الأندية العربية تهيمن على رابطة أبطال إفريقيا حضورًا وتتويجًا

يتواصل إقبال الجماهير الرياضية في تونس والجزائر ومصر والسودان والمغرب على متابعة الأندية الممثّلة لها في مسابقة دوري أبطال إفريقيا. اللافت أنّ الأندية العربيّة قد تخطّت رهان المشاركة والفوز بالألقاب إلى مرتبة الهيمنة المطلقة حضورًا وتتويجًا حتّى أصبحت العلاقة بين الدالّ والمدلول اعتباطيّة، فكدنا نسمي هذه التظاهرة الإفريقيّة "دوري أبطال عرب إفريقيا"، ولنا في الأرقام والإحصائيّات خلال المواسم الأخيرة ما يقوم دليلًا.

• أندية مصر والمغرب وتونس تتربّع على العرش الإفريقي

الناظر في سجلّ الألقاب الإفريقيّة في مسابقة دوري الأبطال في نسخته القديمة والراهنة واجد هيمنة إجماليّة من الأندية العربيّة، فقد واصلت مصر تربّعها على عرش هذه المسابقة من خلال الإحراز على ثمانية عشر لقبًا توزعت بين الأهلي (12) والزمالك 5 والإسماعيلي (1).

يحتلّ المرتبة الثانية المغرب الأقصى بسبعة ألقاب يتقاسمها الرجاء (3) والوداد (3) والجيش الملكي (1).

في حين تحلّ تونس في المرتبة الثالثة (تساويًا مع جمهورية الكونغو الديمقراطية) بستّة تتويجات، أربعة للترجي الرياضي وكأس للنجم الساحلي ولقب للنادي الإفريقي.

 هيمنة الأندية العربيّة قد ساهمت فيه في كلّ بلد ثلاثة أندية غير أنّه في تونس يكاد الترجي الرياضي يحمل وحده عبء المراهنة على التتويجات الإفريقية

من خلال هذه الأرقام، يتّضح أنّ هيمنة الأندية العربيّة قد ساهمت فيه في كلّ قُطر ثلاثة أندية غير أنّ التفاصيل الدقيقة تكشف أنّ الترجي الرياضي التونسي يكاد يحمل وحده في تونس عبء المراهنة على التتويجات الإفريقية، في المقابل اكتفى أبناء  باب الجديد بلقب يتيم يعود إلى سنة 1991 في موسم الرباعيّة وفق توصيف أحبّاء الأحمر والأبيض، ولا يختلف النجم الساحلي عن النادي الإفريقي في طول صومه عن التتويج فقد ذاق طعم هذا اللقب مرة واحدة سنة 2008.

• الإسماعيلي والمولودية والنادي الإفريقي.. فخامة البدايات ومتلازمة السبق إلى التتويج

مُراجعة سِجلّ الألقاب الإفريقيّة في دوري أبطال إفريقيا تكشف لنا أنّ الإسماعيلي المصري قد ساهم في كسر هيمنة منتخبات وسط إفريقيا وجنوبها على هذه المسابقة، فقد ظلّ اللقب حكرًا على منتخبات  الكامرون ومالي والكونغو الديمقراطية من سنة 1964 إلى سنة 1968 قبل أن يتمكّن الإسماعيلي من خرق هذه القاعدة، فنال اللقب العربي الأوّل سنة 1969 معطلًا فريق تي بي مازمبي عن نيل لقبه الثالث تواليًا بعد فوزه به سنتي 1967 و1968. 

ثمّ عادت الهيمنة للأندية غير العربيّة إلى سنة 1976، تاريخ نيل مولوديّة الجزائر لقبها الأوّل والأخير في هذه المسابقة، وتواصل الأمر على ما هو عليه إلى سنة 1981 تاريخ فوز فريق شبيبة القبائل الجزائري بلقبها الأوّل، سيتبعه ثانٍ سنة 1990. 

ثمّ تبدأ بوادر الهيمنة العربيّة انطلاقًا من 1982 مع الأهلي ثمّ الزمالك 1984 ثمّ الجيش الملكي (1985) ثمّ الزمالك من جديد (1986) فالأهلي مرة أخرى (1987) فوفاق سطيف (1989). ولم تذق تونس طعم التتويج إلا سنة 1991 مع زملاء عادل السليمي وفوزي الرويسي، أي بعد 27 سنة من بداية المسابقة.

اللافت في هذه التفاصيل أنّ الأندية العربيّة التي افتتحت باب التتويج الإفريقي لبلدانها قد اكتفت بلقب واحد فقط ذاك شأن النادي الإسماعيلي (1969) ومولوديّة الجزائر (1976) والجيش الملكي (1985) والنادي الإفريقي (1991).

لعنة البدايات ومتلازمة السبق إلى التتويج لم تقتصر على الأندية العربيّة فقط فقد أصابت أندية إفريقيّة أخرى أهمّها أوريكس دولا أوّل فائز باللقب ( 1964) الذي نجمه، وقس على ذلك ملعب أبيدجان المتوّج الثاني (1986) الذي غاب عن هذه المسابقة مدّة نصف قرن ولم يعد إليها إلّا سنة 2024.

• 2025 موسم الهيمنة العربية المطلقة

من آيات الهيمنة العربية على مسابقة دوري أبطال إفريقيا بلوغ ستّة أندية من ثمانية إلى الدور ربع النهائي في نسخة 2025، الأهلي وبيراميدز من مصر والترجي الرياضي من تونس والجيش الملكي من المغرب والمولودية من الجزائر والهلال من السودان، وقد أثمرت القرعة مواجهتين عربيّتين خالصتين الأولى تجمع  بيراميدز المصري ضد الجيش الملكي المغربي، والثانية يلاقي فيها الأهلي المصري الهلال السوداني ممّا يضمن للعرب مقعدين على الأقلّ في النصف النهائي.

ما يمكن تسجيله أنّ الترجي والأهلي يتسلّحان في نسخة 2025 بالخبرة والتجربة الطويلة واستمراريّة الحضور في نهائيّات هذه المسابقة، أمّا الجيش الملكي والمولوديّة فحافزهما الحنين والرغبة في استعادة المجد التليد، في حين يسعى الهلال السوداني وبيراميدز إلى نحت اسميهما في السجل الذهبي لدوري أبطال إفريقيا لأوّل مرّة.

الترجي والأهلي يتسلّحان في نسخة 2025 بالخبرة واستمرارية الحضور في نهائيات رابطة الأبطال، أمّا الجيش الملكي والمولودية فحافزهما الحنين والرغبة في استعادة المجد التليد

هذه  المعطيات تعزّز القول إنّ دوري أبطال إفريقيا قد تحوّل إلى ما يمكن نعته دوري أبطال شمال إفريقيا، فقد أصبح التتويج بهذا اللقب عربيًّا خالصًا منذ سنة 2017، الوداد الرياضي 2017، الترجي 2018 و2019، الأهلي 2020 و2021، الوداد الرياضي 2022، الأهلي 2023 و2024. وقد توجت الأندية العربيّة هيمنتها الإفريقية من خلال مشاركة ثلاثة أندية من أربعة في كأس العالم للأندية FIFA Club World Cup المزمع إجراؤها في ميامي بالولايات المتحدة بين 14 جوان/يونيو و5 جويلية/يوليو 2025.

• الترجّي وأمل اللقب الخامس

شكّلت العشريّة الثانية من القرن الحادي والعشرين منعرجًا إيجابيًّا بالنسبة إلى الترجي، فبعد أن أعرضت الألقاب الإفريقيّة عن "غول إفريقيا" منذ 1994، انصاعت إليه من جديد سنوات 2011 و2018 و2019 فتزامنت الثورة الاجتماعية والسياسية في تونس سنة 2011 مع ثورة الأحمر والأصفر كرويًّا وقاريًّا.

ظلّ أحبّاء المكشخة في تطلع لا يفتر إلى اللقب الخامس منذ 2019، لكنّ النتائج كانت مخيّبة بانسحابه منذ الربع النهائي سنتي 2020 و2022 (ضدّ الزمالك ووفاق سطيف) ومن النصف النهائي سنة 2021 ضدّ الأهلي وتواصل الإخفاق في مواجهة نفس الفريق في نهائي 2024.

• كأس الاتحاد الإفريقي بنكهة عربيّة 

الأرقام والإحصائيّات والنسب التي تؤكّد هيمنة العرب على دوري أبطال إفريقيا تنطبق على كأس الاتحاد الإفريقي التي بدأت منافساتها سنة 2004، فالمراتب الثلاثة الأولى من حيث عدد التتويجات يحتلّها النادي الصفاقسي بثلاثة ألقاب (2007، 2008، 2013)، يحلّ في المرتبة الثانية بلقبين النجم الساحلي (2006، 2015) ونهضة بركان (2020-2022) والرجاء الرياضي (2018-2021)  والزمالك (2019، 2024) ولا يشاركهم في هذا الرقم من غير العرب غير "تي بي مازبمبي من الكونغو الديمقراطية" (2016، 2017). 

وتتأكد هذه الهيمنة من خلال نسخة 2025 فقد بلغت الدور ربع النهائي خمسة فرق عربيّة من ثمانية (الزمالك، المصري البورسعيدي، نهضة بركان، شباب قسنطينة، اتحاد العاصمة)، وقد تبيّن من خلال مباريات الذهاب أنّ التتويج يلوح قريبًا من أحد الأندية العربيّة خاصّة نهضة بركان العائد بانتصار ثمين ضدّ أساك ميموزا في ملعب فيليكس هوفريت بوانيي بالكوت ديفوار (0-1)، وقس على ذلك المصري البورسعيدي المتفوّق على سيمبا التنزاني (2-0) ويشرف على هذين الفريقين المغربي والمصري المدرّبان التونسيّان معين الشعباني وأنيس بوجلبان.

تتأكد هيمنة العرب على كأس الاتحاد الإفريقي من خلال نسخة 2025 فقد بلغت الدور ربع النهائي خمسة فرق عربيّة من ثمانية

فصل المقال، حقّ القول إنّ الأندية العربيّة قد حوّلت المسابقات الإفريقيّة إلى منافسات بنكهة عربيّة خالصة، وقد يرجع الأمر إلى ثلاثة أسباب:

• هجرة اللاعبين الأفارقة غير العرب مبكّرًا للاحتراف بالخارج
• شغف الجماهير العربيّة بكرة القدم ما انفكّ يتزايد من سنة إلى أخرى لأسباب يمكن تفصيلها في سياقات أخرى.
• تشهد الدول العربيّة في شمال إفريقيا استقرارًا أمنيًّا واقتصاديًّا أفضل نسبيًّا من جلّ الدول الإفريقيّة في الوسط والجنوب.