اقتصاد

إلغاء المناولة في تونس.. جدل متواصل

23 مايو 2025
مناولة
كان البرلمان قد صادق على قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في تونس (صورة توضيحية)
فريق التحرير
فريق التحرير

مازال القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، يثير الجدل في تونس، حتى بعد مصادقة البرلمان التونسي عليه برمّته دون رفض، فجر يوم الأربعاء 21 ماي/أيار 2025. وهو القانون الذي أسال أيضًا حبرًا كثيرًا قبل عرضه على المصادقة، وعرف أخذًا وردًا بين عديد الأطراف.

وقد اعتبر الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، من جانبه، أنّ "إلغاء المناولة مكسب للعمال حتى وإن تكرر المشهد مع الاتفاقات السابقة في القطاع العمومي والذي تنكرت له الدولة لاحقًا.. سنين القهر والاستغلال للعاملات والعمال تستحق الفرح مهما كانت النتيجة مستقبلًا"، وفقه.

وأضاف: "صاحب العمل لن يقلقه كثيرًا إلغاء المناولة لأن عملية التكيف بالنسبة له غير معقدة: الأجور المبرمجة لعشرة أشهر يعاد توزيعها على 12 شهرًا ويدّخر الشهرين المتبقيين لمنحة الطرد التي عليك أن تلهث سنوات في المحاكم لتتمكن من تحصيلها".

رمضان بن عمر: إلغاء المناولة مكسب للعمال لكنه لن يكون إنجازًا إلا إذا كان في إطار تصور مكتمل حول العمل اللائق بكل أبعاده.. والامتحان الأول سيكون للدولة

وقال: "إلغاء المناولة مكسب للعمال لكنه لن يكون إنجازًا إلا إذا كان في إطار تصور مكتمل حول العمل اللائق بكل أبعاده.. الامتحان الأول سيكون للدولة وهي من أكبر مستهلكي هشاشة التشغيل التي عليها الإسراع بتسوية كل الوضعيات الهشة في القطاع العمومي".

وخلص بن عمر إلى أنّه "بالنسبة للقطاع الخاص في ظل ضعف التمثيل النقابي، ستظل جدوى القانون محدودة خاصة وأن الدولة نفسها لا تعطي المثال في احترام قوانينها"، معربًا عن تضامنه مع "العاملات والعمال الذين سيواجهون في الأيام القادمة واقعًا غير الذي تم تزيينه في الخطاب السياسي"، على حد قوله.

 

 

أما وزير التكوين المهني والتشغيل السابق، فوزي بن عبد الرحمان، فقد أكد أنّ "قانون تجريم المناولة هو إجابة خاطئة لسؤال مخطئ الطرح. هذا البرلمان التابع لسلطة الرئيس لا يعبر عن تطلعات الشعب التونسي بكل فئاته ولا يسمح حتى في صلبه بإدارة حوار جدي حول القضايا المطروحة وخاصة الاقتصادية فيها"، وفقه.

فوزي بن عبد الرحمان: قانون تجريم المناولة هو إجابة خاطئة لسؤال مخطئ الطرح.. وفشل هذا القانون سيكون في إحصائيات التشغيل القادمة

وأضاف: "فشل هذا القانون سيكون في إحصائيات التشغيل القادمة.. وأرجو أن تكون للبعض بعض النزاهة الفكرية للتقييم.. ولو أن التقييم ثقافة أجنبية في ربوعنا، اليوم هناك مسائل تحتاج للتقييم، من بينها قانون الشركات الأهلية وقانون الشيكات" وفق قوله.

 

 

أمين عام حزب التيار الشعبي (المساند للرئيس قيس سعيّد) زهير حمدي، أكد من جانبه، أنّ "القوانين وحدها لا تغير المجتمع. وحتى وإن كانت شرطًا لازمًا لوضع أسس التغيير وأحد أدواته فإن اتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون التأثيرات السلبية للنصوص على المجتمع والاقتصاد والفاعلين الاقتصاديين مسألة حاسمة في تحقيق النص لأهدافه ومراميه وإلا سيتحول إلى نقطة ضعف ومصدرًا لعديد المعضلات المضافة".

زهير حمدي: تعديلات مجلة الشغل وإلغاء المناولة قرار جريء لا جدال فيه ولكنه لم يأخذ مداه في النقاش بين مختلف الفاعلين وهو ما سوف تنجر عنه بالضرورة عديد التداعيات السلبية

واعتبر أنّ "قانون الشيكات الجديد أحد هذه النماذج حيث كان مطلبًا لجزء كبير من الرأي العام لكن الممارسة أعطت نتائج عكسية حيث عطل بشكل كبير الحركة الاقتصادية والتجارية وأدى إلى توقف الاستهلاك كأحد محركات النمو وبالتالي توقف الإنتاج مما سيؤدي إلى انكماش اقتصادي.." وفقه.

وفي هذا السياق، أشار إلى أنّ "تعديلات مجلة الشغل وإلغاء المناولة قرار جريء لا جدال فيه ولكنه بدوره لم يأخذ مداه في النقاش بين مختلف الفاعلين وهو ما سوف تنجر عنه بالضرورة عديد التداعيات السلبية على المؤسسات وعلى الاقتصاد ككل، غير أن الحد من هذه التأثيرات مازال ممكنًا من خلال اتخاذ ما يتعين من إجراءات وقرارات في الغرض.. وهذه المهمة ليست من مشمولات الإدارة وحدها لإنها الأقل دراية بالواقع الملموس بل تتطلب تشريك كل الفاعلين الاقتصاديين وخبراء الاقتصاد" وفق تقديره.

 

أما النائب السابق خالد شوكات، فقد دوّن من جانبه بخصوص قانون منع المناولة، بقوله إنّ "الجهة التي تقدمت بمشروع القانون، والنواب لم يقدموا بعض المعطيات.. فلا أحد أخبرنا مثلاً عن عدد شركات المناولة الموجودة في بلادنا، ولا عدد الشغالين بالمناولة وكم تمثّل نسبتهم إلى نسبة الأجراء في القطاعين العام والخاص.. حتى نعرف فعلًا حجم الظلم المسلط على هذه الفئة، وكيف أن هذا القانون سيساعد فعلًا في رفع المظلمة.. ما أخشاه.. أن هذه النسبة لا تتجاوز حتى 1% من حجم الشغيلة، وأن كل ما سيفعله هذا القانون أن 90% من شركات المناولة ستختفي في غضون ثلاثة أشهر، ولكن دون استفادة تذكر ممن كانت تشغلهم هذه الشركات، بل إن اكثرهم سيتم الاستغناء عنهم" وفقه.

خالد شوكات: ما أخشاه هو أن كل ما سيفعله هذا القانون، أن يجعل 90% من شركات المناولة تختفي في غضون ثلاثة أشهر، ولكن دون استفادة تذكر ممن كانت تشغلهم هذه الشركات، بل إن اكثرهم سيتم الاستغناء عنهم

"أخشى أن لا يكون هناك شغل، حتى يصبح قانون الشغل ضرورة حينها، تمامًا كما لم يكن في عديد البلدان لقانون منع الرق تأثير مباشر لمدة عقود ما دام الأرقاء المحرّرين غير قادرين على ممارسة حرّيتهم.. أن تمنع المناولة في بلد قضيته الأولى البطالة المجحفة، بدا لي كمن يصرّ على جعل العدالة الاجتماعية أولوية في بلد توقّف منذ زمن عن إنتاج الثروة.. أنتج الثروة أولًا ثم لنتناقش حينها عن كيفية توزيعها، أما سوى ذلك فلن تكون السياسة سوى توزيعًا عادلًا للفقر والبطالة" وفق قوله.

 

يشار إلى أنّ البرلمان التونسي قد صادق فجر يوم الأربعاء 21 ماي/أيار 2025، في نهاية أشغال جلسته العامة، على مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة برمته بـ121 موافقة واحتفاظ 4 نواب، ودون رفض.

ووفق مجلس نواب الشعب، فإنّ هذا القانون يهدف إلى "تعزيز العمل اللائق وضمان الاستقرار المهني والاجتماعي للعمال من خلال وضع حد نهائي لعقود الشغل لمدة معيّنة، ومنع مناولة اليد العاملة التي تمثل شكلاً من أشكال الاستغلال وتهديدًا للكرامة البشرية. كما يسعى إلى سدّ الثغرات القانونية التي سمحت بالتحايل على القانون، وتكريس مبدأ التعاقد القار كقاعدة في العلاقات الشغلية، بالإضافة إلى تحقيق المساواة بين جميع العمال في الحقوق والامتيازات، إلى جانب إرساء آليات ردعية وتنظيمية لحماية الأجراء وضمان مستحقاتهم".

يذكر أنّ مشروع القانون كان محلّ جدل ومعارضة من عديد الأطراف، من بينها الغرفة النقابية الوطنية لمؤسسات الحراسة، وكان الناصر الياتوجي، العضو بهذه الغرفة، قد قال يوم الاثنين 19 ماي/أيار 2025، في تصريحه لـ"الترا تونس" إن "مشروع قانون منع المناولة يعد بمثابة العقوبة الجماعية لكل مؤسسات الحراسة وإعدامًا لها كلها دفعة واحدة".

وعبّر عن تمسك الغرفة التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بموقفها من أن "قطاع مؤسسات الحراسة يندرج ضمن مؤسسات إسداء الخدمات ولا يمكن تصنيفه ضمن أنشطة المناولة"، كما اعتبر أن "أي قانون جديد من المفترض أن يتماشى مع روح الدستور ويساهم في تحسين الوضع وليس مزيد تعقيده".

Image removed.

الكلمات المفتاحية

جربة فتحي بلعيد أفب Getty

جربة جرجيس.. الوجهة السياحية الأولى في تونس

المندوب الجهوي للسياحة: المنطقة السياحية سجلت ارتفاعًا في أعداد الوافدين بنسبة 19.7% والليالي المقضاة بنسبة 15.7%


البرلمان التونسي

بسبب "إخلالات جوهرية".. لجنة المالية تعلّق النظر في مشروع قانون غلق ميزانية 2022 

لجنة المالية والميزانية بالبرلمان: مشروع قانون غلق الميزانية لسنة 2022 لا يستجيب للشروط الشكلية والجوهرية المنصوص عليها بالقانون الذي يعدّ إطارًا تشريعيًا ودستورًا للمالية العمومية،


أزمة مالية اقتصاد تونس istockphoto

مختصة: أزمة مالية متفاقمة وسياسة تقشف صارمة في تونس

مختصة في الاقتصاد: الفائض في ميزانية الدولة خلال الربع الأول لسنة 2025 غير حقيقي ويعكس سياسة تقشف صارمة ومحدودية في تحريك عجلة الاقتصاد


ارتفاع عجز ميزان الطاقة الأولية لتونس بنسبة 10% مع موفى أفريل 2025

ارتفاع عجز ميزان الطاقة الأولية لتونس بنسبة 10% مع موفى أفريل 2025

وزارة الصناعة والمناجم والطاقة: تقلّص إنتاج تونس من النفط بـ 5% والغاز التجاري بـ 4%

جربة فتحي بلعيد أفب Getty
اقتصاد

جربة جرجيس.. الوجهة السياحية الأولى في تونس

المندوب الجهوي للسياحة: المنطقة السياحية سجلت ارتفاعًا في أعداد الوافدين بنسبة 19.7% والليالي المقضاة بنسبة 15.7%

قصيبة المديوني منتدى الحقوق
مجتمع

رصد المد الأحمر في سواحل المنستير.. وزارة الفلاحة تحذّر البحارة والمتساكنين

سبق أن طالب الأهالي ومختصون في الشأن البيئي والمناخي السلطات المعنية بالتحرك سريعًا لتفادي أي مخاطر ممكنة على صحة المتساكنين


النادي الإفريقي
منوعات

النادي الإفريقي.. فوز قائمة محسن الطرابلسي في انتخابات الهيئة المديرة

فوز قائمة محسن الطرابلسي وهي القائمة الوحيدة المترشحة لعضوية ورئاسة الهيئة المديرة للنادي الإفريقي بعد حصولها على نسبة 92.28%من الأصوات

حركة النهضة انتخابات المجالس المحلية في تونس القايدي.jpg
سیاسة

النهضة: الحكم بالسجن ضدّ الصحبي عتيق جائر وهو حكم سياسي جاهز

حركة النهضة تعتبر أن الحكم بالسجن لمدة 15 سنة ضد الصحبي عتيق ومنصف العمدوني هو "حكم سياسي جاهز وجائر"

الأكثر قراءة

1
سیاسة

أشاروا إلى "فراغ مؤسسي".. نواب يقترحون تنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين


2
مجتمع

"قافلة الصمود عادت بقوة السلاح".. وائل نوار يكشف وقائع ما حدث في شرق ليبيا


3
مجتمع

%90 من التونسيين لا يجرون فحص الزواج.. شهادات حيّة وأطباء يكشفون لـ"الترا تونس" العواقب


4
منوعات

حليب الإبل.. دواء واستثمار وثروة تونسية متعددة الاستخدامات


5
مجتمع

"كارثة بيئية" في خليج المنستير.. دعوة لإعلان حالة طوارئ بيئية وتحذير من مخاطر صحية