23-سبتمبر-2024
جمعيات ملاحظة الانتخابات

الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات: يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلل في النظام القانوني ويعرّض فصل السلطات للخطر

الترا تونس - فريق التحرير

(نشر بتاريخ 2024/9/23 على الساعة 08.45)

 

أصدرت 5 جمعيات تونسية، وهي الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات، رسالة مفتوحة إلى أعضاء البرلمان التونسي، عبّرت فيها عن "مخاوفها حيال مشروع قانون يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون الانتخابي، والذي تم تقديمه من قبل مجموعة من النواب قبل أسبوعين فقط من موعد الاقتراع للانتخابات الرئاسية 2024". 

الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات: التغييرات التي اقترحها مشروع قانون تنقيح القانون الانتخابي، تثير القلق بشأن نزاهة العملية الانتخابية وتزيد من احتمالية عدم ضمان الشفافية والمساءلة

واعتبر ممثلو هذه الجمعيات، أنّ هذا المشروع يسعى إلى نقل اختصاص النظر في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف بتونس، إضافةً إلى نقل مراقبة تمويل الحملات الانتخابية من محكمة المحاسبات، وهي "تغييرات تثير القلق بشأن نزاهة العملية الانتخابية وتزيد من احتمالية عدم ضمان الشفافية والمساءلة" وفقها.

وقال الجمعيات الممضية، إن "توقيت هذه المبادرة التشريعية يثير تساؤلات حول دوافعها ومدى استجابتها لضرورات موضوعية"، مشددة على أنّ التعديل القانوني في هذه الفترة "قد يُعتبر خطوة مشبوهة تهدف إلى التأثير على المسار الانتخابي لصالح أطراف معينة، كما أن استعجال النظر في مثل هذه القضايا دون إتاحة الوقت الكافي للنقاش والتشاور يطرح علامات استفهام حول مصداقية الإجراءات التشريعية في هذه المرحلة الحرجة".

الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات: التعديل القانوني في هذه الفترة قد يُعتبر خطوة مشبوهة تهدف إلى التأثير على المسار الانتخابي لصالح أطراف معينة

وقد دعت الجمعيات الممضية على هذا البيان المشترك، في هذا الإطار، أعضاء مجلس نواب الشعب، إلى إعادة النظر في هذا المقترح لجملة من الأسباب منها أنّ "تعديل القانون الانتخابي قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات يُعدّ إجراءً غير مقبول يتعارض مع أفضل الممارسات لضمان انتخابات حرة ونزيهة. إن أي تغيير للقواعد الانتخابية في هذا التوقيت الحساس، قبيل يوم الاقتراع، يُعتبر انتهاكًا خطيرًا لمعايير نزاهة العملية الانتخابية ويهدد الثقة في أسس الديمقراطية".

 

جمعيات

 

كما أشارت الجمعيات إلى أن قرارات هيئة الانتخابات، باعتبارها هيئة عمومية، تُعتبر قرارات إدارية تستند إلى الأسس القانونية التي تحكم عملها. وبالتالي، فإن الطعن في هذه القرارات يجب أن يتم أمام القضاء الإداري، الذي يمتلك الخبرة اللازمة في التعامل مع هذا النوع من النزاعات. نقل هذا الاختصاص إلى القضاء العدلي ليس مجرد تغيير إجرائي، بل يمكن أن يؤدي إلى خلل في النظام القانوني ويعرّض فصل السلطات للخطر. هذا الانتقال يهدد بتشويش الحدود الفاصلة بين الاختصاصات، مما يؤثر سلبًا على فعالية وشفافية العدالة الانتخابية".

الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات: تعديل القانون الانتخابي قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات يُعدّ إجراءً غير مقبول، وانتهاكًا خطيرًا لمعايير نزاهة العملية الانتخابية

واعتبرت أنّ النزاعات الانتخابية تتميز بطبيعتها الفريدة مقارنة بالنزاعات المدنية أو الجزائية، حيث تتطلب فهماً عميقاً ودقيقاً للإجراءات الانتخابية والمعايير القانونية ذات الصلة. إن المحكمة الإدارية تتمتع بخبرة متعمقة في هذا المجال، بفضل التدريب المتخصص الذي تلقاه قضاة هذه المحكمة في معالجة القضايا الانتخابية. بالمقابل، يفتقر القضاء العدلي، وفقها، إلى هذا النوع من التخصص والخبرة الضرورية، مما يجعل تحويل هذه القضايا إلى محكمة لا تتوافر لديها الأدوات القانونية والقدرات اللازمة للتعامل معها بشكل فعّال أمراً غير مناسب. وقالت إنّ "هذا التحويل قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستندة إلى فهم دقيق لطبيعة النزاع الانتخابي، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض الثقة في النظام القضائي ككل".

وفي السياق نفسه، لفت البيان المشترك، إلى أنّ نقل اختصاص النظر ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية إلى محكمة الاستئناف "ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بضعف الرقابة وعدم الشفافية، حيث تفتقر هذه المحكمة إلى الخبرة اللازمة في هذا المجال. كما أن عبء العمل الإضافي قد يؤدي إلى تأخير البت في القضايا، مما يؤثر سلبًا على الجداول الزمنية للانتخابات. هذه الأمور قد تؤدي إلى فقدان الثقة في نزاهة العملية الانتخابية وتعزيز الشعور بعدم العدالة، مما يستدعي ضرورة الإبقاء على هذا الاختصاص في يد جهة متخصصة مثل محكمة المحاسبات".

الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات: نقل اختصاص النظر ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية إلى محكمة الاستئناف، ينطوي على مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى فقدان الثقة في نزاهة العملية الانتخابية

وذكّرت الجمعيات الشريكة لملاحظة الانتخابات، أعضاء البرلمان، بأنهم "يتحملون مسؤولية تاريخية أمام الشعب التونسي، وأنّ هذه المرحلة الدقيقة في مسار الانتقال الديمقراطي تتطلب منهم أعلى درجات الحكمة والمسؤولية. وإن أي تعديل قانوني يُقرّ في هذا التوقيت قد يترك أثراً مباشراً على مستوى الثقة الشعبية في المؤسسات الانتخابية والقضائية، ومن شأنه التأثير على مسار الانتخابات ككل" وفقها. 

وقالت الجمعيات في الأخير، إن "التاريخ سيسجل هذا القرار، وسيكون عليكم الاختيار بين تعزيز مصداقية العملية الانتخابية بما يتماشى مع المعايير الدولية، أو تحمل مسؤولية أي تأثير سلبي قد ينجم عنها"، وفق نص البيان.

 

2

 

يذكر أن مقترح القانون الذي تقدمت به مجموعة من نواب البرلمان التونسي، الجمعة 20 سبتمبر/أيلول 2024، والمتعلق بتنقيح القانون الانتخابي بما يغيّر الجهة التي تستقبل الطعون في نزاعات الانتخابات إلى محكمة الاستئناف بدل المحكمة الإدارية، قد أثار جدلًا واسعًا في تونس، حيث اعتبر نشطاء مدنيون وسياسيون وحقوقيون أنّ مقترح القانون هو مزيد من الإمعان في "الخروقات والتجاوزات والانتهاكات" التي تقترفها السلطة.

وشهدت العاصمة التونسية وقفة احتجاجية الأحد 22 سبتمبر/أيلول 2024، بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، دعت إليها الشبكة التونسية للحقوق والحريات (وهي شبكة مواطنية واجتماعية وسياسية تهدف إلى الدفاع عن قيم الديمقراطية وعن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي).

وجاء في مقترح القانون، الذي تم نشره على الموقع الرسمي للبرلمان، أنّ النزاع الانتخابي يتحوّل من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف بتونس، وينصّ الفصل 46 بعد تنقيح عدد من الفقرات الواردة فيه على أنه "يتم الطعن في قرارات الهيئة من قبل المترشحين المقبولين من قبل الهيئة أمام محكمة الاستئناف بتونس وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام"، بدل المحكمة الإدارية، كما ينص مقترح القانون على أنّ "أحكام هذا القانون تطبق على النزاعات الجارية في تاريخ صدوره والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024 مهما كانت الجهة القضائية المتعهدة بها وفي أي طور من أطوار التقاضي".

ويشار إلى أنّ الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية في تونس انطلقت السبت 14 سبتمبر/أيلول 2024، علمًا وأنّ المعنيين بها هم المرشحون الثلاث الذين قبلت هيئة الانتخابات ملفات ترشحهم وهم كل من زهير المغزاوي والعياشي زمال وقيس سعيّد. وللإشارة فإن زمال مودع بالسجن على معنى عدة قضايا مثارة ضده في علاقة بشبهات "تدليس تزكيات".

 

واتساب