معرض تونس الدولي للكتاب.. التحديات نفسها تجابه الزائرين والناشرين
27 أبريل 2025
لا شكّ أنّ معرض تونس الدولي للكتاب، بوصفه الحدث الأدبي الأبرز في تونس، قد بات موعدًا سنويًا متكررًا للمّ شمل الفاعلين في عالم النشر، من كتّاب وناشرين وقرّاء وغيرهم.. غير أنه أصبح أيضًا موعدًا دوريًا للتحسّر على نجاح عدد من الدورات الفارطة، مقابل تقهقر في مستوى التنظيم وجودته، لاحظه العارضون والزوّار على حد السواء على عدة مستويات في الأعوام الأخيرة.
هذه الدورة الـ39، التي انطلقت الجمعة 25 أفريل/نيسان 2025، وتستمر إلى غاية يوم الأحد 4 ماي/أيار القادم بقصر المعارض بالكرم، تحت شعار "نقرأ لنبني"، وتمّ فيها اختيار الصين كضيف شرف، يُشارك فيها ممثلون عن 29 دولة و313 عارضًا من بينهم 166 عارضًا من خارج تونس، بأكثر من 110 آلاف عنوان.
على أنّ هذا الكمّ الهائل من العناوين، قد لا يكون مثمّنًا بالشكل الكافي والأمثل، إذا ما تراكمت التحديات التي تتكرّر سنويًا، بلا خطة معلنة لتخطّيها. "الترا تونس" زار معرض تونس للكتاب الدولي منذ افتتاح هذه الدورة، وواكب فعالياته المستمرة، والتقى بعدد من المهنيين الذين نقلوا إليه بعض العراقيل.
الحبيب الزغبي (رئيس نقابة المورّدين والموزّعين) لـ"الترا تونس": من غير المعقول أن تواصل وزارة الثقافة الإشراف على المعرض، وإذا تواصل العمل بهذا الشكل فالمعرض سيكون كل سنة من السيئ إلى الأسوأ
يؤكد الناشر التونسي الحبيب الزغبي، رئيس نقابة المورّدين والموزّعين، أنّ معرض تونس الدولي للكتاب في هذه الدورة، يفتقر إلى إستراتيجية للعمل أو التخطيط، بدليل تأخر صدور البرنامج، وسوء التنظيم الذي رافق يوم الافتتاح، فضلًا عن اللغط بخصوص البرمجة وشعار الدورة منذ الإعلان عنهما، متسائلًا: "هل من المعقول أن نلغي فيرجيل ونضع شعارًا مسقطًا بألوان باهتة؟"، منتقدًا عدم التشريك الفعلي للمهنيين في هذا الحدث الذي يخصّهم.
وتابع الزغبي بقوله: "الإدارة بما فيها وزارة الشؤون الثقافية تشتغل بمفردها وكأن الناشرين والعارضين ملك لها، رغم أنّ المنطق يفرض أن نتعاون جميعًا كي تتحمل كل الأطراف مسؤوليتها فيما بعد، أما ما يحصل اليوم فهو أنّ هناك إدارة تقرر وتفرض على الهيئة المديرة لهذه الدورة التوجهات، فنحن إزاء عقد إخضاع"، وفقه.
ودعا الحبيب الزغبي الإدارة، إلى أن تستجيب وتستمع لمشاغل المهنيين، وقال: "طالما نشتغل بهذه الإجراءات فالمعرض من سيء إلى أسوأ، وللأسف أصبحنا (ماضويين) أي أننا نتمنى يعود المعرض كما كان عليه قبل 2010"، مبديًا عميق أسفه للغياب اللافت لدور نشر عربية كبرى مثل دار الساقي، ودار الآداب، ودار الطليعة، ودار نون، ودار التنمية وغيرها.. وقال: "هذه الدور كانت حاضرة في دورات سابقة لكنها اليوم باتت تعزف عن المشاركة في معرض تونس، لعدة أسباب من بينها وضعها في أجنحة في أطراف المعرض والتعطيل على مستوى وصول الشحنات".
وشدّد رئيس نقابة المورّدين والموزّعين، على أنه "من غير المعقول أن تواصل الوزارة الإشراف على المعرض، فالتجارب المقارنة تخبرنا أنّ وزارة الثقافة لا علاقة لها بمعرض الكتاب في المغرب مثلًا، فهي تقوم فقط بطلب عروض وتختار العرض الأنسب ثم تحاسب هؤلاء على أي خطأ، أي أنها تشرف على المعرض وتشارك فيه دون أن تضطر إلى تحويل جزء من موظفيها إليه خلال فترة تنظيمه".
الحبيب الزغبي (رئيس نقابة المورّدين والموزّعين) لـ"الترا تونس": لماذا نجد أنّ نصف مساحة المعرض مخصصة للإدارات والوزارات؟ المواقع المتميزة للأجنحة باتت حكرًا عليها، فماذا تركوا للناشرين والعارضين؟
يشير الزغبي في المقابل، إلى أنّ مدير المعرض مكبّل الأيدي، أيضًا، إذ يقع تعيينه قبل وقت وجيز، ويتغير بشكل دوري فلا يراكم التجربة اللازمة للتحسين والتطوير، وقال: "المعرض هو عملية تجارية وتوزيعية للكتاب، وهو حدث سنوي لترويج الكتاب وإعادة إحياء دورته الاقتصادية، فكيف نجد أنّ نصف مساحة المعرض للإدارات؟ المواقع المتميزة للأجنحة باتت حكرًا على الوزارات، وماذا تركوا للناشرين والعارضين؟" وفق تساؤله.
وعبّر في هذا الإطار عن استنكاره تخصيص أجنحة في آخر القاعة لدور النشر المهمة، قائلًا إنّ العملية التجارية تصبح معدومة إذا كانت نسبة هامة من الأجنحة يقع استغلالها من طرف الهياكل الرسمية، داعيًا إلى أن تكون المؤسسات تكون خارج قاعات البيع، ومطالبًا الوزارة بـ"عدم اعتبار المعرض ملكً خاصً والتخلي عن الأنانية، والتحلي بالإدارة اللازمة كي يستعيد معرض تونس الدولي للكتاب يستعيد إشعاعه الذي يفقده سنة وراء سنة".
أما العارض (صاحب مكتبة) الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، فقد استنكر عدم توصّله إلى معرفة حجم الجناح قبل يومين من افتتاح المعرض، وقال: "هذا أمر غير معقول وغير مقبول، العديد أيضًا طلبوا مساحة معينة لكنهم لم يتحصلوا عليها، وتحصلوا على مساحات أقلّ مما طالبوا به، وشخصيًا جهزتُ معروضات تلائم حجم الجناح الذي طلبناه، لكننا اضطررنا إلى أن تظل نسبة هامة من السلع في الكراتين، لعدم وجود مساحة كافية".
وتابع هذا العارض بقوله: "لم نعرف موقع جناحنا في المعرض إلا قبل وقت وجيز جدًا، لا يكفينا للإشهار حتى، ونتحصل عليه بطريقة غير رسمية أيضًا، فلا يصلنا شيء عبر البريد الإلكتروني"، وفقه.
مستنكرًا أن تتم دعوة العارضين إلى سحب شاراتهم من مدينة الثقافة (وسط العاصمة)، وهو المقر البعيد نسبيًا على مكان العرض (ضاحية الكرم)، قبل أن تتلافى إدارة المعرض هذا المشكل في وقت لاحق، وقال: "الناشرون الأجانب هم الضحية هنا، فالعارضون التونسيون تعودوا بشكل ما على هذا، لكننا نفهم على الأقل سبب عزوف الناشرين العرب على القدوم إلى تونس، خاصة وأنّ موعد معرضنا يتزامن مع 3 معارض كتب عربية أخرى تقريبًا".
صاحب مكتبة لـ"الترا تونس": أستنكر عدم توصّلي إلى معرفة حجم الجناح قبل يومين من افتتاح المعرض،هذا أمر غير معقول وغير مقبول، العديد أيضًا تحصلوا على مساحات أقلّ مما طالبوا بها
وتابع بقوله: "ربما يقع تفضيل بلد على آخر على حسب الخدمات المقدمة والتسهيلات، ولهذا قد نجد أنّ دار نشر موجودة في معرض دولي آخر، ولا نجد لها حضورًا بمعرض تونس"، متطرقًا أيضًا إلى مسألة اختصار مدة المعرض، على اعتبار أنّ يوم الجمعة يعدّ لاغيًا من ناحية البيع، باعتباره يوم الافتتاح، وفقه.
على أنّه أشاد في المقابل، بكون الإشهار انطلق قبل المعرض بوقت جيد نسبيًا، راجيًا أن يقع تلافي كل هذه الصعوبات والعراقيل في الدورات القادمة.
التقينا في السياق نفسه بالشاب التونسي كريم (29 سنة)، الذي كان محمّلًا بثلاثة أكياس من الشراءات، فأكد لـ"الترا تونس"، أنّه يسعد للغاية كلما يجد نفسه محاطًا بهذا الكمّ من الكتب، وقال مازحًا: "لو أنّي أمتلك المزيد من المال لما ترددت في اقتناء كتب أكثر، لكنني تركت في جيبي حاليًا ما يكفيني فقط للعودة إلى المنزل".
يشدد كريم على أنّه يندر في معرض تونس الدولي للكتاب أن يقف عند أجنحة الدور التونسية، محاولًا قدر الإمكان اغتنام فرصة وجود عارضين من خارج البلد، يقول: "أعرف دور النشر التونسية، وعددًا هامًا من كتّاب بلادي وأقرأ لهم، غير أنّ هذه الكتب متوفرة على طول السنة، ومن السهل الحصول عليها، أنا أقتفي أثر التخفيضات من دور النشر المصرية واللبنانية والعراقية وغيرها، فمثلًا اشتريت اليوم 4 كتب من دار نشر مصرية، بسعر كتاب واحد كنت لأقتنيه من مكتبة تونسية وسط العام"، وفقه.
وعن تنوع العناوين، أجابنا كريم بأنّ الراغب بحقّ في اغتنام فرصة معرض الكتاب الدولي، عليه أن يستبق تحضير قائمة بأبرز الكتب التي يرغب فيها قبل يوم المعرض، وقال: "تقريبًا كان لديّ في ذهني 10 كتب أودّ شراءها، وكنتُ أعلم مسبقًا بالدور التي تعرضها، فبدأت جولتي باقتنائها كلها، وما إن اطمأننت لذلك، حتى واصلتُ جولتي لأختار كتبًا أخرى متفرقة، وعناوين تشدني".
زائر للمعرض لـ"الترا تونس": أنا أقتفي أثر التخفيضات من دور النشر المصرية واللبنانية والعراقية وغيرها.. وأغتنم فرصة وجود عارضين من خارج البلد، دور النشر التونسية موجودة على طول العام
وعلى صعيد آخر، التقينا بأميرة، وهي طالبة تونسية (24 سنة)، فأخبرتنا بداية عن معاناتها في الوصول إلى المعرض بالنقل العمومي، تقول: "هناك حافلة دأبنا على ركوبها كل سنة تنطلق من ساحة الحبيب ثامر بالعاصمة، لكني لم أجدها هذه السنة، ولم أسمع أنها توفرت، وبالتالي وصلتُ إلى المعرض بعد وقت طويل لركوبي في أكثر من وسيلة نقل، وقطعي لمسافة جيدة على الأقدام، لدرجة أني أحسست بكوني متعبة قبل أن أبدأ جولتي".
تحدّثنا أميرة عن عشقها للروايات، فتقول: "لا يعنيني اسم الكاتب كثيرًا، فلكمْ قرأت لكتّاب مغمورين روايات لا يلقي لها أحد بالًا، ووجدت أنهم أفضل بكثير من روايات نفخ بعض القرّاء في صورتها، وأعطوها حجمًا أكبر مما تستحق.. أنا أبحث عن اقتناء أكبر عدد ممكن من الروايات بأقل ما يمكن من الأسعار، ولهذا تجد أنني فرحت لوجود بعض الكتب المستعملة أيضًا، التي سعرها أقل بكثير من الكتب الجديدة".
تؤكد الطالبة التونسية أنّ موعد المعرض لا يناسب كثيرًا جدول أوقاتها، ولهذا تكتفي كل سنة تقريبًا بزيارة المعرض ليوم واحد، ويكون هذا اليوم أقرب للمغامرة الجميلة والحلم العابر بالنسبة إليها، راجية أن تجده في صورة أفضل مما هو عليه هذه السنة، إذ لاحظت أنه تقريبًا لا يتطور، وظلّ نفس المعرض الذي دأبت على زيارته منذ أكثر من 10 سنوات، وفقها.
الكلمات المفتاحية

سجاجيد النجمة الزهراء.. عن المجموعة النادرة للبارون ديرلنجي
مجموعة السجاجيد والزرابي المعروضة في قصر النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد، هي واحدة من مجموعات أخرى جمعها البارون ديرلنجي من أسفاره ورحلاته أو وصلت إليه عن طريق أصدقائه ويصل عددها إلى 2600 قطعة

كتاب "أجواد وأوغاد".. حفر بلاغي وعلمي في عتمات الهامش الاجتماعي التونسي
كتاب "أجواد وأوغاد" للباحث هيكل الحزقي يمكن اعتباره كتابًا متأنّيًا ومؤسسًا جادًا لفهوم مجتمعي تونسي ظل شريدًا في التاريخ الاجتماعي المديني

كروان الإذاعة التونسية عادل يوسف.. كنز صوتي وتراث جدير بالاعتناء والتوظيف
الذكاء الاصطناعي كفيل إذا وجد مدوّنة صوتية طويلة ممتدّة متنوعة للشحرور عادل يوسف، أمكن له جعل صوته أميل إلى الخلود

جربة جرجيس.. الوجهة السياحية الأولى في تونس
المندوب الجهوي للسياحة: المنطقة السياحية سجلت ارتفاعًا في أعداد الوافدين بنسبة 19.7% والليالي المقضاة بنسبة 15.7%

رصد المد الأحمر في سواحل المنستير.. وزارة الفلاحة تحذّر البحارة والمتساكنين
سبق أن طالب الأهالي ومختصون في الشأن البيئي والمناخي السلطات المعنية بالتحرك سريعًا لتفادي أي مخاطر ممكنة على صحة المتساكنين

النادي الإفريقي.. فوز قائمة محسن الطرابلسي في انتخابات الهيئة المديرة
فوز قائمة محسن الطرابلسي وهي القائمة الوحيدة المترشحة لعضوية ورئاسة الهيئة المديرة للنادي الإفريقي بعد حصولها على نسبة 92.28%من الأصوات

النهضة: الحكم بالسجن ضدّ الصحبي عتيق جائر وهو حكم سياسي جاهز
حركة النهضة تعتبر أن الحكم بالسجن لمدة 15 سنة ضد الصحبي عتيق ومنصف العمدوني هو "حكم سياسي جاهز وجائر"