تعود لأسباب بشرية

وفي هذا السياق، صرّح المختص بأن أحد الأدلة على الطابع البشري للحرائق هو حادثة إيقاف مربي نحل تسبب في اندلاع حريق بغابة في منوبة. وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة، بالاحتفاظ بمربيي نحل اثنين من معتمدية طبربة، بشبهة إضرام النار عمدًا في غابة جبلية، والتسبب في اندلاع حريق أمس الأحد، أتى على 70 هكتارًا، من بينها 10 هكتارات من الحبوب، إلى جانب استعمال الملك الغابي دون ترخيص، وفق تصريح مصدر أمني ورد في وكالة الأنباء الرسمية التونسية.

وأوضح حشاد لـ"الترا تونس": الحرائق تحدث طيلة العام، لكنها تتزايد في الصيف بسبب الطقس المناسب للنشاطات البشرية مثل التخييم داخل الغابات، إلى جانب دوافع جنائية". وأبرز وجود أطراف تسعى لتحويل الغابات إلى أراضٍ فلاحية أو مشاريع بناء، خاصة في المواقع الساحلية الاستراتيجية.

وتحدث عن موجة من منازل الضيافة التي ظهرت بعد سنة 2010 داخل الغابات، حيث أن عددًا كبيرًا منها يُبنى دون تراخيص قانونية ووضعيات عقارية شائكة، وهو ما يعزز فرضية الاستغلال المتعمد للحرائق كوسيلة لإعادة توجيه استعمال الأرض.

المختص في المناخ، حمدي حشاد: الحرائق تحدث طيلة العام، لكنها تتزايد في الصيف بسبب الطقس المناسب للنشاطات البشرية مثل التخييم داخل الغابات

ودعا حشاد إلى "الضرب بيد من حديد وتتبع كل من استفاد من هذه الحرائق"، مشددًا على أن الدولة مطالبة بفرض سلطة القانون على هؤلاء، رغم أن وحدات الحماية المدنية تقوم بعملها على أكمل وجه، وفق تعبيره، وختم المختص حديثه بالقول:"الغابات تمثل وسيلة منخفضة التكلفة وفعالة لمجابهة التغيرات المناخية ويجب أن تكون أولوية الأولويات الحفاظ عليها".

يجدر بالذكر أن تونس خسرت نحو 56 ألف هكتار من نسيجها الغابي خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2023، بسبب الحرائق، وذلك في ولايات سليانة، بن عروس، جندوبة، بنزرت، باجة، ونابل وفق ما أفاد به المدير العام للغابات محمد نوفل بن حاحة لوكالة الأنباء التونسية الرسمية ومن جانبه، أكد المختص في البيئة والتنمية المستدامة، عامر الجريدي، في تصريح سابق لـ"الترا تونس"، أن الحرائق ليست فقط نتيجة للتغيرات المناخية بل أيضًا نتيجة لسنوات الجفاف والقطع الجائر للأشجار. وأشار إلى أن الغابات المحترقة قد تتجدد تلقائيًا في حال تسجيل تساقطات مطرية كافية.

وشدّد الجريدي على أهمية الحفاظ على الغطاء الغابي والنباتي، باعتباره مصدرًا لغذاء الكائنات الحية، وحافظًا للتنوع البيولوجي، ومورد رزق للعائلات الريفية، كما أنه يساهم في حماية التربة والهواء، وفق قوله وفي هذا السياق، شدد على أهمية تعزيز التربية البيئية والاتصال البيئي في تونس، مشيرًا إلى أن المشاركة الطوعية في حملات التشجير تسهم في نشر قيم بيئية نبيلة في صفوف الشباب والأجيال الناشئة.