24-سبتمبر-2024
فلاحون يجدّدون مزارع التين الشوكي في تونس

غراسات التين الشوكي في تونس تعتبر رافدًا تنمويًا مهمًا في المناطق الريفية المهمشة

 

بعد فترة ركود عانت منها مزارع التين الشوكي في أغلب الولايات التونسية بسبب الحشرة القرمزية، انطلق بعض الفلاحين في تجديد زراعة تلك الثمرة التي تمثل مصدر رزق لعدد كبير من سكان المناطق المهمشة، وأساس عدّة صناعات لمواد التجميل.

ومنذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الحالي، انطلق بشير بن صالح أحد الفلاحين في ولاية القيروان (وسط غربي) في زراعة التين الشوكي لتجديد مزارعه بعد أن أصيبت جميعها بالحشرة القرمزية. وقد كلفه المشروع قرابة الخمسة آلاف دينار فقط، ليغطي كلفة شراء ألواح التين "الضلف"، واليد العاملة ومصاريف إمدادات المياه لسقي المزروعات الجديدة، إضافةً إلى الأسمدة.

بعض الفلاحين انطلقوا في عملية تجديد غراسات التين الشوكي التي تمثل مصدر رزق لعدد كبير من سكان المناطق المهمشة بعد أن فتكت بها الحشرة القرمزية 

كلفة يقول بشير "إنّها ليست باهظة، خصوصًا وأنّ كفوف التين كما يسمونها ألواح التين، لا تكلفهم الكثير من المال لأنّها تُجمع من المزارع التي لم تسجل فيها أي إصابات بالحشرة القرمزية. كما أن أغلب الفلاحين يمنحونها لغيرهم دون ثمن".

 

التين الشوكي

 

ويضيف أن "أكثر من 80 بالمائة من مزارع التين الشوكي أصيبت بتلك الحشرة، وبعض الفلاحين قاموا بإتلاف حقول التين المصابة عبر ردمها، لأنه الحل الأمثل للقضاء على انتشار الحشرة. ومع ذلك لا تزال آلاف الهكتارات من شجيرات التين مصابة في تلك الجهة، دون أن يتم التعامل معها بسبب تكلفة إتلاف مئات الهكتارات المصابة".  

فلاح لـ"الترا تونس": أكثر من 80 بالمائة من مزارع التين الشوكي أصيبت بالحشرة القرمزية ولا تزال آلاف الهكتارات من شجيرات التين مصابة في القيروان

ربما يبدو التين الشوكي لدى البعض مجرد نبتة صحراوية تتحمل جميع الظروف الطبيعية دون عناية، ولكن بعض الفلاحين باتوا يؤكدون اليوم أنّ هذه الغراسات أصبحت تتطلب عناية خاصة، حتى لا تفقد تونس تلك الثمرة التي وإن كانت لها فوائد صحية كبيرة، فإنّها تعتبر رافدًا تنمويًا مهمًا في المناطق الريفية المهمشة، خصوصًا وقد باتت توفر يدًا عاملة فلاحية وصناعية على حد سواء بعد انتشار مصانع الزيوت ومواد التجميل المستخرجة من هذه الثمار.

  • تجديد مزارع التين الشوكي

ومن جهته يشير عبد الكريم بوجمعة، أحد الفلاحين في ولاية سليانة (شمال غربي)، إلى أنّه "يمكن زراعة تلك الفاكهة خلال فصل الخريف وانطلاقًا من شهر سبتمبر/أيلول، إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. إضافةً إلى زراعتها خلال فصل الربيع بداية من شهر مارس/آذار إلى شهر ماي/أيار". مبينًا أنّها "ثمرة يمكن زراعتها في كامل مناطق الجمهورية، لأنّها تتحمل مختلف الظروف المناخية، ولاسيما الجفاف وارتفاع درجات الحرارة".

فلاح لـ"الترا تونس": حتى تنجح عملية التجديد يجب أن يكون المزارعون على دراية بكيفية زراعة كفوف التين الشوكي ولا بدّ من المداواة حتى لا تصاب مرة أخرى بالحشرة القرمزية 

كما أشار إلى أنّ زراعة تلك الثمرة تبدأ بعملية حرث الأرض وتجهيز صفوف طويلة، على أن تكون المسافة الفاصلة بين كل سطر حوالي مترين أو أكثر. ويقع قص كفوف التين الشوكي التي تجاوز عمرها السنة، ثم تحفظ في مكان رطب حتى لا تجف، ومن ثمة تتم زراعتها في الأرض بانتظام. وفي مرحلة أخيرة يتم سقي الكفوف مرة في الأسبوع أو كل عشرة أيام، على أن يكون الري خفيفًا، كي لا تتعفن".  

ويضيف عبد الكريم "حتى تنجح عملية التجديد يجب أن يكون المزارعون على دراية وذوو خبرة بكيفية زراعة كفوف التين الشوكي، وكيفية القيام بعملية التسميد، التي تتطلبها خصوصًا في البداية، ولكن يجب أيضًا مداواتها باستمرار حتى لا تصاب مرة أخرى بالحشرة القرمزية التي لم يقع القضاء عليها نهائيًا بعد".

 

التين الشوكي 3

 

  • إنقاذ قطاع التين الشوكي يستوجب تظافر جهود الجميع 

وبحسب معطيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة، فإنّ مساحة التين الشوكي تقدر في تونس بـ600 ألف هكتار منها 400 ألف هكتار صنف أملس و200 ألف هكتار صنف شوكي، وتمتد هذه الغراسات على 143 ألف هكتار من الأراضي الزراعية المهيكلة، وتعود ملكيتها إلى نحو 150 ألف فلاّح.

أما ظهور الحشرة القرمزية في تونس فيعود إلى عام 2021، وأكدت وزارة الفلاحة التونسية أن تلك الحشرة تعد من "الآفات الخطيرة بالنسبة لغراسات التين الشوكي إذ أنها تلحق أضرارًا بليغة بهذه الغراسات لكونها تمتص نسغ أو عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئًا فشيئًا لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة".

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: إنقاذ قطاع التين الشوكي يستوجب تدخل جميع الأطراف للحد من الخسائر الناجمة عن انتشار الحشرة القرمزية

وقد أكد منتدى الحقوق في التقرير السنوي، الذّي أصدره، قسم العدالة البيئية والمناخية خلال شهر أفريل/نيسان المنقضي، أنّ آفة الحشرة القرمزية تخطت أشواطًا بفعل " بطء" و"عدم نجاعة " التدخلات الرامية لإحتواء انتشارها.

واعتبر المنتدى في تقريره بأنّ "الوضع الحالي لقطاع التين الشوكي، الذي يعد قطاعًا واعدًا واستراتيجيًا في الاقتصاد الوطني ورافدًا تنمويًا مهمًا في المناطق الريفية المهمشة، يستوجب تدخل وتظافر جهود جميع الأطراف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والحد من الخسائر الناجمة عن انتشار الحشرة القرمزية بسبب التغيرات المناخية".

 

التين الشوكي 2

 

وشدّد على أنّه "من الضروري تمكين المتساكنين وفلاحي المناطق المتضررة من الدعم اللوجيستي اللازم للتصدي لهذه الآفة والعمل على عزل المناطق غير الموبوءة لحمايتها، كما يجب الأخذ بتوصيات الخبراء وتعميمها على مهني القطاع بشأن تقليم التين الشوكي غير المصاب ومراقبته، خاصّة، في فترة الشتاء من أجل التدخل السريع لتطويق البؤرة وأخذ التدابير اللازمة للحد من انتشار الحشرة".

ويذكر أنّ مكتب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بتونس، أكد خلال شهر جوان/يونيو الماضي أنّ تونس تسلمت زهاء 100 حشرة دعسوقة بهدف القضاء على الحشرة القرمزية التي تفتك بنبات التين الشوكي.

وتأتي هذه الدفعة من حشرة الدعسوقة إثر طلب تقدمت به وزارة الفلاحة التونسية من أجل الحصول على المساعدة التقنية لمكافحة انتشار الحشرة القرمزية.

 

واتساب