23-سبتمبر-2024
أنس الحمادي جمعية القضاة إضراب

جمعية القضاة: هذه المبادرة التشريعية تهدف لإلغاء نجاعة الرقابة القضائية على نزاعات الترشح (صورة أرشيفية/الشاذلي بن إبراهيم)

الترا تونس - فريق التحرير

نشر الساعة: 11:30 بتوقيت تونس

 

ندد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، بما جاء في مشروع تنقيح القانون الانتخابي، واعتبر أنه فيه "امتهان للقضاء وضرب لأسس دولة القانون ومبادئ النظام الديمقراطي".

وقال مكتب جمعية القضاة في بيان نشره يوم الاثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024، إنه اطّلع على مقترح القانون ووقف على خطورة ذلك المشروع "من حيث زمن تقديمه في قلب الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024 ومن حيث مضمونه وما ينطوي عليه من توجه واضح القصد منه سحب ولاية المحكمة الإدارية واختصاصها الأصلي بالتعهد والبت في النزاعات الانتخابية على خلفية ما صدر عن جلستها العامة مؤخرًا من أحكام تقضي بقبول ترشحات ثلاثة من المترشحين للانتخابات الرئاسية والإذن بإدراج أسمائهم ضمن القائمة النهائية للمترشحين بعد أن سبق رفض ترشحاتهم من قبل هيئة الانتخابات".

جمعية القضاة: مشروع تنقيح القانون الانتخابي امتهان للقضاء وضرب لأسس دولة القانون ومبادئ النظام الديمقراطي

وبيّن أن مشروع القانون "يقصد رفع يد محكمة المحاسبات عن اختصاصها القضائي الأصيل والحصري في إجراء الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية بوصفها الجهة القضائية المخول لها من حيث تكوين قضاتها واختصاصهم تولى مهمة مراقبة حسن التصرف في المال العام والحفاظ على نقاوة الحياة السياسية من المال الفاسد وذلك بإسناد تلك الاختصاصات إلى القضاء العدلي الذي لا علاقة له بخصوصية تلك النزاعات وموجباتها وبطبيعة الرقابة المالية ومقتضياتها سواء من حيث اختصاصاته القانونية التقليدية أو من حيث تكوين قضاته".

وشدد على أنه "من أهم المبادئ التي تحكم القانون الانتخابي وتسيره مبدأ الاستقرار الذي يقتضي عدم المساس بقواعد تطبيقه إلا لمصلحة عليا أو لحاجة ملحة تقتضيها الضرورة وأن يكون ذلك وجوبًا بعيدًا عن المواعيد الانتخابية بمدة لا تقل، طبق المعايير الدولية، عن عام كامل ضمانًا للمساواة بين حقوق المترشحين وواجباتهم وعدم التأثير على إرادة الناخبين أو المساس بحرية اختيارهم".

وندّد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين "بما جاء بمشروع التنقيح من محاولة لتوريط مؤسسات القضاء العدلي بتكليفه بمهمات خارج اختصاصه واستهداف واضح ومقصود لكل من المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات بسحب الاختصاصات الأصلية والتقليدية الموكولة إليهما دون أي موجب بالرغم مما برهنتا عليه من حياد وكفاءة خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة ومنها الاستحقاق الرئاسي لسنة 2019 وهو ما شهد به الجميع داخل تونس وخارجها".

جمعية القضاة: اتهامات مغلوطة وعارية عن الصحة وردت في وثيقة شرح الأسباب المصاحبة لمشروع تنقيح القانون الانتخابي ومقترح التنقيح يمثل تدخلاً فادحًا في سير عمل القضاء وتلاعبًا باختصاصاته

وأدان المكتب التنفيذي، "بشدة" ما ورد بوثيقة شرح الأسباب المرافقة لمقترح تنقيح القانون الانتخابي مما وصفها بـ "الاتهامات المغلوطة والعارية عن الصحة موجهة إلى قضاة المحكمة الإدارية بخرق مبدأ الحياد وواجب التحفظ والإفصاح عن قرارات مستقبلية في اتجاه معين قبل التعهد أصلاً بأي قضية"، معبرًا عن "دهشته من التجاء أصحاب المبادرة التشريعية لأسلوب التشويه وتزييف الواقع من أجل التسويق لمبادرتهم".

وأوضح أن "ما قامت به المحكمة الإدارية بعد إصدار قراراتها في طعون الترشحات للانتخابات الرئاسية بنشر تلك القرارات وما ترتب عليها من شرح ومن بلاغات إعلامية إنما يندرج في إطار الإعلام القضائي والممارسات الفضلى للشفافية التي استقر عليها عمل المحكمة بتوضيح كل ما يتطلب التوضيح في أعمالها للرأي العام خاصة بشأن استحقاق وطني بمثل الاستحقاق الانتخابي الرئاسي درءًا لكل التباسات، مؤكدًا أن ذلك "يدخل ضمن واجبها إزاء الرأي العام في دولة القانون والنظام الديمقراطي ولا يمس بأي شكل من الأشكال من حيادها بل يقوي الثقة العامة في القضاء وفي نزاهة أعماله".

كما بيّن أن "التوجه نحو سحب الاختصاصات المعقودة أصلاً لكل من المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات وإسنادها إلى القضاء العدلي يأتي بعد أن عمدت السلطة السياسية إلى رفع كل الضمانات المؤسساتية على القضاة العدليين بحل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي وإعفاء 57 قاضيًا وقاضية وتجميد أعمال المجلس المؤقت للقضاء العدلي، وفي ظرف استأثرت فيه وزارة العدل بإدارة المسارات المهنية للقضاة العدليين باستعمال آلية مذكرات العمل يوميًا بشكل تعسفي وانتقامي في النقل المكثفة وتشكيل الدوائر وتوزيع العمل داخل المحاكم في استهداف وترهيب للقضاء العدلي مما سيؤدي في كثير من الحالات إلى خضوعه لإرادة السلطة التنفيذية وإلى تحكمها فيه وفي قراراته وأحكامه وتوجيهها حسب برامجها وأهدافها السياسية واستغلال جميع ذلك للتأثير في المسار الانتخابي وفي الرقابة عليه وفي نتائجه".

جمعية القضاة: هذه المبادرة التشريعية تهدف إلى إلغاء نجاعة الرقابة القضائية على نزاعات الترشح ونزاعات نتائج الانتخابات

واعتبر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين أن "التعلل بضمان وحدة الإطار القضائي الذي يتعهد بالنظر والبت في النزاعات الانتخابية للتسويق للمبادرة التشريعية لا يُخفي الغاية الحقيقية منها نظرًا إلى الاختلاف في الاختصاصات الموكولة لكل من المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات اختلافًا جوهريًا وعدم وجود أي ترابط بينها يبرر إسنادها لجهة قضائية واحدة فضلاً على عدم وجود أي علاقة للقضاء العدلي بالنزاعات الانتخابية يبرر سحبها من القضاء الإداري المختص بحكم طبيعته بالنظر في النزاعات الانتخابية ومن القضاء المالي المختص بحكم تكوين قضاته في النظر في تمويل الحملات الانتخابية وإسنادها إليه".

وشدد على أن "هذه المبادرة إنما تهدف إلى إلغاء أية نجاعة للرقابة القضائية على نزاعات الترشح ونزاعات النتائج وعلى تمويل الحملات الانتخابية بسحبها من الجهات القضائية المختصة فيها طبيعيًا ومن القضاة المختصين والمشهود بكفاءتهم فيها وإسنادها لقضاة غير مختصين كما ترمي بالنتيجة لتوظيف القضاء العدلي لأهداف وتوجهات السلطة السياسية".

وأكد أن "مقترح التنقيح يمثل تدخلاً فادحًا في سير عمل القضاء وتلاعبًا باختصاصاته ولا يمكن أن يكون على علاقة بضمان سلامة المناخ الانتخابي وحمايته من المنزلقات والمخاطر مثلما ورد بوثيقة شرح أسبابه وإنما سيؤدي حتمًا إلى التشكيك في المسار الانتخابي وفي شرعيته ونزاهته وشفافيته وفي نتائجه".

جمعية القضاة: ندعو السلطة السياسية إلى سحب مشروع القانون وأعضاء البرلمان إلى التصدي له نظرًا لمخالفته لمبادئ دولة القانون ومبادئ الديمقراطية

ونبّه المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، إلى أن "خطورة هذه المبادرة التشريعية تكمن في التأسيس مستقبلاً للتدخل التشريعي لإلغاء أحكام القضاء للأقضية الثلاثة والتحلل من تنفيذها كلما لم توافق أغراض السلطة السياسية وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للاعتباط والتعسف وما يزيد في تقويض أسس دولة القانون التي تقوم على التزام الدولة بتنفيذ أحكام القضاء لتلزم كل المؤسسات وكل الأفراد بها وبعلوية القانون الذي تفصل فيه المحاكم عند النزاع بالنطق بالأحكام وليس بالتدخل التشريعي من السلطة السياسية".

وطالب المكتب التنفيذي لجمعية القضاة السلطة السياسية بسحب مشروع القانون، كما دعا أعضاء البرلمان التونسي إلى التصدي له وعدم المصادقة عليه، نظرًا "لمخالفته لمبادئ دولة القانون ومبادئ الديمقراطية وأسس النظام الجمهوري ومساسه الفادح بالاختصاصات الأصلية والتقليدية الموكولة لكل من القضاء الإداري والقضاء المالي ولما له من تداعيات خطيرة على سلامة المسار الانتخابي وعلى موقع القضاء وهيبته وفاعليته في دولة القانون كحكم محايد في فض النزاعات بالطرق السلمية بين الفرقاء وفي إقرار السلم المجتمعي".

وفي ختام بيانه دعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسية، "كافة مكونات المجتمع التونسي إلى اليقظة والتنبه إلى خطورة مشروع تنقيح القانون الانتخابي المعروض على مجلس نواب الشعب وتداعياته والعمل بكافة الوسائل السلمية والمشروعة للتصدي له والحيلولة دون تمريره والمصادقة عليه"، وفق نص البيان.

يذكر أن مقترح القانون الذي تقدمت به مجموعة من نواب البرلمان التونسي، الجمعة 20 سبتمبر/أيلول 2024، والمتعلق بتنقيح القانون الانتخابي بما يغيّر الجهة التي تستقبل الطعون في نزاعات الانتخابات إلى محكمة الاستئناف بدل المحكمة الإدارية، قد أثار جدلًا واسعًا في تونس، حيث اعتبر نشطاء مدنيون وسياسيون وحقوقيون أنّ مقترح القانون هو مزيد من الإمعان في "الخروقات والتجاوزات والانتهاكات" التي تقترفها السلطة.

كما عبّرت عديد الأحزاب والمنظمات الناشطة في تونس عن رفضها لمشروع تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية، واعتبرت أن هذه الخطوة "تكتسي خطورة كبيرة" وهي بمثابة "اعتداء سافر على استقلالية السلطة القضائية"، كما أنها تمثّل "محاولة لترذيل عمل المحكمة الإدارية عبر محاولة إقصائها".

ويشار إلى أنه من المنتظر أن تعقد لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي جلسة للنظر في مقترح قانون أساسي يتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وفق ما جاء في رزنامة العمل البرلماني، تستهل بالاستماع إلى ممثلي النواب المبادرين، وعددهم 34 نائبًا، على أن يتم بعد ذلك الاستماع إلى ممثلي وزارة العدل التونسية.

 

واتساب